"هدية بن زايد".. كيف أعادت الإمارات الحياة في لاس فيجاس خلال أزمة الوباء؟
كتبت- رنا أسامة:
سلّطت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية الضوء على المساعدات التي قدّمتها دولة الإمارات لمدينة لاس فيجاس، أكبر مدن ولاية نيفادا، والتي مكّنتها من افتتاح أحد أكبر مواقع اختبارات الفيروس التاجي بالولاية، في خطوة تجعلها قاب قوسين أو أدنى من إعادة فتح اقتصادها.
وقالت الصحيفة في تقريرها المنشور على موقعها الإلكتروني إن ذلك الأمر رُبما لم يكن ممكنًا بدون التبرع بأكثر من 200 ألف مجموعة اختبار ، تصل قيمتها إلى 20 مليون دولار من دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأشارت إلى أنه في غضون أسابيع من وصول فيروس كورونا إلى لاس فيجاس، بدأ المواطنون يطالبون بإخضاعهم للفحص فيما كانت المستشفيات والمختبرات تنفذ من الإمدادات. كانت مسحات الأنف صعبة للغاية لدرجة أن بعض العيادات أُغلقت، وطلب مسؤولو الولاية المساعدة من الحكومة الفيدرالية.
ورغم تدفق المساعدات من واشنطن إلى لاس فيجاس، والذي سمح لمستشفياتها بشراء مزيد من "اختبارات كورونا"، إلا أن تبرّع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد كان له الأثر الأكبر في إنعاش المدينة الأمريكية في ظل الجائحة، وفق أعضاء من لجنة الاستجابة والإغاثة لمواجهة الفيروس التاجي في ولاية نيفادا.
وهذا الأسبوع، قال جيم مورين، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "إم جي إم" الذي يرأس اللجنة، إن "هدية" بن زايد كانت ثمرة محادثات مع مجموعة "جي 42" الإماراتية للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، وفق الصحيفة.
ومع أن المحادثات تركزت في البداية على كيفية إعادة الحفلات الموسيقية والأحداث الرياضية إلى لاس فيجاس خلال الوباء، قال مورين إن نظرائه في الإمارات أدركوا بسرعة أن ولاية نيفادا ليس لديها ما يكفي من لوازم الاختبار للمساعدة في وقف انتشار المرض.
في ذلك الوقت، لم تكن الولاية قادرة سوى على اختبار المئات، وليس الآلاف، يوميًا. وذكرت الصحيفة أن الأشخاص الذين خضعوا للاختبار حينها كانوا يتحمّلون عبء الانتظار فترات طويلة لحين معرفة النتائج؛ إذ كان يتم شحن عيناتهم خارج الولاية إلى مختبرات خاصة في ولايتي كاليفورنيا أو أريزونا، كان يُمكنها أن تستغرق أسبوعين.
ومن ثمّ، عندما يعلم مسؤولو الصحة بالولاية أن شخصًا ما ثبتت إصابته، يكون "فات الأوان" لحيلولته دون نشر العدوى.
في منتصف أبريل الفائت، منح ولي عهد أبوظبي، نيفادا، أكثر من 200 ألف مجموعة اختبار إلى جانب مواد تقنية متقدمة من مجموعة "جي 42"، وذلك بهدف تخفيف نقص المُعدات، وتوسيع نطاق الفحوص المخبرية لمكافحة كورونا، وتسريع الجدول الزمني للولاية لإعادة فتح اقتصادها.
وقال مورين إن هذه المواد التقنية من شأنها تسهيل إجراء دراسة مبتكرة حول التسلسل الجيني للفيروس المُسبب لمرض "كوفيد 19"، وتعزيز قدرات الولاية الأمريكية على إجراء مزيد من البحوث، بهدف تقليص أثره على مواطنيها وزائريها خلال فترة الأزمة.
وأضاف: "لولا الإمارات، رُبما قد نكون في مكان مختلف".
وقدّر قيمة التبرعات الإماراتية من 15 مليون دولار إلى 20 مليون دولار، على أساس معدل سداد الرعاية الطبية لمجموعات الاختبار.
وإضافة إلى الدافع الإنساني، قالت الصحيفة إن للإمارات مصلحة مالية في إنعاش لاس فيجاس. فهناك مشروع "دبي وورلد سنترال" الذي يضم نصف مجمع "سيتي سنتر" الشاسع الذي عندما افتُتح عام 2009 كان أكبر وأغلى مشروع تطوير خاص في المدينة.
ومنذ الأسبوع الماضي، سمح حاكم ولاية نيفادا ستيف سيسولاك بإعادة فتح صالونات تصفيف الشعر، والمطاعم، ومراكز التسوق الخارجية، ومتاجر التجزئة والحلاقة، مع الالتزام بإرشادات صارمة للتباعد المكاني. لكن جوهر اقتصاد الولاية - الكازينوهات والنوادي الليلية والمنتجعات والصالات التي تجعل من فيجاس وجهة دولية- لا تزال مغلقة منذ منتصف مارس.
قال مورين: "الاختبار (فحوص كورونا) ضرورة اقتصادية"، مُضيفًا: "لا أعتقد أنه بإمكاننا إعادة فتح اقتصاد مستدام في أي مكان ما لم نتمكن من تحسين ثقة المستهلك".
ومع أن نيفادا تلقت أموالاً وإمدادات من الوكالة الفيدرالية الأمريكية لإدارة الطوارئ، اعتبرت الصحيفة أنها لا تُضاهي حجم التبرعات الإماراتية أو سرعة إرسالها.
وفقًا لمسؤولي الصحة في الولاية، زوّدت وكالة إدارة الطوارئ، نيفادا، بـ 26 ألف مسحة اختبار، و 25 ألفًا و600 مكون اختبار نقل. وقال مسؤولون إن هناك مزيد من الإمدادات في الطريق، لكنها لم تصل بعد.
بالنسبة لمورين وآخرين في لجنة مكافحة كورونا في نيفادا، تمثل "الهدية" الإماراتية ثمرة العلاقات التي كوّنها قادة الأعمال في لاس فيجاس بالخارج. لكن خبراء الصحة العامة، الذين أشادوا بتلك التبرعات، نظروا إليها باعتبارها "إدانة لاستجابة الحكومة الأمريكية للوباء".
رأى جيفري ليفي، أستاذ الصحة العامة في جامعة جورج واشنطن، أن التبرع الإماراتي "يعكس فشل الحكومة الفيدرالية في النهوض بمسؤوليتها للتأكد من أنه في وقت الندرة يحصل كل مجتمع على الموارد التي يحتاجها لمواجهة لهذا الوباء".
وأضاف ليفي: "من الجيد بالنسبة إلى لاس فيجاس أنها تمكنت من العثور على هذه الموارد (بفضل الإمارات)، ولكن المجتمعات التي ليس لديها مثل هذه الأنواع من الاتصالات والإمدادات قد تواجه خطرًا أكبر نتيجة لذلك".
أشارت الصحيفة إلى أنه منذ بداية تفشي المرض، كان المركز الطبي الجامعي في نيفادا يختبر أقل من 100 شخص يوميًا فقط في وجود عدد قليل من الأجهزة التي يمكنها معالجة العينات. وعندما نفدت المسحات تقريبًا، تم الاعتماد على الإمدادات المُتبرع بها من أبو ظبي.
أما الآن، أصبح ممكنًا إجراء 5 آلاف اختبار يوميًا، وسط توقعات بإجراء ضعف هذا الرقم بحلول يونيو.
فيديو قد يعجبك: