بعد اتهامها باستهداف قوات أمريكية .. ما نعرفه عن وحدة التجسس الروسية المنفذة لعمليات مُشينة
كتبت- هدى الشيمي:
كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، الجمعة الماضي، عن قصة أثارت جدلاً كبيرًا في الولايات المتحدة ونفتها روسيا، قالت إن وحدة في مديرية المخابرات الرئيسية الروسية، وهي الوحدة 29155 والتي تُعرف اختصارًا باسم (GRU) عرضت مكافآت على المتشددين في أفغانستان لاستهداف القوات الأمريكية في المنطقة.
حسب تقرير نيويورك تايمز، فإن الوحدة الروسية كانت لاعبًا رئيسيًا في جهود موسكو لنشر الفوضى في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك عملية اختراق البريد الإلكتروني الخاص بحملة المُرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون في عام 2016.
قالت مجلة فورين بوليسي إن الوحدة 29155، المتهمة بعرض مكافآت للمتشددين المرتبطين بحركة طالبان الأفغانية، قادت مجموعة من العمليات الروسية المُشينة في الخارج على مدار السنوات الأخيرة، ومن بينها محاولة الانقلاب في الجبل الأسود في عام 2016، إلى محاولة اغتيال الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال وابنته في انجلترا.
لكن حتى الآن، لم يتضح كيف ربطت المخابرات الأمريكية بين الوحدة الروسية وعمليات استهداف القوات الأمريكية في أفغانستان. تدفقت المعلومات والتفاصيل حول المؤامرة الروسية لقتل الجنود الأمريكيين في وسائل الإعلام والصحف في وقت مُبكر من العام الماضي، وقالت نيويورك تايمز، الثلاثاء الماضي، إن تقارير الاستخبارات كانت مدعومة بمستندات وأدلة على إجراء تحويلات مصرفية بين الحسابات البنكية المرتبطة بوحدة المخابرات الروسية وحركة طالبان.
ما هي وحدة GRU بالضبط؟
يوجد في روسيا ثلاث وكالات استخبارات رئيسية، خدمة المخابرات الأجنبية (SVR) ، وإدارة المخابرات الرئيسية (GRU) ، وجهاز الأمن الفيدرالي (FSB) وهو الأقوى من بين الثلاثة. تورطت الأجهزة الثلاثة في تنفيذ عمليات أجنبية، ولكن وحدة GRU كان لديها الجرأة المطلوبة لتنفيذ العمليات المعقدة والأعلى والأكثر خطورة. وحسب مسؤولين استخباراتيين روس، فإنه كان يُنظر إلى هذه الوحدة باعتبارها المسؤولة عن العمليات المشينة الأكثر قوة في الخارج.
كيف أصبحت وحدة استخبارات روسية معروفة لهذه الدرجة؟
ورغم أن الوحدة 29155 توصف بأنها وحدة سرية، إلا أنه يسهل معرفة أنها كانت وراء مجموعة من العمليات المشبوهة والقذرة، حسب فورين بوليسي، باستخدام جوازات سفر سرية، وبيانات وقواعد بيانات المعابر الحدودية، وتمكن الصحفيون والمحققون من جمع معلومات وتفاصيل عن هذه العمليات، ورسم صورة مفصلة عن الوحدة واعضائها.
يُعتقد أن الوحدة 29155 قد نفذت عمليات لمدة عقد على الأقل، ولكنها لم تصبح معروفة إلى هذا الحد إلا بعد محاولة اغتيال الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال في 2018، وقتها تمكنت وكالات الاستخبارات وصحفيي التحقيقات من الكشف عن معلومات عن أعضاء الوحدة والعمليات التي نفذوها في أماكن أخرى في أوروبا.
حسب المعلومات التي توصلت إليها الاستخبارات والصحفيين، فإنه في أوائل عام 2018، قام رجلان يعملان تحت أسماء مستعارة هما الكسندر بيتروف (اسمه الحقيقي الكسندر ميشكين) ورسلان بوشروف (اسمه الحقيقي أناتولي تشيبيجا) برش غاز الأعصاب على مقبض باب منزل سكريبال في سالزبوري، انجلترا.
بعد ستة أشهر، كان لدى المدعين البريطانيين ما يكفي من الأدلة لتحديد هوية الرجال باعتبارهم عملاء لوحدة المخابرات العسكرية واتهمتهم بمحاولة القتل، وكذلك التقطت كاميرات المراقبة عدة صور للشخصين في انجلترا.
وبعد حوالي أسبوع، ظهر بيتروف وبوشروف على قناة روسيا اليوم التلفزيونية التي تسيطر عليها موسكو، وبررا أسباب وجودهما في إنجلترا بأنهما مدربين لياقة بدنية سافروا إلى المملكة المتحدة لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، وسافرا إلى سالزبوري ليس مرة واحدة، ولكن مرتين لزيارة الكاتدرائية الشهيرة في المدينة.
لماذا تسببت المكافآت الأفغانية بكل هذا الجدل؟
يصر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أن ما يتردد عن المكافآت الروسية لمقاتلين أفغان قصة ملفقة، وبأنها جزء لا يتجزأ من حملة الأخبار المزيفة، ولكن العديد من مسؤولي الاستخبارات السابقين اتفقوا على أنه يجب احترام وجهات نظر المخابرات حول هذا الأمر.
مع ذلك، لم يتضح حتى الآن لماذا يحتاج مقاتلو طالبان إلى حافز مالي من أجهزة الاستخبارات الروسية لقتل القوات الأمريكية التي حاربتها لعقود، ولكن هذه المكافآت المالية المزعومة تمثل تصعيدًا كبيرًا للجهود الروسية لاستهداف المصالح الأمريكية بشكل مباشر.
وبينما نفذت أجهزة الأمن الروسية عمليات استهداف وقتل النقاد والمنشقين والمقاتلين على الحدود مع الشيشان دون تردد، إلا أن ما كشفت عنه الاستخبارات يعد تحول كبير، قال مارك غاليوتي، زميل مشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة ومقره بريطانيا، إن الروس كانوا دومًا حذرين بشأن الأمريكيين، خاصة وأنهم يعرفون أنهم سيدفعون ثمنًا باهظًا إذا ألحقوا بهم أي أذى، لاسيما وأن القوات الأمريكية بذلت مجهودًا مُضنيًا لتجنب ضرب القوات الروسية في سوريا.
لفتت فورين بوليسي إلى أن فشل ترامب في الرد على تقارير الاستخبارات بشأن الوحدة الروسية أثار عاصفة من الانتقادات في واشنطن من كلا الحزبين. قال السيناتور الجمهوري تشاك جراسلي، الأربعاء الماضي، إن التقارير الاستخباراتية تعد تصعيدًا خطيرًا يتطلب استجابة قوية.
فيديو قد يعجبك: