العام الإثيوبي الجديد 2013: ليس هناك الكثير للاحتفاء به وسط آفاق قاتمة
أديس أبابا- (د ب أ):
بحسب التقويم الإثيوبي الذي يبلغ فيه عدد شهور السنة 13 شهرا، والذي يختلف عن التقويم الميلادي بحوالي 7 سنوات ونصف، بدأت السنة الإثيوبية الجديدة منذ أيام قليلة. وتبدو الآفاق قاتمة مع بداية السنة الإثيوبية الجديدة في البلاد: وعلى نحو متنام، يبدو أن المستقبل سيكون مثل الماضي تماما بالنسبة لثاني أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان.
وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء في تحليل لها أن الحريات السياسية تتقلص في تلك الدولة التي حظيت بالثناء في الأونة الأخيرة كأمل عظيم للديمقراطية في القارة: فالخصومات العرقية والإقليمية مشتعلة، والانتخابات التي جرت في مقاطعة تيجراي في أقصى شمال إثيوبيا الأسبوع الماضي اقتربت بدرجة الحرارة السياسية من نقطة الغليان. كما يتم الزج بزعماء المعارضة والصحفيين في غياهب السجون، وكذلك يحيد رئيس الوزراء آبي أحمد عن المبادئ التي منحته الفوز بجائزة نوبل للسلام العام الماضي عقب توصله لاتفاق مع الجارة اريتريا.
و تنذر آفاق السياسة الخارجية للبلاد بالشؤم, أيضا، حيث إن النزاع مع مصر والسودان بشأن إقامة سد عملاق على النيل الأزرق لا يبدو أنه يقترب من حل، وقامت الولايات المتحدة بتعليق مساعداتها لأثيوبيا لأنها بدأت تعبئة خزان السد قبل التوصل لاتفاقية مع الدولتين بشأن إدارة تدفق المياه.
والأمر الذي قد يكون أكثر ضررا، هو أن اريتريا تتهم آبي أحمد بعدم الوفاء بالتزاماته المنصوص عليها في اتفاق السلام بين الدولتين.
ولا تبشر هذه التطورات بخير بالنسبة لاقتصاد إثيوبيا، والتي ربما تخالف الاتجاه بالنسبة للدول الرئيسية في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، وأن تحقق بعض النمو هذا العام، رغم تفشي وباء كورونا. وسيتشكل لدى المستثمرين الأجانب، وهم عنصر أساسي لنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي لآبي أحمد، نظرة قاتمة بشأن عدم الاستقرار السياسي والعنف في البلاد.
وسيسعى رئيس الوزراء الإثيوبي إلى استعادة الهدوء قبل الخصخصة الجزئية المقررة لقطاع الاتصالات في البلاد أوائل العام المقبل.
وستمثل مسألة إدارة الخصومات العرقية في إثيوبيا صعوبة دائمة، بل هي أكثر صعوبة لزعيم ليس لديه تفويض مثبت. وكان من المفترض أن يواجه آبي أحمد الذي عين في منصب رئيس الوزراء في عام 2018، اختبارا لشعبيته من خلال انتخابات عامة كانت مقررة الشهر الماضي، ولكن جرى تأجيلها بسبب جائحة كورونا.
وقد آثار التأجيل غضبا شديدا لدى جماعات المعارضة والأطراف الإقليمية، والتي تتهم آبي أحمد باستغلال الجائحة عذرا لتعزيز سلطته. وتحدت مقاطعة تيجراي قرار تأجيل الانتخابات، وأجرت انتخابات إقليمية رغم أن البرلمان الإثيوبي أعلن أنه لن يعترف بنتائجها.
وفي اليوم الذي أجريت فيه الانتخابات في تيجراي، أعلن آبي أحمد عبر التليفزيون الأثيوبي أن الانتخابات العامة في البلاد ستجرى "في سنة 2013 (الإثيوبية)"، ولكن هذا الوعد الغامض لم يهدئ من غضب جماعات المعارضة.
ومن المتوقع أن تثير الانتخابات التي جرت في تيجراي سلسلة من التحديات السياسية أمام آبي أحمد. و تشكل "جبهة تحرير شعب تيجراي" الحاكمة في المنطقة، والتي يبدو أنها حققت انتصارا شاملا، شوكة في خصر رئيس الوزراء.
وحتى إذا لم تعترف الحكومة المركزية في أديس أبابا بنتائج انتخابات تيجراي، ستدعي "جبهة تحرير شعب تيجراي" لنفسها قدرا من الشرعية أكبر من الحكومة المركزية. وستستغل المجموعات المعارضة الأخرى انتخابات تيجراي لتعزيز مواقفها الخاصة.
وعلى الأقل, يستطيع رئيس الوزراء الإثيوبي أن يجد بعض السلوى في فشل "حزب استقلال تيجراي" الذي يدعو إلى انفصال المقاطعة عن إثيوبيا، لتحقيق شيئ من القوة. ولكن "جبهة تحرير شعب تيجراي" سوف تطالب بمزيد من الحكم الذاتي، وستنضم بعض المناطق الأخرى إلى هذا النداء.
وفي نفس الوقت، يكافح آبي أحمد من أجل الاحتفاظ بمصداقيته مع شعب الأورومو- الذي ينتمي هو إليه، والذي يشكل أكبر مجموعة عرقية في البلاد- وذلك منذ مقتل مغني مشهور من الأورومو أواخر شهر حزيران/يونيو الماضي. ودفعت الاحتجاجات العنيفة التي تلت جريمة القتل رئيس الوزراء إلى استدعاء قوات الأمن، حيث لقي المئات حتفهم وألقي القبض على الآلاف، الكثيرين منهم دون اتهام.
وفي حال تكررت هذه النوبات من العنف، ربما لا يجد آبي أحمد أمامه خيارا سوى اللجوء لإجراءات قاسية لقمعها، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من تآكل فرصه للفوز في الانتخابات. ويتمثل الرهان الأمثل بالنسبة له في التبكير بالانتخابات ليقرر الإثيوبيون ما إذا كانوا يؤيدون خططه الاقتصادية والسياسية، من أجل بلادهم. ولا يمكن للاستحسان الدولي، مهما بلغ قدره، تعويض فقدان المصداقية، والتفويض الشعبين، في الداخل.
فيديو قد يعجبك: