قذيفة روسية غامضة تعزز المخاوف من سباق تسلّح في الفضاء
نيويورك - (أ ف ب)
اتّهمت الولايات المتحدة، روسيا، هذا الأسبوع باختبار سلاح يمكن استخدامه لتدمير أقمار اصطناعية في الفضاء، وهو أمر نفته موسكو، مشيرة إلى أن ما أطلقته كان "أداة خاصة" لفحص معدات روسية في المدار.
وبغض النظر عن نوعية القذيفة، تشكّل التطورات تصعيدًا عسكريًا نادرًا لواشنطن في الفضاء.
وكانت حتى الآن قدرة قمر اصطناعي على مهاجمة آخر مجرّد فكرة نظرية.
وكان بإمكان الولايات المتحدة وروسيا والصين، ومنذ 2019 الهند، استهداف الأقمار الاصطناعية بقذائف يتم إطلاقها من الأرض، لكن هذا النوع من التفجيرات يتسبب بملايين من قطع الحطام في المدار، وهو ما دفع قوى العالم للامتناع عن القيام باختبارات كهذه.
ويمكن اعتبار أن حادثة الأسبوع الجاري تحمل رسالة إلى واشنطن التي تؤسس في ظل الرئيس دونالد ترامب "قوة فضاء" جديدة منضوية في جيشها.
وشدد قائد قوة الفضاء جاي ريموند، الجمعة الماضية، على أن "الفضاء مجال لشن الحروب تماما مثل الجو والبر والبحر".
الجسم "إي"
في نوفمبر 2019، أطلقت روسيا القمر الاصطناعي "كوزموس 2542". وبعد أسبوع، فاجأ هذا القمر المراقبين عندما أطلق قمرا اصطناعيا فرعيا هو "كوزموس 2543" قادر على المناورة في المدار لمراقبة وتفتيش أو التجسس على أقمار أخرى.
واقترب هذا القمر الاصطناعي الفرعي بشكل كبير من قمر تجسس اصطناعي أمريكي هو "يو إس أيه-245"، ومن قمر اصطناعي روسي آخر. وبدأت لعبة مطاردة في المدار كان من الممكن متابعتها بسهولة من الأرض من قبل علماء الفلك والجيش الأمريكي، الذي أعرب علنا عن قلقه.
وفي 15 يوليو الجاري، أطلق "كوزموس 2543" (القمر الاصطناعي الفرعي الذي تبلغ مساحة سطحة أقل من متر مربّع وفق الجيش الأمريكي) جسما سرعته عالية نسبيا قدّرت بنحو مئتي متر في الثانية، بحسب عالم الفلك جوناثان ماكدويل.
ولا يزال الجسم "إي" كما أطلقت عليه الولايات المتحدة، في المدار ولا يبدو أنه اصطدم بشيء. لا يزال حجمه وشكله وهدفه أمورا غامضة، لكن ذلك لا يعني التقليل من التهديد الذي قد يشكله.
"رصاصة"
تحلّق الأقمار الاصطناعية في المدار ضمن فراغ بسرعة عشرات آلاف الكيلومترات في الساعة. ويحمل أصغر احتكاك مع أي جسم آخر خطر التسبب بفجوة في ألواحها الشمسية أو الإضرار بها أو حتى تدميرها، بناء على حجم الجسم الذي اصطدم بها.
لذا فإن الفرق بين القمر الاصطناعي والسلاح نظري في الفضاء، إذ أنه مهما كانت مهمة "الجسم إي" فإنه فعليا "قذيفة ما" وبالتالي "سلاحا"، بحسب الولايات المتحدة.
ويعادل ذلك "رصاصة" في الفضاء، بحسب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الأمن الدولي وعدم الانتشار كريستوفر فورد. وقال "لا يوجد شيء اسمه حادث صغير هناك" أي في الفضاء.
وأقرّت روسيا بذلك ضمنيا عبر اتهامها واشنطن ولندن بامتلاك برامج تفتيش أو إصلاح للأقمار الاصطناعية يمكن استخدامها كـ"أسلحة مضادة للأقمار الاصطناعية".
ولدى الولايات المتحدة أقمار اصطناعية عسكرية قادرة على المناورة في المدار وبإمكانها إطلاق أقمار أصغر.
لكن لا يزال من غير الواضح إن كانت الولايات المتحدة تملك القدرة على إطلاق مقذوفات عالية السرعة على غرار ما قام به الروس مؤخرا، وفق الخبير في أمن الفضاء لدى "مؤسسة عالم آمن" في واشنطن برايان ويدن.
وقال لوكالة فرانس برس "لكن يمكنهم ذلك على الأرجح إذا أرادوا".
الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على الفضاء
قال ويدن إن "روسيا قد تكون تحاول إيصال رسالة استراتيجية بشأن إمكانية تعرّض الأنظمة الأمريكية للخطر". ويذكر أن أقمار التجسس ضخمة ومكلفة للغاية ونادرة.
وأضاف أن روسيا تعتمد بشكل أقل بكثير من الولايات المتحدة على الأقمار الاصطناعية وأقمارها أقل كلفة.
وأكد قائد قوة الفضاء الأمريكي ذلك الجمعة مشيرا إلى أنه منذ حرب الخليج في مطلع تسعينات القرن الماضي، يعتمد الجيش الأمريكي بأكمله، من الطائرات الحربية وصولاً إلى المشاة، على التكنولوجيا المتمركزة في الفضاء للملاحة والاتصالات والاستخبارات.
وقال ريموند "لا نقوم بشيء لا يتم تشغيل الفضاء فيه في كل خطوة".
وستكون لدى الولايات المتحدة وروسيا فرصة عقد محادثات مباشرة الأسبوع المقبل في فيينا، خلال أول اجتماع بين البلدين بشأن أمن الفضاء منذ العام 2013.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: