لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حملة انتخابية بالكلاشينكوف.. ميليشيات يمينية في الولايات المتحدة

01:37 ص الإثنين 14 سبتمبر 2020

(دويتشه فيله)

عشرات المجموعات اليمينية المسلحة تحاول أخذ دور الشرطة. وتعمل على كتم الأصوات المعارضة والتصدي للاحتجاجات في مختلف المدن الأمريكية. وسط انقسام كبير مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية.

يقف بيتر دياز في ميدان سري لإطلاق النار في غابة بولاية واشنطن، حيث تشكلت حوله مجموعة صغيرة من الناس. إنه يوم أحد حار من أيام شهر أغسطس. بنادق أوتوماتيكية صوتها يصم الأذنين، والهواء مليء برائحة الغبار والتستوستيرون.

دياز، صاحب جسم رياضي بشعر قصير ونظارات شمسية عاكسة، هو قائد مجموعة "الذئب الأمريكي" للدفاع المدني. يضحك عندما يتكلم، يمزح، ويوزع بطاقات العمل الخاصة به، مرددا عبارة "من أجل الجيدين".

"الجيدون" هم بالنسبة لدياز الوطنيون الأمريكيون، المعجبون بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بسياسته وتصميمه وبالطبع دفاعه عن حق امتلاك السلاح المنصوص عليه في الدستور. "أخبار عاجلة، لا أهتم" عبارة مكتوبة على قميص أحدهم. بعضهم يحملون مسدسات على الخصر أو بندقية على الكتف.

مخاوف من ما يشبه حربا أهلية

يريد دياز كسب هؤلاء "الجيدين" للانضمام لمشروعه: جيش صغير من المدنيين. كان هناك 181 من تلك الميليشيات في عام 2019، بحسب دراسة مركز قانون الحاجة الجنوبي، وهي في ازدياد. ما يجمعها هو قربها من الرئيس الأمريكي ترامب، ورفضها لوسائل الإعلام التقليدية وميلها للسلاح. وهذا مصدر خطورتها الأكبر، يحذر باحثون اجتماعيون ومؤرخون، منذ مدة. فقبل أسابيع قليلة من موعد الانتخابات الرئاسية وفي خضم التوترات والاحتجاجات يقوم أفراد هذه المجموعات بشحن المزاج العام في البلاد، ويتحركون مع احتجاجات "حياة السود مهمة"، مطلقين الرصاص على متظاهرين.

البعض يحذر من الانزلاق في ما يشبه "حربا أهلية"، إذا تأزم الوضع أكثر. الانتخابات القريبة وإعلان ترامب أنه قد لا يقبل نتيجتها، تؤجج المزاج العام.

رجل الأعمال بيتر دياز (38 عاما) لم يفكر بموضوع الحرب، عندما أسس الميليشيا قبل ثلاثة أشهر، بتكلفة 180 ألف دولار من ماله الخاص. كما أنه لا يرغب في تسميتها ميليشيا أو مجموعة دفاع مدني، لأن ذلك مفزع، كما يقول. وبدلا من ذلك يتحدث عن "حركة سياسية" قادمة مباشرة من "وسط المجتمع".

النضال بالكلاشينكوف من أجل القيم الأمريكية

ولكن عندما يتحدث بيتر دياز عن أهدافه، فإنه لا يبدو دقيقا. يريد "إنقاذ أمريكا"، لأن قوى مظلمة تريد الإطاحة بالحكومة وتثبيت الاشتراكية، يقول دياز معتمدا على ذخيرة من نظريات المؤامرة.

ثم يمسك ببندقية الكلاشينكوف، التي صنعت من السوفييت، ويطلق بعضا من الرصاصات الثلاثين الموجودة في المخزن. يميل بيتر دياز إلى "الزمن القديم الجميل". والمفارقة أن يهوى دياز الكلاشينكوف، البندقية الهجومية التي أنتجها عدو الطبقية السابق، الذي يعتبر دياز سياسته الاشتراكية أكبر خطر على الولايات المتحدة. دياز يرى ذلك أمرا جانبيا، "مثل هذه الأسلحة الجيدة لم تعد تصنع في عصرنا الحالي"، يقول دياز. فهي يمكن رميها في الطين ثم استخدامها فورا دون مشاكل.

حوالي عشرة أعضاء في مجموعة الدفاع المدني قدموا للتدرب على الرماية، ولكن العدد الكامل لأعضاء المجموعة يبقى سرا. يقول دياز: أي شخص بإمكانه أن يصبح "ذئبا أمريكيا" إذا كان يتبنى القيم المحافظة ويؤمن بـ"أمريكا عادلة" يصنع كل شخص فيها مجده بنفسه، ولا تتدخل فيها الدولة في الأمور الشخصية.

قتلى في كينوشا

بين الحضور عسكري سابق وطالب ورجل أمريكي من أصل إفريقي. يرفض دياز وضعه ضمن الصورة النمطية التي تتحدث عن عنصريين بيض، خصوصا وأنه ابن مهاجر غير شرعي قدم من المكسيك.

حجم الخطر اتضح نهاية أغسطس في كينوشا في ولاية ويسكونسن. بعد أن اطلق شرطي النار على الأمريكي من أصل إفريقي جاكوب بليك، تحولت كينوشا إلى بؤرة توتر وخرجت فيها احتجاجات "حياة السود مهمة". بعض المحتجين أضرموا النار في أحد الأبنية.

أعضاء مجموعات دفاع مدني مثل "حراسة كينوشا" خرجوا في دوريات، مرتدين سترات واقية من الرصاص، حاملين بنادقهم. مقاطع فيديو تظهر كيف يقوم رجال شرطة بشكرهم أو يقدمون لهم الماء. في الخفاء، تحظى مساندة مجموات الدفاع المدني بالتقدير في أوساط الشرطة.

ومن المنضمين لهم كان التلميذ المؤيد لترامب كيلي ريتنهاوس (17 عاما) الذي قدم مع سلاحه من ميشيغن المجاورة لحماية المحلات من النهب. وفي النهاية أطلق النار على متظاهرين. مقطع الفيديو أثار سخطا حول العالم.

البعض يعتبره "بطلا" وآخرون يعتبرونه "إرهابيا"

ومن حينها تشغل قضية ريتنهاوس، الذي قبض عليه واتهم بقتل شخصين، الرأي العام، وأدت إلى استقطاب حاد. البعض يعتبره "بطلا" أو "أمريكيا وطنيا"، محتفين به، وشعارهم: إذا لم تفرض الدولة النظام، يقوم بذلك فتى بعمر 17 عاما. مجموعة "الذئب الأمريكي" جمعت تبرعات خلال الأيام اللاحقة بقيمة عشرات آلاف الدولارات، بحجة تكاليف الدفاع عن ريتنهاوس. وحتى الرئيس الأمريكي ترامب دافع عنه في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض بالقول: إن المحتجين كانوا سيقتلونه، لو لم يقم بالدفاع عن نفسه.

على الجانب الآخر المؤيد لمظاهرات "حياة السود مهمة" يعتبر ريتنهاوس نموذجا لإرهابي داخلي يسعى عبر العنف إلى تعزيز الانقسام وانتشار العنف في المجتمع، من خلال مشاهد لاستخدام السلاح في شوارع أمريكا، وتحويلها بالتدريج إلى "شيء عادي".

بالمقابل يرى بيتر دياز أن واجبه كرجل وطني أن يتدخل حين تُجبر السياسة الشرطة على عدم التدخل. يرى أن هذه مهمته الرئيسية والدستور يسمح له بحمل سلاحه علانية.

حشد التأييد

تعمل المجموعة على حشد التأييد في مختلف الولايات الأمريكية. تستقل سيارة مرسيدس سوداء عليها شعار كبير لـ"الذئب الأمريكي". الهدف هو "فرض القانون والنظام". عندما اندلعت المظاهرات في مسقط رأس دياز، مدينة أولومبيا"، أطلق دياز ورجاله على الجموع مستخدمين بندقيات كرات الطلاء.

في مدينة بورتلاند تخرج احتجاجات "حياة السود مهمة" منذ أسابيع. مجموعة دياز أرادت الاطلاع على الوضع هناك بنفسها. دياز يعتبر المحتجين هناك "عنيفين". المظاهرات تسير بشكل سلمي غالبا. ولكن سقط بعض القتلى خلال مواجهات بين متظاهرين يمينيين ويساريين.

المحتجون قابلوا مجموعة دياز بعدائية. يرون قدومهم إليهم بدون قناع وبلباس أسود موحد عليه شعار "مقاتل من أجل الحرية" استفزازا. البعض وصفهم بـ"النازيين".

مواجهات المحتجين بقاذفات المياه الخاصة

اضطرت مجموعة الدفاع المدني للانسحاب بعد قذفها بالزجاجات والأصوات الصاخبة. سيارتهم تعرضت لأضرار في هيكلها وزجاجها. بيتر دياز يعتبر ذلك دليلا على أن مظاهرات "حياة السود مهمة إجرامية"، فهم يحاولون "زعزعة حكومتنا وتحطيم أسلوب عيشنا".

مظاهرات كالتي في بورتلاند، يود دياز فضها بالعنف لو أن لديه "ما يكفي من القوى البشرية والمعدات". ويبدو أنه أعد العدة من أجل زيارته القادمة إلى المدينة. فقد عرض على تويتر معداته الجديدة: شاحنة مستعملة مزودة بقاذف مياه. رسالته: يمكن للصراع في شوارع أمريكا أن يدخل الجولة التالية.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان