عمرو موسى يحذّر من "الحرب الباردة".. ويقترح الحلول
(وكالات):
حذّر عمرو موسى الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، من "حرب باردة" جديدة يكون طرافاها الرئيسيان الولايات المتحدة والصين، بسبب جائحة كورونا التي يشهدها العالم.
وتحدث عمرو موسى في مقال نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، عن ثلاثة اتجاهات في الوقت الحالي، أولها قادته الإدارة الأمريكية متهمة الصين بالعديد من الممارسات البحثية والعلمية غير المنضبطة، والتي أطلقت الفيروس من عقاله.
وثانيها –على حدّ قوله- اتهام مُرسل يتعلَّق بالأبحاث الجرثومية المتعلقة بالمجال الطبي أو العسكري، وهنا فالاتهام يطال معامل الدول الكبرى، ومراكز أبحاثها السرية.
أما الاتجاه الثالث فهو "موجه إلى الإدارة الأمريكية وإن كان بطريقة غير مباشرة، حيث تحدث العديد من الخبراء عن الصلة بين تغير المناخ (الذي تنكر الإدارة الحالية وجوده) وبين تصاعد وتزايد ظهور الأوبئة المهددة للبشرية في استقرارها ورخائها، وكذلك ربما في وجودها واستمراريته".
وأكد موسى في مقاله، أن مثل هذا التوقع أو التقدير السياسي يُمهّد الطريق لنقاش حاد وربما سياسات وممارسات تشكل أرضية خصبة لــ"حرب باردة جديدة" تختلف في مبناها ومنطلقها عن الحرب الباردة التي كانت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق، وانتهت بنهاية الثمانينات من القرن الماضي.
وأوضح أن الحرب القادمة سوق تنطلق من قواعد الاختلاف الحضاري القيمي مع الصين، إلى جانب التنافس العلمي والتكنولوجي معها؛ إذ تُصرُّ دوائرُ غربية عدة على اتهام الصين بسرقة الأفكار وانتهاك حقوق الملكية الفكرية، إلى جانب المنازعات التجارية والصناعية القائمة والتحولات المترتبة عليها وآثارها على العالم كله وبصفة خاصة على الدول النامية.
وقال إن الحرب الباردة "لن تستهدف توسيع الأراضي والمناطق التي تسيطر عليها هذه القوة أو تلك، وإنما هي الأسواق التي تتفوق بها اقتصادات هذه القوة أو تلك، إلا أنَّ هذا لن يمنع أو يقلل من أهمية التنافس الاستراتيجي بين الجانبين؛ فالوجود الاستراتيجي الأمريكي القوي في آسيا، وخصوصاً في شرقها وغربها ومياهها سوف يشكل أيضاً هدفاً رئيسياً للشد والجذب بين واشنطن وبكين، وما يتصل بذلك من استعدادات عسكرية مثل انتشار القواعد والقوات المحمولة بحراً، وتجارة الأسلحة ومخترعاتها المتقدمة، والطرفان لهما باع طويل في تملك هذه الأدوات والإمكانيات والتنافس في ذلك".
واستطرد: "أضيف إلى ذلك أهمية المشروع الصيني (الحزام والطريق) الذي أكد الانتشار الصيني في أفريقيا وآسيا والاختراق لأوروبا بما فيها بعض دول أوروبا الغربية، والإعداد للتوسع نحو أميركا اللاتينية، الأمر الذي يثير أعصاب السياسة الأميركية دون أن تطرح –حتى الآن- مشروعاً منافساً".
ويتوقع عمرو موسى حدوث توترات عالية النبرة واسعة المساحة لتشمل إلى جانب ما سبق ذكره من موضوعات خلافية بدء تصاعد الاهتمام الصيني بالمشاكل القائمة في مناطق نفوذ الولايات المتحدة السياسي، وكذلك في أطر نفوذها الاقتصادي ومجالات النفوذ العلمي والتكنولوجي.
وأكد: "نعم لقد ارتفعت هامة الصين إلى مستوى أصبح يشكّل مخاوفَ حقيقية لدى الغرب كله... فقد ظهر منافس قوي بمقدوره أن يشكل مرجعية أخرى منافسة في مختلف مجالات الحياة، وعلى رأسها ما هو جديد مثل مجالات الجراثيم، والأمصال، والأوبئة، والأدوية، وكذلك الشفاء".
وأشار موسى إلى تأثير هذه الحرب على أسس التنمية في الدول النامية، مؤكدًا أهمية أن تكون هذه المجموعة الكبيرة من الدول "النامية" على يقظة جماعية كاملة بما هو قادم، وأن تعي أن حرباً باردة جديدة، وبالشكل المتوقع من شأنها أن تهدد استقرارها وفرص نمائها وآمالها في الرخاء.
وذكر "حركة عدم الانحياز" التاريخية التي دعت بنجاح إلى موقف دولي عام يقوم على الحياد بين الكتلتين الشرقية والغربية، ولكن دون محاولات جادة لجسر الفجوة وإنما لاستغلالها، مُقترحًا التفكير في دور "مجموعة السبعة والسبعين" للدول النامية بعد أن واكبت حركة عدم الانحياز وعاشت بعدها، وإن دون إنجازات تذكر.
وقال: "هذه المجموعة (الـ77) سوف تجمع الدول النامية جميعاً في مهمتها التاريخية القادمة كقوة وسط بين الدولتين العظيمتين، إلا أن منطق التنافس القادم (بين دولتين وليس كتلتين) يجعلني أقترح أن تقوم مجموعة الـ 77 بتنسيق أعمالها وحركتها مع الدول الأوروبية وروسيا، لتعمل جميعاً على إعادة بناء النظام الدولي متعدد الأطراف وترشيده، وفي نفس الوقت منع تردي التنافس بين أمريكا والصين إلى صدام لا تحمد عقباه".
كما دعا عمرو موسى إلى إعادة النظر في ميثاق الأمم المتحدة، ليشتمل على معالجة المستجدات من التحديات ودون تعويقها باستخدام "الفيتو"، وكذلك إعادة النظر في مقررات "بريتون وودز"، بهدف الترشيد والتحديث، على أساس التوافق وتحقيق المصالح العامة للجميع، وليس من منطلق الاستهداف أو الاصطفاف مع أو ضد أحد.
فيديو قد يعجبك: