اختيار أول سيدة أفريقية لرئاسة معاهدة الأمم المتحدة للتنوع البيئي
تنزانيا - (أ ش أ)
اختيرت المحامية التنزانية ورائدة الدفاع عن التنوع البيئي، إليزابيث ميريما، لتولي منصب الأمينة التنفيذية لمنظمة "اتفاقية التنوع البيئي التابعة للأمم المتحدة"، كأول امرأة أفريقية تترأس كياناً أممياً يستهدف التوصل إلى اتفاق عالمي للتنوع البيئي خلال العقد المقبل وذلك فى ختام اجتماعات لمجلس مندوبي المنظمة التي تعد المعنى الأول بالدفاع عن الحياة البرية في العالم، وتعاظم دورها إثر تفشي جائحة فيروس كورونا وما تبدى من أن الاتجار في الحيوانات البرية وانتقال الفيروسات منها إلى الإنسان كانت في مقدمة الأسباب التي قادت إلى تفشي الوباء في العالم.
وللسيدة ميريما عدد من الإسهامات المهمة المتعلقة بقوانين البيئة الدولية وسبل إقرارها وصياغتها وتنفيذها على نطاق واسع في أرجاء العالم، ونشرت مقالات عدة في هذا الصدد.
وقد أسهمت المحامية التنزانية في صياغة عدد من الاتفاقات البيئية متعددة الأطراف، وإعداد الكتيبات الإرشادية المستخدمة حالياً في برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة UNEP، والخاصة ببرامج بناء القدرات وتعزيزها في المجالات البيئية.
وأنشئت اتفاقية التنوع البيئة في إطار الأمم المتحدة ووقعت عليها الدول في عام 1991، وساعدت في وضع أهداف عالمية للحفاظ على التنوع البيئي.
وقد وقعت جملة الأهداف العالمية السابقة في عام 2010 وأطلق عليها "أهداف أيتشي" للفترة من 2011 إلى 2020، نسبة إلى محافظة يابانية وقعت فيها الاتفاقية، والتي خرجت تحت شعار"التناغم مع الطبيعة"، وهي الأهداف التي أجمع كثيرون وعلى نطاق واسع أنها فشلت في وقف الخسائر التي تصيب أصناف الكائنات الحية وفقدان البيئة لها.
وجدد بعض العلماء مطالبهم بضرورة التمسك بمطلب وحيد والالتفاف حوله بشأن وقف انقراض الأصناف المعرضة للانقراض على كوكب الأرض، بينما يتخوف آخرون من أن التركيز على الانقراض كهدف يتجاهل أهدافاً أخرى مهمة تتعلق بالاتفاقات المبرمة بشأن التأكيد على تقاسم المنافع الخاصة باستغلال الموارد البيولوجية.
وتقول إليزابيث ميريما "قد يقول المرء أن تعييني جاء في توقيت سيئ للتنوع البيئي، بالنظر إلى أن العالم بأسره يحاول الخروج بالكاد، أو ما يزال، في ظل حالة إغلاق، لكن في الوقت نفسه، أرى أنها فرصة مهمة وجوهرية، أن يحظى التنوع البيئي كقضية لنقاش أكبر مما سبق".
وقد تسبب "فيروس كورونا المستجد"، الذي تقول التقارير إنه يصيب الحيوانات قبل تفشيه وانتقاله إلى الإنسان، في حدوث موجة جديدة من المطالبات بضرورة وقف تجارة الحيوانات البرية وتداولها، وهو ما أثار توترات طالما نشبت بين أولئك المدافعين على قضايا الحفاظ على الكائنات الحية والتنوع البيئة من جانب وأولئك الذين يدفعون المشهد إلى زيادة تجارتها من أجل تلبية استخداماتهم المستدامة.
وتعلق ميريما على الجدل الدائر بشأن تلك القضية مبينة أنه بات هناك وعي أكبر إزاء تأثير الأنشطة الإنسانية على الطبيعة، والعلاقة بين صحة الإنسان والتنوع البيئة، فالتدخل، عبر الاستخدام الجائر للغابات، والتوسع في الزراعة، وتكثيف إنتاج الثروات الحيوانية، وتفتيت الموائل التي تقطنها الأصناف الحيوانية، عرَّضت الحيوانات البرية للخطر وجعلتهم أكثر قرباً وتواصلاً مع حياة البشر، وهو ما تسبب في انتقال وتسرب الأمراض الحيوانية والفيروسات والجراثيم التي تصيب الحيوانات، وبدء انتقال الأمراض من إنسان لآخر عبر التجارة والسياحة، وصولاً إلى تفشي الوباء بصورة صارخة في الوقت الراهن عالمياً.
وتصدرت تلك القضايا المشهد بفعل وباء "فيروس كورونا"، وفرضت على العالم ضرورة نقاش سبل منع تفشي أوبئة مستقبلية، غير أن إغلاق الأسواق، وحظر تجارة الحيوانات البرية بشكل كامل سوف يتسبب في آثار سلبية على مجتمعات تعتمد بصورة كبيرة على الحيوانات البرية.
وهناك حقيقة تقول إن مستهلكي الحيوانات البرية وعملاءها ليسوا من الفئات الفقيرة، بل هم من علية القوم وشخصيات بارزة وثرية في المدن، ولاشك أن إقامة حظر كامل عليها، سيفتح الأبواب الخلفية للتجارة غير المشروعة في الحيوانات البرية.
وترى رائدة الدفاع عن التنوع البيولوجي التنزانية، "أنه بدلاً من ذلك، فإننا بحاجة إلى بذل المزيد من التدابير الصحية في الأسواق المخصصة لها والتي تواصل عملها، وتنظيم تجارة الحيوانات البرية ضمن إطار العمل الذي تقره "معاهدة التجارة الدولية لأصناف الحيوان والنبات المهدد بالانقراض".
وأضافت"نحن بحاجة إلى التأكيد على الاستهلاك المستدام لتلك الأصناف في هذه التجمعات التي تعتمد عليها، مع العمل في الوقت نفسه على الحد من التجارة المشروعة فيها، ولا شك أنه توازن دقيق، كما أن الدول لن تتمكن من التعاطي مع تلك المشكلات بمفردها، لذا فنحن بحاجة إلى تعاون دولي".
وقد فشلت أهداف التعاون الدولي المتفق عليها راهناً، وباتت أسباب تلك الإخفاقات معروفة للجميع، كما أن هناك حاجة إلى البناء على تلك العبر والدروس المستقاة بأن المعنيين كافة، بما فيهم الشباب، والشركات، والجماعات الأصلية، تشارك بصياغات متنوعة في النص المقترح للأهداف المستقبلية.
ولاشك أن أطراف الاتفاقية التي تعد صانعة القرار، هي التي ستبني في نهاية المطاف إطار العمل المتفق عليه، لكن عليها إدراك أنها بحاجة إلى الدخول في حوارات مع الجماعات الأخرى أثناء فترات التفاوض والتنفيذ، كما أن عليها تطوير وزارات البيئة وأقسامها وأدواتها، وأن يتم في الوقت نفسه، تطوير وزارات الصحة والزراعة والصيد والغابات والتخطيط والمالية.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: