هآرتس الإسرائيلية تكشف أسرار "تقرير أجرانات" عن هزيمة 73
كتب - محمد عطايا:
"فشل مهني شديد"، بهذه الكلمات الثلاث، لخصت لجنة أجرانات -وهي لجنة إسرائيلية تحقق في قصور جيش الاحتلال خلال حرب أكتوبر 1973- فصلًا رئيسيًا في تقريرها عن فشل الاستخبارات الإسرائيلية "الموساد" في التنبؤ بالحرب، وذلك بحسب ما ذكرته صحيفة "هآرتس" العبرية.
وقالت الصحيفة العبرية، إنه مؤخرًا فقط، خلال البحث الذي أجراه مركز حرب يوم الغفران الإسرائيلي، تم العثور على تقرير لجنة أجرانات السري، في أرشيف جيش دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد عضو المركز البحثي العبري، أوري بار جوزيف، في تصريحات لـ"هآرتس"، أن استنتاجات تقرير لجنة أجرانات "لا لبس فيها، وتكشف أسباب فشل الموساد بشكل واضح".
كانت النتيجة النهائية للجنة أجرانات -وفقًا لهارتس- هي أن مدير الاستخبارات العسكرية السابق إيلي زيرا، أخطأ بعدم تفعيل ما تعرف بـ"الوسائل الخاصة" في الوقت المناسب، على الرغم من قدرتها البالغة في تحذير قادة دولة الاحتلال من الهجوم المصري.
وتقول وثيقة لجنة أجرانات إن "كان من واجبه (زيرا) تمكين الاتصال بهذه المصادر من أجل القيام بكل ما هو ممكن لتحديد نوايا العدو (مصر)، وإن الخطأ الذي يؤدي إلى عدم استخدام مصدر استخباراتي حيوي (الوسائل الخاصة) عندما تكون هناك حاجة ماسة إليه هو فشل مهني شديد".
الانتقادات لم تنته عند هذا الحد، حيث اعتقدت اللجنة أن زيرا ضلل القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، وذلك وفقًا لهآرتس، بما في ذلك وزير الدفاع موشيه ديان، ورئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي ديفيد العازار ورئيسة الوزراء جولدا مائير، ليعتقدوا أن "الوسائل الخاصة" نشطة بالفعل، برغم أن مدير الاستخبارات العسكرية لم يفعل ذلك.
أكدت الصحيفة العبرية أن الطبيعة الدقيقة لهذه "الوسائل الخاصة" لا تزال غير واضحة حتى يومنا هذا، ولا يوجد تعريف واضح لها، ولكنه مصطلح يستخدم للإشارة إلى خاصية في الاستخبارات العسكرية مهمة للغاية.
وتقول تقارير مختلفة، سواء في دولة الاحتلال أو في الخارج، إنها أجهزة استماع معقدة يمكنها تسجيل المكالمات الهاتفية لضباط الجيش المصري.
وذكرت "هآرتس"، أنه عشية حرب أكتوبر 1973، كان صناع القرار الإسرائيليون على يقين من أن تلك "الوسائل" ستعطي البلاد تحذيرًا لمدة 48 ساعة.
ويقول بار جوزيف "لا يمكن لأي جيش شن حرب كبرى ومعقدة دون الحفاظ على اتصال منتظم مع الوحدات القتالية في الأيام التي سبقت بدء إطلاق النار، ولأن المصريين كانوا على دراية بقدرة إسرائيل على مراقبة الراديو، عرفت الاستخبارات العسكرية أن المعلومات الحساسة لن يتم نقلها إلا عبر الهاتف، وليس عن طريق الراديو. وكان هذا هو دور الوسائل الخاصة".
"وصول ممتاز"
أخبر زيرا اللجنة أنه في اليوم الذي تولى فيه منصبه ، "بذل جهدا خاصا للاتصال بهذه المصادر ... على افتراض أن إسرائيل ستحصل في النهاية على تحذير". وأضاف زيرا أنه اعتبر المواد التي يمكن أن توفرها هذه المصادر "موثوقة بلا منازع".
ومع ذلك ، قالت الوثيقة ، "كانت المشكلة في أن الاتصال بهذه المصادر كان حساسًا للغاية". وبعبارة أخرى ، فإن استخدام الوسائل يشكل خطر فضحها.
وكشف التقرير المكون من 6 صفحات، ونقلت هآرتس مقتطفات منه، أن زيرا أخبر اللجنة اعتقاده بأنه يجب استخدام "الوسائل الخاصة" في حالات "عدم اليقين" أو "الشكوك الخطيرة" أو "عدم وجود تفسير لحدث معين" وألا المخاطرة بأن تنكشف تلك الوسائل.
فيما ذكر تقرير لجنة أجرانات، أنه منذ مطلع أكتوبر 1973، طالبت قيادات كبيرة في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، بتفعيل "الوسائل الخاصة"، إلا أن زيرا رفض.
وبرر مدير الاستخبارات العسكرية موقفه بأنه كان يريد أن ينظم ما لديه من معلومات ضخمة وهائلة جمعت في الأيام قبل الحرب، وترتيبها لعرضها على القادة، بدلًا من البحث عن معلومات جديدة.
وقالت الصحيفة العبرية، إن صناع القرار العسكريين والسياسيين قد ضللوا باعتقادهم بأن زيرا استخدم "الوسائل الخاصة".
وبحسب الوثيقة، فإن جولدا مائير شهدت أمام اللجنة، أنه كان واضحًا تمامًا لها أن زيرا يتلقى معلومات استخبارية عبر استخدام "الوسائل الخاصة".
وخلص تقرير لجنة أجرانات إلى أن مدير الاستخبارات العسكرية ضلل صانعي القرار، وقادهم إلى الاعتقاد بأن "الوسائل الخاصة" كانت تعمل، ولم تلتقط تلك الوسائل أية معلومات عن الحرب.
فيديو قد يعجبك: