إعلان

100 يوم بلا إصابة محلية.. كيف نجحت نيوزيلندا في احتواء كورونا؟

12:32 م الإثنين 10 أغسطس 2020

صورة لرئيسة الوزراء جاسيندا ارديرن في شارع ينيوزيل

كتبت- هدى الشيمي:

احتفلت نيوزيلندا، أمس الأحد، بمرور أكثر من 100 يوم دون أن تشهد البلاد أي حالة انتقال محلي معروفة لفيروس كورونا المُستجد المُسبب لمرض (كوفيد-19)، فيما تعاني العديد من دول العالم للحد من انتشار العدوى بين مواطنيها.

وحتى اليوم الإثنين، سجلت نيوزيلندا 1219 حالة مؤكدة بالفيروس التاجي، من بينهم 21 إصابة نشطة فقط جميعها في مراكز العزل، وبلغ إجمالي عدد الوفيات جراء "كوفيد-19" 22 وفاة في الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 5 مليون نسمة، فيما يستمر مُعدّل الوفيات جراء المرض نفسه في الارتفاع في الدول الأخرى بما في ذلك جارتها أستراليا والولايات المتحدة.

وقالت شبكة (سي إن إن) الإخبارية إن نيوزيلندا أصبحت نموذجًا يُحتذى به في مكافحة كوفيد-19، ويرجع ذلك إلى استمرار اختبار وفحص آلاف الأشخاص يوميًا رغم السيطرة على وضع الفيروس التاجي في البلاد.

واستفادت نيوزيلندا من تجارب الدول الأخرى التي عاود فيها الفيروس الظهور بعد السيطرة عليه. وقال المدير العام للصحة آشلي بلومفيلد إن هذا الإنجاز يستحق الاحتفال، لكنه حث النيوزيلنديين على عدم التهاون، مُشددًا أن "كل شخص في الفريق المؤلف من خمسة ملايين نسمة له دور يلعبه فيما يحدث".

وتابع في بيان: "لقد رأينا في دول أخرى مدى سرعة عودة الفيروس إلى الظهور والانتشار في أماكن كانت تحت السيطرة من قبل، ونحن بحاجة إلى الاستعداد بشكل أسرع للقضاء على أي حالات مستقبلية في نيوزيلندا".

وأضاف: "نحن بحاجة إلى أن نكون مُستعدين للتعامل مع أي حالات مستقبلية، لن نخذل الفريق لأن لا أحد منّا يستطيع تحمل تكاليف القيام بذلك".

1

ما فعلته نيوزيلندا

كانت استراتيجية نيوزيلندا بسيطة حسب كلمات رئيس وزراء البلاد جاسيندا أرديرن: "كان علينا التصرف مبكرًا، وسّن قيودًا صارمة".

عندما أصدرت أرديرن قرارًا بإغلاق الحدود أمام الأجانب في 19 مارس الماضي، لم يكن في نيوزيلندا سوى 28 إصابة مؤكدة بكوفيد-19، وبلغ عدد الحالات 102 حالة دون تسجيل وفيات عندما أعلنت الإغلاق الكامل في 23 مارس، وفرضت قيودًا صارمة تمثلت في منع توصيل الطعام إلى المنازل، أو قيادة السيارات خارج الأحياء التي يعيش فيها المواطنون، ومنع الذهاب إلى الشواطئ.

2

استراتيجية أكثر تطرفًا وقسوة

وضعت ويلنجتون خطتها للتعامل مع الفيروس التاجي في فبراير الماضي، في هذا الوقت شعرت الحكومة بالقلق إزاء أعداد الإصابات المحلية رغم أن أغلب الحالات المؤكدة كانت من بين الوافدين من الخارج.

وقتها، قالت وسائل الإعلام المحلية "إنه في هذه المرحلة واجهت رئيسة الوزراء وحكومتها والخبراء الطبيين مُعضلة، فكان بإمكانهم اتباع الاستراتيجية نفسها التي تتبعها أغلب دول العالم، أو أن تلجأ إلى استراتيجية أخرى أكثر تطرفًا وقسوة".

بحلول منتصف مارس الماضي، كان هناك دعم قوي لاعتماد استراتيجية عزل شامل، وجرى الإعلان عن نظام مكوّن من 4 مراحل لاحتواء كوفيد-19، ودخلت ويلنجتون المرحلة الثانية في 21 مارس، وخلال هذه الفترة جرى حظر التجمعات الكبيرة، مع تعزيز تدابير الصحة والنظافة وتشجيع المواطنين على الالتزام بالتباعد الاجتماعي والبقاء في منازلهم قدر الإمكان.

مع ذلك، أظهرت التقارير الطبية أن مُعدل انتشار العدوى لا يشهد أي تحُسن، ولا يتباطأ كما المتوقع، عوضًا عن ذلك حذر الأطباء من انتشار المرض بين المواطنين، وأعربوا عن مخاوفهم من أن يتضاعف عدد الحالات كل أربعة أو خمسة أيام.

وبناءً على هذه المعلومات المثيرة للقلق، دخلت نيوزيلندا إغلاق كامل في 26 مارس الماضي، اُغلقت المدارس، وكذلك توقفت كافة الأعمال غير الضرورية، واضطر الناس إلى العمل من المنزل، مع تقييد السفر وحظر أي نوع من التجمعات الجماهيرية، وكذلك أغلقت ويلنجتون الحدود بالكامل، وهي خطوة غير مسبوقة قامت بها أستراليا المجاورة فيما بعد.

أعلنت رئيسة الوزراء النيوزيلندية حالة طوارئ وطنية، ومنحت القيادات والمسؤولين سلطات جديدة لفرض تدابير الرقابة الصارمة، وبموجب هذه الإجراءات اتبعت نيوزيلندا استراتيجية قوية وجريئة لم تطبقها أي حكومة أخرى في العالم.

استمر العمل وفق القيود الصارمة لمدة 5 أسابيع، ولكن البلاد ظلت قيد الإغلاق لمدة أسبوعين إضافيين. كانت هذه القيود جزء من استراتيجية أكبر وأكثر شمولاً تهدف إلى القضاء على الفيروس.

وحسب موقع وزارة الصحة النيوزيلندية، فإن "استراتيجية القضاء" لا تعني التخلص من الفيروس بصورة نهائية من البلاد، ولكن التأكد من القضاء على سلاسل نقل العدوى في المجتمع لمدة لا تقل عن 28 يومًا، كي تتمكن السلطات من التعامل مع الحالات المستقبلية بشكل فعال، والسيطرة على أي حالات وافدة من الخارج.

3

تسطيح المُنحنى أولاً

انتظرت نيوزيلندا حتى لحظة تسطيح مُنحنى الإصابات بعدها قررت رفع القيود. في 6 يونيو الماضي، أعلنت رئيسة الوزراء رفع كافة القيود وإجراء حوالي 40 ألف اختبار تقريبًا في الـ17 يومًا السابقة ولم يكشفوا عن وجود أي حالة إيجابية بكوفيد-19.

عادت الحياة في نيوزيلندا إلى طبيعتها تقريبًا في نيوزيلندا منذ يونيو الماضي، ولم يكن هناك حاجة إلى إعادة فرض الإغلاق كما حدث في الكثير من الدول التي تعاني الآن من ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس التاجي، وتضطر إلى إعادة فرض بعض القيود للحد من تفشيه.

إلى جانب القيود، فرضت نيوزيلندا قواعد صارمة بشأن حدودها مع الدول الأخرى، ولم تسمح إلا لسكانها فقط بالعودة إلى بلادهم، وعليهم قضاء أسبوعين في أحد مراكز العزل التابعة للحكومة.

4

ما لم تفعله نيوزيلندا

قالت (سي إن إن) إنه كان هناك تشديد على ارتداء أقنعة الوجه في جميع أنحاء العالم، إلا أن الأقنعة (الكمامات) لم تكن أداة رئيسية في محاربة الوباء، وهو ما يرجع إلى عدة أسباب، على رأسها أن البلاد ليس لديها ثقافة ارتداء الأقنعة الجراحية.

مع استعداد نيوزيلندا للدخول في حالة الإغلاق، كان من الصعب شراء الأقنعة من المتاجر المحلية، وبحلول الوقت الذي عاد فيه الناس للخروج إلى الأماكن العامة والسفر في جميع أنحاء البلاد لم يكن هناك سوى عدد محدود للغاية من الإصابات بالفيروس التاجي.

بالإضافة إلى استراتيجيات الصحة العامة الخاصة بنيوزيلندا، إذ تتميز بمجموعة من المزايا الطبيعية، أوضحت (سي إن إن) أن ويلنجتون ليس لها حدود برية، ما يمنحها قدرة إضافية على السيطرة على الوافدين، كما أنها ليست من البلاد المُكتظة بالسكان، وفقًا لبيانات البنك الدولي، ففي كل كيلومتر مربع يعيش 18 شخصًا فقط، مقارنة بـ 36 شخصًا في الولايات المتحدة وبريطانيا، والهند، صاحبة ثالث أكبر عدد إصابات في العالم، التي يتواجد حوالي 455 شخصا في كل كيلومتر مربع بها.

لكن هذا لا يعني أن أقنعة الوجه لن تكون جزءًا من الاستراتيجية النيوزيلندية المستقبلية للتعامل مع الوباء، إذ أوصت وزارة الصحة المواطنين بالاستعداد لتفشي مُحتمل للفيروس التاجي، ودعتهم إلى شراء الأقنعة.

في سؤال عما إذا كانت هناك احتمالات بانتقال العدوى مرة أخرى بين النيوزيلنديين، قال آشلي بلومفليد لإذاعة نيوزيلندا الوطنية إن السلطات تتعامل مع الأمر باعتباره "مسألة وقت"، وأضاف: "نحن نعمل على أساس أن أمر كهذا قد يحدث في أي وقت".

فيديو قد يعجبك: