بعد ستة أشهر على ظهوره .. خمس حقائق عن فيروس كورونا!
برلين (دويتشه فيله)
عند ظهور فيروس كورونا المستجد أول مرة بالصين، وجد الأطباء أنفسهم أمام عالم جديد لن ينفع معه سوى التجارب المتواصلة. وبعد نصف عام تمّ التوصل إلى عدد كبير من الحقائق على ضوئها عُدل عدد من النظريات الأولية بخصوص الفيروس.
مرت ستة أشهر على ظهور فيروس كورونا المستجد أول مرة في العالم. وكان ذلك في إقليم ووهان الصيني، وهناك أيضا تقارير أخرى تؤكد ظهور الفيروس في الصين قبل التاريخ المعلن عنه بشهرين على الأٌقل.
ولأن شهر ديسمبر هو التاريخ الذي يحظى بإجماع عدد كبير من العلماء كنقطة بداية، فإننا اليوم أمام تجربة من ستة أشهر مع هذا الفيروس، وهي مناسبة للوقوف عند المحصلة الأولى من المعارف والحقائق التي توصل إليها العلماء حول العالم، بينما الآلاف منهم منكبّون على البحث في جميع الاتجاهات في سبيل التوصل إلى اختراع مصل أو لقاح توقف هذه الجائحة. ويمكن تلخيص أهم الحقائق التي توصل إليها العلماء في خمس نقاط.
الخطورة في سرعة الانتشار
في بداية ظهور الوباء اتضح للعلماء أن "سارس كوفيد-2" وهو الاسم الرسمي للفيروس التاجي المستجد، ليس بذات الخطورة التي كان عليها فيروس سارس أو فيروس إيبولا، ومع ذلك ينتشر الفيروس بسرعة فائقة، واقتربنا اليوم من حوالي ثماني ملايين إصابة في العالم، بل حتى الصين التي أعلنت سيطرتها على الوباء منذ أسابيع، باتت تخشى من موجة ثانية وأخضعت مناطق في بيكين للحظر الشامل.
ولاحتواء خطر انتشاره، التجأت دول العالم إلى إجرءات التباعد الاجتماعي والحجر الصحي وحظر السفر، ما أثر بشكل كارثي على الاقتصادات المحلية. وبعد هذه التجربة ظهرت تجاذبات بين العلماء حول فاعلية إجراء مثل حظر السفر، فقسم يرى أنه إجراء كان لا بد منه، بينما يدعي القسم الآخر أنه إجراء ثانوي غير فعّال، ونتائج حاسمة بهذا الصدد لم تظهر إلى غاية اللحظة.
الكمامة بدورها كانت مصدر خلاف بين خبراء الأوبئة عند بداية المرض، فمعهد روبرت كوخ الألماني الحكومي إلى جانب منظمة الصحة العالمية على سبيل المثال وليس الحصر، قللا من قيمتها؛ ليتضح بعد ذلك أنها ضرورية، وهو ما أكدته لاحقا دراسات نشرت نتائجها الأسبوع الماضي في الصين وإسبانيا وألمانيا. وأكدت تلك الدراسات أن الكمامة ساهمت في تباطؤ انتشار المرض بنسبة خمسين في المائة، بعدما أقرتها السياسة في الفضاءات العامة.
"الهباء" الجوي موطن انتقال الفيروس
عند ظهور المرض حذر معهد روبرت كوخ الألماني من انتقال العدوى عبر الرذاذ أثناء الكلام أو العطس أو الكحة وكذلك عبر المصافحة واللمس، لكن النتائج التي تم التوصل إليها في الفترة الأخيرة تظهر أن "الهباء" الجوي، أي الجزئيات العالقة في الهواء، يلعب دورا أساسيا في انتقال العدوى. فالفيروس يتواجد في الهباء الجوي عندما يبدأ المصاب في الكلام. ولا تنزل قطرات اللعاب إلى الأرض كما كان معتقدا، وإنما تخرج من فم المصاب غازات تشق طريقها إلى الهباء الجوي، ما يعني أن مترا ونصف متر التي ينصح بها كمسافة للتباعد ليست كافية للحد من خطر الإصابة. إاضفة إلى أن الوقاية الضرورية هي تهوية الغرف كل نصف ساعة على الأقل.
وعند الحديث أو الغناء، فإن الجسم يفقد كمية غازات أكبر، ولهذا يرى الخبراء أن اقفال المطاعم ودور العبادة والمسارح وغيرها إجراءات ضرورية يجب الإبقاء عليها من أجل ضمان السيطرة على الوباء.
"أبطال الانتشار" مصدر العدوى
في البداية كان الاعتقاد سائدا أن كل شخص مصاب بالفيروس يمكنه نقل العدوى من شخص إلى ثلاثة. لكن نتائج تتبع انتشار العدوى في المناطق الموبووءة في العديد من البلدان، فاجأت الأطباء، لأنها كشفت على أن ليس كل شخص هو مصدر العدوى وإنما فقط من أطلق عليهم الإعلام "أبطال الانتشار" Superspreader.
لكن لماذا هؤلاء ينشرون العدوى أكثر من غيرهم؟ الجواب على هذا السؤال لم يتوصل إليه الأطباء بعد. وإلى أن يكشف الغطاء عن هذا اللغز العلمي، يشدد الخبراء على ضرورة تجميد جميع الأنشطة ذات الحضور البشري الكثيف كمباريات كرة القدم والحفلات الموسيقية وغيرها.
الأطفال العنصر المحير
أول ما لاحظه الأطباء عند ظهور الوباء هو أن إصابة الأطفال نادرة مقارنة بالبالغين. وكانت هناك مخاوف من أن الأطفال هم ناقلو العدوى خاصة إلى الجدات والأجداد.
اليوم لا يبدو أن الأطباء توصلوا إلى معارف قطعية بما يخص الأطفال. فكمية الفيروسات التي تمّ رصدها لديهم تساوي تلك المسجلة لدى البالغين. ولم يعرف بعد مدى أو هل يطور الأطفال مناعة ضد الفيروس في حال أوصيبوا به.
غير أن دراسات أجريت مؤخرا تحت رعاية قسم الأوبئة بمستشفى شاريتيه في برلين، أظهرت أن الأطفال دون 12 عاما أقل عرضة للإصابة بالمرض ونادراً جدا ما ينقلون العدوى إلى البالغين. وعلى ضوء هذه النتائج قررت العديد من الولايات الألمانية فتح أبواب المدارس الابتدائية لاستقبال التلامذة في الأسابيع الأخيرة قبيل بدء العطلة الصيفية.
كوفيد 19 له أعراض مختلفة
في الواقع 80 بالمائة من حالات الإصابة تمر بسلام وبأعراض طفيفة إلى متوسطة. وهناك حالات إصابة لم يشعر أصحابها بأي شيء على الإطلاق، لكن الـ 20 بالمائة المتبقية من الحالات تعاني أعراضا خطيرة يمكنها أن تنتهي بفشل الأعضاء كالقلب أو الرئتين أو الكليتين، وبالتالي الوفاة، بل إن الفيروس قد يهاجم أيضا الأطراف والدماغ والأنف والحلق والأمعاء.
والحالات الأكثر شيوعا هي الالتهاب الرئوي الحاد. بينما وفي إسبانيا سجلت نسبة كبيرة من أعراض تلف في الجهاز العصبي. ويحتاج المرضى عادة أربعة أسابيع على الأقل للتعافي. أما الأمراض والأعراض طويلة المدى أو المستديمة الناجمة عن المرض، فلا يزال الأطباء متحفظون عن ذكر تفاصيل بهذا الخصوص لأن الدراسات السريرية حول ذلك لا يمكن الانتهاء منها بعد بسبب المدة القصيرة نسبيا من تاريخ الفيروس.
فيديو قد يعجبك: