"خطة الضمّ".. الاحتلال يتحدى المجتمع الدولي وفلسطين ترد بالانسحاب
كتبت – إيمان محمود
مع إحياء الذكرى الثانية والسبعين للنكبة، كانت فلسطين تقف على حافة كارثة جديدة بعد أن أعلن الاحتلال الإسرائيلي نيته في الضمّ الفعلي لأجزاء من الضفة الغربية المُحتلة، وذلك بموافقة إدارة ترامب وقبل الانتخابات الأمريكية المُقررة نهاية العام الجاري.
وتخطط إسرائيل لضمّ أكثر من 130 مستوطنة يهودية في الضفة الغربية المُحتلة وغور الأردن الذي يمتد بين بحيرة طبريا والبحر الميت، وهو ما جاء ضمن بنود خطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط والمعروفة بـ"صفقة القرن".
وحدد الاتفاق الذي تم في أبريل الماضي، بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع في الحكومة الجديدة بيني جانتس، الأول من يوليو، موعداً لبحث فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق في الضفة الغربية، دون تحديد مساحتها.
والاثنين الماضي، أكد وزير الدفاع الجديد بيني جانتس التزامه بدفع صفقة القرن قدما، وقال "أنا ملتزم ببذل كل ما في وسعي لدفع الترتيبات السياسية والسعي من أجل السلام. لقد كان السلام ولا يزال روحا ملهمة للصهيونية، وسنعمل على دفع خطة ترامب للسلام بكل ما تتضمنه".
فلسطين تردّ
وفي أول قرار للسطة الفلسطينية، أعلن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أن منظمة التحرير ودولة فلسطين، أصبحتا في حلّ من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، إضافة لما يترتب عليها من التزامات، لا سيما الأمنية، حسب ما أوردته وكالة أنباء "وفا" الرسمية.
وقالت منظمة التحرير الفلسطينية، أمس الثلاثاء، إنه على إسرائيل تحمّل جميع المسؤوليات أمام المجتمع الدولي كقوة احتلال في أرض دولة فلسطين، وبكل ما يترتب على ذلك من آثار وتبعات وتداعيات، استنادا إلى القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وبخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
وحمّلت المنظمة الإدارة الأمريكية مسؤولية الظلم الواقع على الفلسطينيين واعتبرتها شريكا أساسا مع الاحتلال.
وقال عباس -في كلمته من مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله- إنهم قرروا استكمال التوقيع على انضمام دولة فلسطين لعدد من المنظمات كانت قد أوقفت الانضمام إليها ضمن اتفاق، وأنه وقع الانضمام لبعضها يوم الاثنين.
وأكد الالتزام بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، والاستعداد للقبول بتواجد طرف ثالث على الحدود بينهما، على أن تجري المفاوضات لتحقيق ذلك تحت رعاية دولية متعددة (الرباعية الدولية +)، وعبر مؤتمر دولي للسلام، وفق الشرعية الدولية.
ودعا الرئيس دول العالم التي رفضت "صفقة القرن" والسياسات الأمريكية والإسرائيلية وإجراءاتها المخالفة للشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة معها، أن لا تكتفي بالرفض والاستنكار وأن تتخذ المواقف الرادعة وتفرض عقوبات جدية لمنع إسرائيل من تنفيذ مخططاتها، واستمرار تنكرها لحقوق الشعب الفلسطيني.
وطالب الدول التي لم تعترف بدولة فلسطين حتى الآن، الإسراع إلى الاعتراف بها لحماية السلام والشرعية الدولية والقانون الدولي، ولإنفاذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بتوفير الحماية الدولية لشعبنا في دولته المحتلة.
الجامعة العربية: "الضمّ جريمة حرب"
أكدت جامعة الدول العربية، أن إقدام الاحتلال على تنفيذ مخطط الضمّ يمثل جريمة حرب جديدة تضاف إلى السجل الإسرائيلي الحافل بالجرائم بحق الشعب الفلسطيني.
وقالت الجامعة العربية، في بيان أصدرته الأسبوع الماضي بمناسبة الذكرى 72 لنكبة الشعب الفلسطيني والذي يصادف الخامس عشر من مايو كل عام، إن الشعب الفلسطيني لن يكون وحيداً في التصدي لهذا العدوان والاستيلاء المعلن لأرض وطنه وحقوقه التي كفلتها المواثيق وقرارات الشرعية الدولية.
ونبهت الجامعة العربية إلى أن هذه الإنتهاكات الواضحة لميثاق وقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي تهدد خيار الإجماع الدولي بحل الدولتين، وإلغاء أي احتمالات لعملية سلام تفضي إلى تحقيق هذا الحل، إلى جانب خلق واقع عنصري استعماري سيقود إلى تدهور الأوضاع و تهديد الأمن والاستقرار الإقليمي و الدولي.
ودعت الجامعة العربية ، المجتمع الدولي والأمم المتحدة بأجهزتها كافة لتحمل مسؤولياتها بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، والضغط على سلطات الاحتلال لوقف عدوانها على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وضرورة العمل على إنفاذ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، بتوفير الحماية الدولية اللازمة على طريق إنهاء هذه المظلمة التاريخية بإنهاء الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه غير القابلة للتصرف في الحرية وبناء الدولة والاستقلال.
وجددت الجامعة العربية ، التأكيد على دعمها الكامل لأبناء الشعب الفلسطيني الصامد على أرضه وفي وطنه، وتشيد بنضاله وتضحياته المستمرة من أجل نيل حريته واستقلاله، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
الاتحاد الأوروبي يحذّر إسرائيل
يعتبّر الاتحاد الأوربي أن خطط إسرائيل تمثّل "انتهاكًا للقانون الدولي"، لذا رفض خطة الضمّ منذ إعلانها، مطالبًا الحكومة الإسرائيلية باحترام القانون الدولي.
وحثّ الاتحاد الأوربي، في بيان أصدره أمس الثلاثاء: "نحثّ إسرائيل على الامتناع عن أي قرار أحادي من شأنه أن يؤدي إلى ضمّ أي أرض فلسطينية محتلة، وهو الأمر الذي يشكل خرقا للقانون الدولي".
وقال وزير خارجية لوكسمبورج يان اسيلبورن: "أنا مسرور لأن 25 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي (من إجمالي 27) قد دعمت هذا الإعلان، والذي هو نتيجة لمبادرة اتخذتها في 12 مايو الجاري مع زميلي الأيرلندي سيمون كوفيني".
لكنه "أسف بشدة" لغياب دولتين في الاتحاد الأوروبي عن هذه القضية الحاسمة لمصداقية سياسته الخارجية.
ورفضت النمسا والمجر الانضمام إلى البيان خلال مناقشته في 15 مايو من قبل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، بحسب اسيلبورن.
وقال بيتر ستانو، المتحدث باسم بوريل الثلاثاء "إن الإعلان يُذكر بمواقف الاتحاد الأوروبي المتعلقة بضرورة احترام القانون الدولي ودعم حل الدولتين، بحيث تكون القدس عاصمة الدولتين المستقبلية، والسبيل الوحيد لضمان السلام والاستقرار الدائمين في المنطقة".
الأردن يحذّر من "الحرب الباردة"
العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، حذّر من إقدام إسرائيل بالفعل على ضم أجزاء من الضفة الغربية، قائلا إن ذلك سيؤدي إلى صِدام كبير مع الأردن، مضيفا أن القادة الذين يدعون لحل الدولة الواحدة لا يعلمون تبعاته.
وأضاف في مقابلة مع مجلة "دير شبيجل" الألمانية، نشرتها صفحة الديوان الملكي الرسمية، نهاية الأسبوع الماضي، أن حلّ الدولة الواحدة ما زال مرفوضاً عربيا، متسائلا في هذا الصدد "ماذا سيحصل إذا انهارت السلطة الوطنية الفلسطينية؟ سنشهد مزيدا من الفوضى والتطرف في المنطقة".
كما نقلت هيئة البث الإسرائيلية "كان" عن مسؤولين في الأردن تصريحاتهم بأن "إقدام الحكومة الإسرائيلية على تنفيذ مخطط الضم، سيؤدي إلى تضرر العلاقات الأمنية والاقتصادية بين الطرفين، وسيؤدي إلى دخول البلدين في (حرب باردة)".
وهدد المسؤولون الأردنيون، في تصريحاتهم لـ"كان"، بوقف تبادل المعلومات الاستخباراتية والتقديرات الأمنية بين الطرفين، كما سيتوقف التعاون في المسائل التي تتعلق بمصادر الغاز والمياه، بالإضافة إلى إغلاق السفارة الإسرائيلية في عمان وسحب ممثليها الدبلوماسيين من إسرائيل.
وشدد المسؤولون الأردنيون أن "الجانبين يستفيدان من اتفاق السلام الموقع (في إشارة إلى اتفاق وادي عربة) وليس جانبا واحدا فقط، لذا فمن الحماقة القول إن الأردن يحتاج إلى الاتفاق أكثر من إسرائيل"، كما أشاروا إلى إمكانية وقف العمل بموجب بعض بنوده، مستبعدين إلغاءه في هذه المرحلة.
فيديو قد يعجبك: