كورونا بأمريكا| حكام الولايات يتحدون ترامب.. وسي إن إن: لا يفكر إلا في نفسه
كتبت- هدى الشيمي:
بينما يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ لتحقيق أحلامه في إعادة انتخابه مرة أخرى، يعيد حكام الولايات فرض قيود الإغلاق مُجددّا والتراجع عن قرارات إعادة فتح الاقتصاد التي طالب بها، والتي كانت السبب في تحويل الولايات المتحدة إلى بؤرة فيروس كورونا المستجد في العالم، وأكثر الدول تضررًا من حيث عدد الإصابات والقتلى.
مع امتلاء غرف الطوارئ بمرضى كوفيد-19 وانتشار الفيروس بسرعة استثنائية في الولايات الجنوبية والغربية، لفتت شبكة سي إن إن الإخبارية إلى أن الرئيس الأمريكي لا يزال مُتمسكًا بالأوهام زاعمًا أن الأسوأ قد مرّ بالفعل، ويشدد على أهمية إعادة فتح الولايات.
مع وصول عدد الحالات الجديدة إلى 60 ألف حالة يوميًا، يبدو أن العديد من القادة بما في ذلك هؤلاء الذين دعموا نهج ترامب العدواني، لم يعد أمامهم خيار آخر سوى وضع العلم قبل السياسية. في تكساس، اقترح حاكم هيوستن الديمقراطي سيلفستر تيرنر إغلاق الولاية لأسبوعين، قبل أيام من تحدث حاكم ولاية تكساس الجمهوري جريج أبوت عن زيادة احتمالات تشديد القيود المفروضة على ولايته من ضمنها جعل ارتداء الأقنعة الواقية أمرًا إلزاميًا، وهو ما أثار استياء المتشددين والمحافظين.
"حكام يتحدون ترامب"
في الوقت نفسه، قررت ولاية فرجينيا الغربية إغلاق الحانات في المقاطعة الأكثر تضررًا. وفي كاليفورنيا، أمر الحاكم الديمقراطي جافن نيوسوم بإغلاق جميع المطاعم، ومصانع النبيذ، ودور السينما، وحدائق الحيوانات، والمتاحف وكذلك جميع الحانات.
وقالت لوس أنجلوس وسان دييجو إن الأطفال سيستأنفون الدراسة عبر الإنترنت فقط، وحظرت ولاية أوريجون تجمع أكثر من 10 أشخاص بسبب الارتفاع المثير للقلق لحالات كوفيد-19 في الولاية.
أما فلوريدا، فسجلت يوم السبت الرقم القياسي لعدد الإصابات في يوم واحد، وبات لديها الآن حالات "كوفيد-19" أكثر من كافة الدول باستثناء ثماني دول.
وقالت (سي إن إن) إن إعادة إغلاق بعض الولايات يتناقض مع شعار الرئيس الأمريكي الذي حمله منذ بداية الحملة الانتخابية وهو ما "جعل أمريكا عظيمة مُجددًا"، وأشارت إلى أن القيود المفروضة على المدن الكبيرة مثل هيوستن، لوس أنجلوس قد تتسبب في تكبدها خسائر فادحة خاصة في الوظائف.
حمّل الدكتور أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، الرئيس الأمريكي مسؤولية انتشار العدوى وتفشيها بهذه السرعة. وقال فاوتشي، خلال ندوة عبر الإنترنت في كلية الطب بجامعة ستانفورد، إن إعادة الفتح السريع تسبب في حدوث كارثة.
وتابع: "من الواضح، ونحن رأينا ذلك في بلدان أخرى بجميع أنحاء العالم، أنه إذا فصلت بين الأشخاص جسديًا فإننا سنتمكن من منع انتقال الفيروس بينهم، ونستطيع تحقيق ذلك من خلال إغلاق الولايات".
لكن الولايات الأمريكية لم تُغلق بالكامل، ولهذا السبب حسب فاوتشي، ارتفع عدد الإصابات بعدما بدأ في النزول نسبيًا، والوصول إلى حوالي 2000 إصابة يومية، لكن مع إعادة الفتح واستئناف العمل أصبحت بعض المدن تسجل أرقاما قياسية في يوم واحد.
"دروس مُلهمة"
يوجد بعض الجوانب المضيئة، قالت (سي إن إن) إنه للمرة الأولى منذ أشهر لم تسجل مدينة نيويورك أي حالات وفاة خلال 24 ساعة، وأعلنت ماساتشوستس أن متوسط الاختبارات الإيجابية التي استمرت خلال سبعة أيام انخفض إلى 1.7%.
وبإمكان الولايات والمدن الأمريكية الأخرى الواقعين الآن في وسط العاصفة السير على خطى نيويورك وماساتشوستس اللذين ينعمان بهدنة مؤقتة مع الفيروس التاجي بعد أسابيع من الإغلاق، واتباع قواعد وقوانين صارمة ساعدت على تسطيح منحنى العدوى نسبيًا قبل اتخاذ قرار بتخفيف القيود.
حتى الآن لا يوجد أي ضمانات تؤكد أن معدّل الإصابات وانتقال العدوى لن يصل إلى مستويات خطيرة بعد عودة الحياة إلى طبيعتها في الولايات الأمريكية، مع ذلك لم يهتم ترامب كثيرًا بهذه الحقائق. قالت (سي إن إن) إن الرئيس الأمريكي لا يزال مُهتمًا فقط بالتطورات المرتبطة به، ويدلي بتصريحات يظن أنها تخدم مصالحه وحسب، كان من بينها دعوته بإعادة الأطفال إلى المدارس رغم عدم امتلاكه لخطة لتنفيذ ذلك بطريقة آمنة.
في علامة أخرى على عدم اكتراثه بأي شيء سوى ذاته، زعم ترامب أن معارضي عودة الأطفال إلى المدارس يفعلون ذلك من أجل إيذائه، وقال: "اعتقد أنهم يظنون أنهم سينجحون إذا تمكنوا من إبقاء المدارس مُغلقة في الانتخابات".
"ترامب لا يهتم إلا بنفسه"
هوس ترامب بتحقيق نجاح سياسي هو القوة الدافعة لإرادته، لفتت (سي إن إن) إلى أن أجندته المحلية مُعدة لمكافأة ناخبيه الأكثر ولاءً، أما سياسته الخارجية فتعتمد بصورة أساسية على خلق صورة رائعة عن الرئيس الذي يلعب دور البطولة، وهو كعب أخيل الذي تسبب في جعله ثالث رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يُتهم بإساءة استخدام سلطته ومحاولة إجبار دولة أجنبية، أوكرانيا، على التدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2020 بهدف إلحاق الضرر بخصمه الديمقراطي جو بايدن.
والآن، مع اظهار استطلاعات الرأي تقدم جو بايدن، المُرشح الديمقراطي في الانتخابات الديمقراطية المُقبلة، على ترامب، قالت (سي إن إن) إن الرئيس الأمريكي يفقد صبره ويسعى إلى إنعاش الحالة الاقتصادية مُجددًا، كي يخفي ورائه فشله السياسي وعيوبه التي اتضحت منذ بداية الأزمة.
إعادة فتح المدارس أمر حاسم لعودة الاقتصاد الأمريكي إلى طبيعته، ولمنح الأمريكيين انطباعًا بأن بلادهم بدأت تتعافى والحياة قد تعود إلى طبيعتها وهو ما يحاول ترامب التأكيد عليه واستغلاله في حملته الانتخابية. أوضحت (سي إن إن) أن إعادة الأطفال إلى المدارس يعني أن الآباء بإمكانهم استئناف عملهم، وبذلك تدور عجلة الاقتصاد مرة أخرى وتعمل بكامل قوتها.
إلا أن الرئيس الأمريكي يتجاهل الأسئلة المُعقدة مثل كيفية التأكد من أن العودة الجماعية للمدارس لن تزيد من حدة الوباء، وهو ما بررته (سي إن إن) بتفكيره في نفسه فقط، وردًا على سؤال، الاثنين الماضي، بشأن إرجاء نيويورك ولوس أنجلوس موعد بدء العام الدراسي الجديد، ووفاة مدرس في ولاية أريزونا إثر اصابته بكوفيد-19 بعد التدريس في مدرسة صيفية، رد ترامب: "نعم علينا فتح المدارس، يجب فعل ذلك، سنخسر الكثير من الاستمرار في الإغلاق".
فيديو قد يعجبك: