موقع أمريكي: متى يحاكم العالم ديكتاتور إثيوبيا الحائز على نوبل للسلام؟
كتبت- رنا أسامة:
استنكر موقع "توداي نيوز أفريكا" الأمريكي صمت العالم والمجتمع الدولي إزاء الانتهاكات، التي يمارسها رئيس الوزراء الإثيوبي الحائز على جائزة نوبل للسلام، آبي أحمد، بحق الإثيوبيين، داعيًا إلى التحرّك لمحاكمته.
وقال الموقع الأمريكي، الذي يتخذ من واشنطن مقرًا له، إن العالم يقف صامتًا، وباردًا، وأعمى، وأصمًّا، لا يُحرّك ساكنًا إزاء صرخات الإثيوبيين المستمرة. ورُغم قتل المئات واعتقال الآلاف، يبدو أن العالم لا يُبالي بشكل صادم.
"العالم صامت"
وتابع: "الاتحاد الأفريقي صامت. والقادمة الأفارقة صامتون. والاتحاد الأوروبي صامت. والولايات المتحدة صامتة. والمملكة المتحدة صامتة. والمؤسسات العالمية والقوى الأخرى صامتة هي الأخرى".
وحذّر الموقع الأمريكي من أن ثاني أكبر دولة في أفريقيا باتت على المحكّ، بفِعل رجل واحد، رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الذي وصل إلى سُدة الحكم في عام 2018، متعهدًا بتغيير حال البلد إلى الأفضل وليس الأسوأ.
على مدى أشهر أعقبت وصوله إلى السلطة، بدا آبي أحمد وكأنّه يقود البلاد نحو الطريق الصحيح. وأذهل كُثر بتوقيعه اتفاق سلام مع الجارة إريتريا، في خطوة وُصِفت بـ"التاريخية"، جعلته يحظى بإشادة عالمية وكانت سببًا رئيسًا في منحه جائزة نوبل للسلام.
بعد عامين، فإن الدولة المؤثرة البالغ عدد سكانها 109 ملايين نسمة على الأقل، والتي تُشارك حدودها إلى الشمال مع إريتريا، والشمال الشرقي مع جيبوتي، والشرق مع الصومال، والجنوب مع كينيا، والغرب مع جنوب السودان، والشمال الغربي مع السودان، وجدت نفسها "متورّطة" في أزمة تسبب بها حاكمها الديكتاتور- على حدّ وصف الموقع الأمريكي.
وقال الموقع إن آبي أحمد أطاح هذا الأسبوع بوزير الدفاع ليما ميجيرسا، حليفه السابق. وعيّن بدلًا منه كينيا ياديتا، رئيس السلام والأمن السابق بمنطقة أوروميا، التي تضم أكبر عدد من سكان العشر مناطق بإثيوبيا.
كما أُقال 9 مسؤولين بارزين، إلى جانب وزير الدفاع الإثيوبي، بما في ذلك النائب العام، ونائبه ووزير التعدين.
وأشار الموقع إلى أن ليما ميجيرسا وآبي أحمد كانا، في فترة ما، حليفين وصديقين مُقرّبين. غير أن علاقتهما شابها التوتر في نوفمبر، بعد أن انتقد ميجيرسا علنًا قرار آبي بتفكيك الأحزاب العِرقية في الائتلاف الحاكم من أجل حزب سياسي واحد، هو حزب "الازدهار"، الذي جمّد الأسبوع الماضي عضوية ميجيرسا.
وينحدر والد آبي وليما من أوروميا، التي دفعت احتجاجاتها الدموية بآبي أحمد إلى السلطة عام 2018.
بيد أن شعبية آبي هناك بدأت تتآكل، لا سيّما بعد الاحتجاجات العنيفة التي أعقبت اغتيال المغني الثوري هاشالو هونديسا في يونيو الفائت، مُسفرة عن سقوط ما لا يقل عن 239 قتيلًا واعتقال نحو 9 آلاف آخرين.
والسبت الماضي، حذّرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" من اعتقال السلطات الإثيوبية لعشرات الصحفيين ونشطاء المعارضة، وغالبًا بدون تُهم، منذ أواخر يونيو الماضي، الأمر الذي يُثير مخاوف حقوقية جادة.
وقالت الجماعة الحقوقية، بعد شهر من أعنف موجة اضطرابات تشهدها إثيوبيا في التاريخ الحديث، إن الشرطة والمُدعين العوام في حاجة إلى الكشف علنًا عن أماكن احتجاز جميع المُعتقلين، والامتثال الفوري والكامل لأوامر الكفالة الصادرة عن المحكمة، وضمان الوصول السهل والمنتظم لمحاميّ وأقارب أولئك غير المُفرج عنهم.
ووفق لاتيتيا بدر، مديرة فرع "هيومان رايتس ووتش" بمنطقة القرن الأفريقي، فإن "تصرفات السلطات الاستقصائية الإثيوبية تزيد المخاوف لأنها لم تتخل عن الممارسات القديمة الخاصة بالاعتقال أولا والتحقيق لاحقا".
وأكّد محامون وأقارب للمحتجزين، والأشخاص المُفرج عنهم، لباحثي هيومان رايتس ووتش، أن عمليات الاحتجاز والتحقيقات شابها "انتهاكات خطيرة".
والجمعة الماضية، دعت منظمة العفو الدولية، قوات الأمن الإثيوبية إلى "الكفّ عن استخدام القوة المُميتة ضد المتظاهرين".
وفي بيان تلقّى الموقع الأمريكي نسخة منه، كتب ديبروز موتشينا، مدير منظمة العفو الدولية لشرق وجنوب أفريقيا، أنه "لا يوجد أي مُبرر في استخدام القوة المُميتة حينما لا يكون بهدف حماية الأرواح".
وأضاف موتشينا، وفق البيان: "تسببت تلك القوة المُميتة غير المُبررة في إزهاق كثير من الأرواح، بينهم متظاهرون وأُناس عاديون لم يُشاركوا في أي احتجاجات. من بين هؤلاء الضحايا، طفل بلا مأوى، وامرأة تعاني خللًا عقليًا".
وقال شاهدا عيان لمنظمة العفو الدولية إن "امرأة لقيت حتفها يوم 12 أغسطس برصاص الأمن الإثيوبي وهي في طريقها للتسوق بمتجر بِقالة". ولا يزال التوتّر الشعبي مُتصاعدًا مع الانتشار المكثف في الشوارع للأمن من قوات الشرطة والدفاع.
فيما نقلت رويترز عن طبيبين اشترطا عدم ذكر اسميهما، إن مستشفى "هيوت فانا" ومستشفى "جيول" بمنطقة هرر أقرتا بإصابة 32 شخصًا بأعيرة نارية يوم الثلاثاء الماضي معظمهم من بلدة في أوروميا.
"ديكتاتور إثيوبيا"
ووعد آبي أحمد بإجراء أول انتخابات حرة ونزيهة في ثاني أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان العام المقبل، لكن إصلاحاته الديمقراطية أطلقت العنان للانقسامات العرقية التي كثيرا ما تحوّلت إلى أعمال عنف.
وقال المحلل السياسي محمد أولاد إن عزل وزير الدفاع الإثيوبي قد يقلل من التأييد لآبي أحمد. وأضاف: "يتمتع ليما بدعم وموافقة أوسع في أوروميا من آبي. إذا كان سينشط مخزون النوايا الحسنة، يعتمد هذا على أمرين؛ أولًا، على ما إذا كان سيكون حرًا في ممارسة حقوقه السياسية، وثانيًا على ما إذا كان مُستعدًا للعب دور نشط في السياسة".
وذكرت رويترز أن انتقادات ليما أُضيفت إلى موجة متزايدة من الأصوات المعارضة - وبعضها من أوروميا - التي تتهم آبي بمحاولة تركيز السلطة والتراجع عن إصلاحاته الديمقراطية.
وقالت كيتيل ترونفول، أستاذة دراسات السلام والصراع في جامعة بيوركنيس بأوسلو، لرويترز إن "الجدل حول تركيز السلطة أو نقلها كان في قلب سياسات إثيوبيا المتصدعة".
وتابعت: "هذا هو الجدل الرئيسي في جميع الترتيبات الفيدرالية - توازن القوى بين الولايات الفيدرالية والإقليمية بإثيوبيا".
وفيما تتواصل أعمال العنف والاضطرابات التي يتخللها قتلى ومُعتقلين، لا يزال العالم أعمى وأصمًّا وباردًا، بحسب "توداي نيوز أفريكا".
واختتم الموقع الأمريكي تقريره متسائًلًا: "متى سينهض العالم ليُحاكم ديكتاتور إثيوبيا آبي أحمد؟".
فيديو قد يعجبك: