هل ورط الرئيس شعبه؟.. البرازيل يتحول إلى بؤرة جديدة لتفشي كورونا
كتب - محمد عطايا:
"سيرى الناس قريبا أن هؤلاء الحكام، والجزء الأكبر من وسائل الإعلام خدعوهم بما يتعلق بالفيروس"، هكذا علق الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو، على تفشي جائحة كورونا في بلده، في الوقت الذي كانت تسجل فيه ٢٥ وفاة فقط.
بعد أقل من شهرين من تصريحاته التي أطلقها في ٢٣ مارس الماضي، قفزت أعداد الوفيات إلى ١٤ ألفًا، في وقت تتصاعد فيه الأصوات ضد بولسونارو.
التصريحات الأخيرة للرئيس البرازيلي، وإصراره على فتح البلاد رغم تفشي الفيروس، قابله رفض حكومي، وهو ما ظهر واضحا في استقالة وزير الصحة البرازيلي نيلسون تيش، اليوم من منصبه، بعد أقل من شهر من توليه الحقيبة الوزارية.
استقالة تيش، جاءت بعد فشله في السيطرة على تفشي وباء كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-١٩، خاصة وأن البرازيل، أصبحت من بين أكثر البقع الموبوئة حول العالم.
وكشفت تقارير إعلامية، أن استقالة وزير الصحة كانت نتيجة لعدم توصله لاتفاق مع الرئيس جاير بولسونارو، حول إجراءات الحد من تفشي كورونا.
لم يكن تدخل الرئيس في مهام وزير الصحة هي الأولى من نوعها، خاصة بعدما أصدر أوامره بإقالة الوزير السابق، نظرا لإصرار الأخير على غلق البلاد للحد من تفشي الفيروس.
تدخلات الرئيس البرازيلي في قرارات السلطات الصحية، وتصريحاته وقراراته الأخيرة، جعلته المسؤول الرئيسي أمام الشعب عن تردي الأوضاع الصحية في البلاد.
"مجرد خدعة"
سجلت البرازيل خلال الأيام الماضية سجلا سلبيا فيما يتعلق بعدوى كورونا والوفيات الناجمة عنها.
وبلغ العدد الإجمالي للوفيات في البرازيل وفق الإحصاءات الرسمية أكثر من 14 ألف شخص، بينما وصل عدد المصابين بالعدوى في البلاد إلى 206 آلاف.
ووفقا لبيانات جامعة جون هوبكينز الأمريكية، فإن البرازيل التي تعدد سكانها مائتي مليون نسمة أكبر الدول من حيث عدد السكان في أمريكا الجنوبية، صارت تحتل حاليا المرتبة السادسة بين دول العالم من حيث تأثرها بفيروس كورونا سواء في عدد الإصابات أو عدد الوفيات.
ورغم تلك البيانات السلبية، إلا أن الرئيس البرازيلي يرى أن خصومه ووسائل الإعلام، "تخدع" المواطنين، بشأن مخاطر فيروس كورونا.
ووصف ما تقوم به وسائل الإعلام، في تصريحات أطلقها ٢٣ مارس الماضي، أي بعد تصنيف منظمة الصحة العالمية الفيروس كوباء، من الحديث عن خطر الفيروس بـ"الهستيريا"، وقال إنها "انفلونزا صغيرة".
وقلل خلال مقابلة تلفزيونية، من خطر الفيروس، وهاجم حكام الولايات الرئيسية بعد إصدارهم أوامر بالبقاء في منازلهم وفرض الحجر الصحي.
وأضاف: "سيرى الناس قريبا أن هؤلاء الحكام، والجزء الأكبر من وسائل الإعلام خدعوهم بما يتعلق بالفيروس".
وأظهر استطلاعان للرأي، منذ شهرين، استياء واسع النطاق من سلوك بولسونارو بخصوص أزمة فيروس كورونا
- تعنت واضح واقتصاد منهار
يتمسك الرئيس البرازيلي بمطلب إعادة فتح البلاد نظرا لانهيار الاقتصاد بشكل غير مسبوق، إلا أنه دائما ما يصطدم بالسلطات الصحية في بلاده، التي ترى ضرورة الإغلاق لمنع تفشي الفيروس.
في منتصف أبريل الماضي، أقال الرئيس البرازيلي وزير الصحة لويس هنريك مانديتا بعدما اختلف معه بشأن كيفية مكافحة فيروس كورونا المستجد، ودعا الولايات مجددا إلى إنهاء أوامر البقاء في المنزل التي قال إنها تضر الاقتصاد.
وقال الرئيس البرازيلي في تصريحات تلفزيونية، إن مانديتا لا يقدر بشكل كامل ضرورة حماية الوظائف، ودعا مجددا إلى استئناف النشاط الاقتصادي.
وبينما انتقد بولسونارو الإغلاق بشدة، فقد أصدرت وزارة الصحة في عهد مانديتا توجيهات داعمة للتباعد الاجتماعي. كما ناقضت إفادات مانديتا اليومية إشادة بولسونارو بأدوية لم تثبت فاعليتها.
ويبدو أن الرئيس البرازيلي محق فيما يتعلق بانهيار الاقتصاد، حيث توقعت الحكومة انكماش الاقتصاد بأكبر وتيرة منذ أكثر من قرن مع تداعيات فيروس كورونا.
وقالت وزارة الاقتصاد في البرازيل في تقرير صادر الأربعاء، إنها تتوقع انكماش اقتصاد الدولة بنحو 4.7 بالمائة خلال العام الجاري، مقارنة مع تقديراتها السابقة بأن النمو يسجل "صفر".
ومن شأن التراجع القوي لاقتصاد البرازيل أن يكون أكبر انخفاض سنوي منذ بدء التسجيل في عام 1900.
وأضافت وزارة الاقتصاد: "سيكون لتعطيل الإنتاج والاستهلاك الناتج عن فيروس كورونا تأثيراً عميقاً على الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020".
وقالت الوزارة، إن الاقتصاد سيعود فقط إلى مستويات ما قبل الأزمة بحلول عام 2022.
كما قلصت الوزارة توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل إلى 3.2 بالمائة من 3.3 بالمائة، لكنها رفعت توقعاتها لعام 2022 إلى 2.6 بالمائة من 2.4 بالمائة.
كما خفضت وزارة الاقتصاد توقعات التضخم لعام 2020 إلى 1.8 بالمائة من 3.1 بالمائة، مما جعلها أقل بكثير من المستهدف الرسمي للبنك المركزي عند 4 بالمائة.
فيديو قد يعجبك: