مقتل مغن شعبي يكشف عمق الانقسام في المجتمع الإثيوبي
أديس آبابا - (أ ف ب)
يلتقي فيراول أجيما وأصدقاؤه بعد ظهر كل يوم مؤخرا للاستماع لموسيقى المغني الشعبي الإثيوبي هاشالو هونديسا، الذي أثار مقتله الاثنين أعمال عنف أودت بنحو مئة شخص وسلّطت الأضواء على التوتر العرقي الكامن في البلاد.
وتكريما له، يرتدي هؤلاء قمصانا سوداء تحمل صورة المغني وكتب عليها "أنا أيضا هاشالو".
ويقول فيراول، الطالب الجامعي في بلدة ليغيتافو القريبة من أديس أبابا حيث تم تشديد الإجراءات الأمنية منذ مقتل المغني، "لم نتمكّن من إجراء مراسم حداد بالشكل المناسب. نختنق داخل منازلنا".
ولم يكن تحوّل مقتل هاشالو الذي لم تتضح حيثيّاته بعد إلى قضية سياسية بارزة مفاجئا، إذ أن أغانيه ذات الإيقاع السريع مليئة بالإيحاءات السياسية مع اعتباره صوت المهمّشين من أفراد قومية أورومو التي ينتمي إليها وتعد الأكبر في إثيوبيا.
واستخدمت موسيقاه في التظاهرات المناهضة للحكومة التي أوصلت رئيس الوزراء أبيي أحمد، أول زعيم للبلاد من أورومو، إلى السلطة في 2018.
لكن في وقت تستعد إثيوبيا لانتخابات ستشكّل اختبارا لانتقالها إلى الديموقراطية في عهد أبيي، يشعر العديد من القوميين المنتمين لأورومو بأنهم خدعوا، مشيرين إلى أن رئيس الوزراء فشل في الدفاع عن مصالحهم.
ويحمّل سياسيون من المعارضة عناصر الأمن الذين أطلقوا النار على متظاهرين في مناطق عدة في أديس أبابا ومنطقة أوروميا المحيطة بها، مسؤولية قتل العديد من المحتجين.
ويتّفق فيراول وغيره من شباب عرقية أورومو في ليغيتافو مع هذا الموقف وقال الطالب برهان غاديسا إن "مقتل (هاشالو) تسبب بحزن بالغ جدا في أوساطنا، لكن الأسوأ هو طريقة تعامل الحكومة مع المسألة. إنها غير مقبولة إطلاقا".
عاصمة متنازع عليها
ومحور أزمة الأسبوع الجاري هي مطالبة قومية أورومو التاريخية بأديس أبابا، التي يطلق عليها العديد من القوميين من اورومو تسمية "فينفين"، الاسم الذي كانت تعرف به المنطقة قبل تأسيس الإمبراطور منليك الثاني العاصمة أواخر القرن التاسع عشر.
وشكّل الكشف عن مخطط كبير عام 2015 لتوسيع أديس أبابا لتشمل أوروميا محرّك الاحتجاجات التي أوصلت أبيي إلى السلطة.
وأثار موقع دفن هاشالو خلافات إذ أشار البعض إلى وجوب دفنه في أديس أبابا بدلا من بلدته أمبو غربا.
وقال فيراول "يجب دفنه باحترام داخل أديس أبابا. فينفين تابعة لشعب أورومو".
لكن مسؤولين حكوميين وبعض أقارب هاشالو طالبوا بدفنه في أمبو، ما تسبب بخلاف بدا غير لائق على مصير جثمانه.
وأفاد المسؤول في الشرطة الفدرالية إندشاو تاسيو أن مجموعة من القوميين المنتمين لأورومو، بينهم السياسي المعارض البارز جاوار محمد، اعترضوا طريق الجثمان أثناء نقله إلى أمبو الثلاثاء واصطدموا مع عناصر الأمن.
وقُتل شرطي وتم توقيف جاوار، ما زاد من حدة التوتر في أوروميا.
وبعد يومين، تخللت أعمال عنف جنازته في أمبو عندما فتح جنود النار على حشود المعزّين في محاولة للسيطرة على الوضع.
وأصيب تسعة أشخاص على الأقل، لقي اثنان منهم حتفهما، ما أثار مزيدا من الغضب في أوساط محبي هاشالو.
وقال الطالب تشالا تولا "حتى عندما خرج كثر للتعبير عن حزنهم على وفاته، خسرنا مزيدا من الأشخاص".
عيون أورومو
من شأن الانقسامات التي كشفتها وفاة هاشالو ان تحدد المسار السياسي في إثيوبيا لشهور.
ولا يزال جاوار في السجن إلى جانب سياسي بارز آخر من أورومو هو بيكيلي جيربا. ولم يقدم المسؤولون معلومات كثيرة بشأن التهم الموجهة للمعارضين اللذين سيمثلان أمام المحكمة الشهر الجاري.
وكما أوضح هاشالو في واحدة من آخر مقابلاته، فإن جذور التهميش الذي يعاني منه أفراد أورومو تمتد أبعد من الأحداث الأخيرة. والشهر الماضي، دعا المغني إلى إزالة تمثال الإمبراطور منليك الثاني من حي بياسا في العاصمة.
وبينما ينظر كثيرون باحترام إلى منليك باعتباره مؤسس إثيوبيا الحديثة، إلا أنه يعد بالنسبة للقوميين من أورومو تجسيدا لنظام قائم على التهميش.
وخلال احتجاجات الأسبوع الجاري، تقدّم حشد باتّجاه التمثال في ما بدا محاولة لاسقاطه تحقيقا لرغبة هاشالو، لكن قوات الأمن تصدّت لهم. ويتمركز عناصر شرطة العاصمة حول التمثال مذاك.
وبالنسبة لفيراول تكشف وفاة هاشالو وبقاء التمثال أولويات الحكومة.
وقال "بينما كان عليهم أن يحموا هذا الرجل (المغني)، إلا أنهم يحمون التمثال. بالنسبة إلي، لم يكن هاشالو مجرّد شخص واحد. كان عيون شعب أورومو، والآن أصابونا بالعمى".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: