مخاوف من شتاء أوروبي قاسٍ.. "لقاء الفيروسين" يرعب القارة العجوز
كتبت- رنا أسامة:
فيما لا يزال من الصعب التكهّن بموعد انتهاء كابوس "كوفيد 19" في ظل عدم توافر لقاح ناجع إلى الآن، تتنامى مخاوف القارة العجوز من شتاء قاسٍ، مع تزامن ذروة الموجة الثانية من فيروس كورونا، الذي مضى 6 أشهر على إعلانه "جائحة"، مع موجة الإنفلونزا الموسمية التي تُصيب سنويًا أكثر من 30 مليونًا في بلدان أوروبا، وتودي بحياة ما يزيد على 350 ألفًا، بحسب المركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة
وهذه المرة الأولى التي تواجه فيها القارة العجوز انتشارا متزامنًا لفيروسين يضربان الجهاز التنفسي بنسبة علية من الخطورة؛ إذ تبدأ ذروة انتشار فيروس الإنفلونزا في النصف الثاني من ديسمبر، وتدوم لمدة 8 أسابيع. ووفق صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، حذّر خبراء مما وصفوه بـ"الاختبار النهائي الذي ينتظرنا هذا الشتاء بعد فترة التدريب التي نعيشها حاليًا".
كان القرن الماضي شهد أربع جوائح لفيروسات الإنفلونزا؛ "إتش 1 إن 1" في عام 1918، و"إتش 2 إن 2" في عام 1957، و"إتش 3 إن2" في عام 1968، و"إتش 1 إن 1" مجددًا في عام 2009- جاءت في موجة ثانية مميتة في فصل الخريف وبداية فصل الشتاء، بحسب تقرير سابق نُشر بمجلة "ساينتفيك أمريكان" العلمية الأمريكية.
وفي حين لا تزال أوجه التفاعل بين الفيروسين، وفق خبراء منظمة الصحة العالمية، مجهولة حتى الآن، نصحت المنظمة الدولية بتجنّب أيٍ من الإصابتين قدر الإمكان، والتصرّف كشخص "مصاب بلا عوارض واضحة"، أي التقيّد في كل وقت بتدابير الوقاية والنظافة.
كانت منظمة الصحة العالميةنشرت في مارس الماضي تقريرا مفصلا للتمييز بين أعراض الإصابة بفيروس كورونا وفيروس الإنفلونزا. وجاء الفقدان المُفاجئ لحاستيّ الشم أو التذوق العرض الأول والأهم كعرض خاص بـ"كوفيد-19".
وبالنظر إلى أن التشخيص النهائي إلا عن طريق الفحص المخبري، بما سيشكّل بدوره عبئًا غير مسبوق على القدرات التحليلية في المراكز الصحية، فإن المشكلة الأساسية تكمن، كما تبيّن إبّان الموجة الأولى من الوباء، في توفير المواد الكيميائية الكافية لإجراء الفحوصات من جهة، وفي التمييز بين إصابات "كوفيد 19" والإنفلونزا.
وترتبط مخاوف الأوساط الطبية في أوروبا تجاه موسم الإنفلونزا المقبل، بحسب "الشرق الأوسط"، باحتمالية تفاقم الوضع وتكرار سيناريو الربيع الماضي، حيث كانت أقسام الطوارئ بمعظم المستشفيات الأوروبية مكتظة بإصابات "كوفيد 19".
ومن ثمّ، ينصح الخبراء بالحد قدر الإمكان من الحركة والتنقلات في المناطق الأكثر تفشيًا لكورونا خلال فترة الذروة لانتشار الإنفلونزا، اعتبارًا من مطلع يناير المقبل.
في وقت سابق، رجّح مارك ليبسيتش، عالِم الأوبئة في جامعة هارفارد، أن "ينتشر كلٌّ من فيروس كورونا والإنفلونزا بسرعة ويسببان مرضًا شديدًا، في أسوأ السيناريوهات، مما يعقِّد التشخيص ويُشكِّل عِبئًا مزدوجًا على نظام الرعاية الصحية"، وفق "ساينتفيك أمريكان".
ومع ذلك، ترى الأوساط العلمية والصحية في بلدان الاتحاد الأوروبي، بشكل عام، أن ليس ثمّة ما يدعو إلى الهلع، لا سيّما أن الأنظمة الصحية ازدادت معرفتها بكورونا، وسبل التخفيف من خطورته، إضافة إلى تمرّسها في معالجة فيروس الإنفلونزا، الذي يُعالَج بلقاحات فاعلة.
قالت إليزابيث تيلسون، مدير الصحة بولاية كارولينا الشمالية: "ليس لدينا لقاح لـكوفيد-19، لكن لدينا بالفعل لقاح ضد الإنفلونزا. فلنأخذ هذا اللقاح".
ومن المقرر أن يجتمع فريق اللقاحات الأوروبي مطلع الأسبوع المقبل، حيث ينتظر أن يصدر توصية بتوسيع دائرة معايير التلقيح ضد الإنفلونزا هذا العام باعتباره سلاحًا أساسيًا في مكافحة "كوفيد - 19 "واحتوائه، كما قال باسي بنتينين، رئيس الفريق التابع للمركز الأوروبي لمكافحة الأوبئة.
وأضاف أن "بعض الدول تنصح بتلقيح الذين تجاوزوا الخامسة والستين، والبعض الآخر يوصي أيضاً بتلقيح الأطفال الذين، بعكس ما يحدث مع كوفيد - 19، هم الناقل الرئيسي لفيروس الإنفلونزا كل عام، وبالتالي فإن تلقيحهم يؤدي إلى مناعة القطيع، ويحول دون عدوى المسنّين والفئات الأكثر تعرضًا".
وشدد خبراء منظمة الصحة على أهميّة الدقّة في التشخيص للتمييز بين إصابات كلا الفيروسين، لا سيمّا أن العقار الوحيد الذي تبيّنت فاعليته لمعالجة المرضى بـ"كوفيد 19" هو "ديكساميتازون"، الذي يحدّ بنسبة الثلث من الوفيّات بين المصابين بحالات خطرة بفضل مواصفاته التي تخفّف من حدّة الالتهابات، وتحول دون ردود الفعل المفرطة لجهاز المناعة عند بعض المصابين.
وتتوقع الأوساط الصحية أن تأتي موجة الإنفلونزا ضعيفة هذا الموسم، استنادًا إلى البيانات الواردة من بلدان النصف الجنوبي للكرة الأرضية التي أوشك فصل الشتاء فيها على نهاياته، حيث تدنّى الإنفلونزا مقارنة بالأعوام السابقة، خاصة في نيوزيلندا وأستراليا، حيث لم يتجاوز 10 بالمائة من الانتشار في العام الماضي.
وأظهرت دراسة نشرت في دورية "ذا لانسيت" الطبية، في أبريل الماضي، أن تدابير الصحة العامة لاحتواء كورونا في هونج كونج، بما في ذلك القيود الحدودية والحجر الصحي والعزل والتباعد الاجتماعي وارتداء قناع الوجه وغسل اليدين، أدت إلى انخفاض سريع في نشاط الإنفلونزا.
وعزا الخبراء ذلك إلى أن فيروس الإنفلونزا، على غرار "كوفيد – 19"، ينتشر عن طريق التواصل القريب، وبالتالي فإن تدابير العزل والوقاية التي فرضتها الدول منذ مطلع هذا العام شكّلت حاجزاً أمام انتشاره، ويتوقعون أن يحصل الشيء نفسه في بلدان النصف الشمالي من الكرة الأرضية، مع حلول موسم الشتاء.
فيديو قد يعجبك: