اعتقال عشرات الأشخاص في اشتباكات بين الشرطة ومحتجين في عدة مدن تونسية
(بي بي سي):
اندلعت اشتباكات مساء الأحد لليلة الثالثة على التوالي في عدة مدن تونسية، حيث واجه شباب يرشقون الحجارة قوات الأمن رغم إغلاق مشدد للحد من انتشار فيروس كورونا.
ومن بين المناطق التي شهدت اشتباكات منطقتا المنهلة والتضامن بتونس العاصمة، مدينة المهدية، سوسة، بنزرت، القيروان، قبلي، سليانة، نابل، منوبة، قفصة والمنستير.
وقال شهود عيان لوكالة رويترز للأنباء إن محتجين نهبوا متاجر في عدة مدن.
وأظهر مقطع فيديو نُشر على الإنترنت شبانا يقودون سيارة شرطة.ولم يتسن لرويترز التحقق من اللقطات بشكل مستقل.
وقال المتحدث باسم قوى الامن الداخلي، وليد حكيمة، إن قوات مكافحة الشغب اعتقلت 242 شخصا، معظمهم من المراهقين والشباب الذين خربوا الممتلكات وحاولوا السطو على المتاجر والبنوك.
وتمثل الاحتجاجات تحديا لحكومة رئيس الوزراء هشام المشيشي، الذي أجرى تعديلا وزاريا وسط معركة مستمرة على النفوذ السياسي.
ولا تزال المناطق الريفية في وسط وجنوب البلاد بؤرة التوتر لأعمال الشغب.
وفي بلدة "جلمة" بمحافظة سيدي بوزيد، فرقت الشرطة الشباب الذين قطعوا الطرق وأحرقوا الإطارات، للاحتجاج ضد تهميشهم وفقرهم.
وفي حي التضامن الذي تقطنه الطبقة العاملة على أطراف العاصمة تونس، ألقى شبان الحجارة على شرطة مكافحة الشغب التي ردت بوابل من الغاز المسيل للدموع.
وكانت الحكومة التونسية قد فرضت إغلاقا على مستوى البلاد لكبح فيروس كورونا، منذ يوم الخميس الماضي، الذي صادف ذكرى مرور عقد من الزمن على إزاحة زين العابدين بن علي من السلطة.
لكن في حي التضامن، لم تكن هناك شعارات سياسية يمكن سماعها.
وقال أسامة البالغ من العمر 26 عاما: "هذه ليست احتجاجات، إنهم شباب يأتون من الأحياء المجاورة للسرقة والترفيه عن أنفسهم".
وأضاف: "الاحتجاج يكون خلال النهار، حيث الوجوه مرئية".
وقال عبد المنعم، وهو نادل في مقهى قريب، إن الموجودين في الشارع "مراهقون يشعرون بالملل"، لكنه ألقى باللوم في أعمال العنف على الطبقة السياسية في البلاد بعد الثورة.
وقال الشاب البالغ من العمر 28 عاما: "هؤلاء الجانحون نتيجة فشلهم (الطبقة السياسية)".
أزمة اقتصادية
منذ حلول الليل، تجمع الشباب مرة أخرى على أسطح المنازل لرشق الحجارة والألعاب النارية على ضباط الشرطة والحرس الوطني.
ودوى صوت صفارات الإنذار، بينما صاح ضابط شرطة بمكبر الصوت "اذهبوا إلى منازلكم!"
وفي الجوار قال شاب يملأ جيوبه بالحجارة لوكالة فرانس برس: "هذه لأعدائنا".
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، خالد الحيوني، في وقت سابق الأحد إن عشرات الشباب، الذين تتراوح أعمار أغلبهم بين 14 و 17 عاما، اعتقلوا بعد أن نزلوا إلى الشوارع في الليلتين السابقتين، لنهب وتخريب واجهات المحلات والسيارات.
وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي شبانا، يحرقون الإطارات ويشتبكون مع عناصر الشرطة الشرطة وينهبون المتاجر.
وشهدت مدينة سوسة، التي عادة ما تكون نقطة جذب للسياح الأجانب ولكنها تضررت بشدة من الوباء، أعمال شغب.
وكانت تونس تخضع لحظر التجول الليلي حتى قبل الإغلاق الأخير، وهو إجراء لمدة أربعة أيام من المفترض أن ينتهي يوم الأحد عند منتصف الليل.
وبعد مرور عقد من الثورة، يشعر العديد من التونسيين بالغضب بشكل متزايد من ضعف الخدمات العامة، والطبقة السياسية التي أثبتت مرارا عدم قدرتها على الحكم بشكل متماسك.
وانكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9 في المائة العام الماضي، وارتفعت أسعار المستهلك بشكل كبير وأصبح ثلث الشباب عاطلين عن العمل.
كما تعرض قطاع السياحة الرئيسي، الذي تضرر بقوة بالفعل بعد سلسلة من الهجمات الجهادية المميتة في عام 2015، لضربة مدمرة من الوباء.
"لا أرى أي مستقبل"
وسجلت تونس أكثر من 177 الف حالة إصابة بفيروس كورونا، بما في ذلك أكثر من 5600 حالة وفاة بسبب المرض.
ودفعت الأزمة الصحية وما أعقبها من عواقب اقتصادية عددا متزايدا من التونسيين للسعي لمغادرة البلاد.
وفي حي التضامن مساء الأحد، سحب النادل عبد المنعم سيجارة بعصبية بينما اشتبك شبان مع الشرطة في مكان قريب ،بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
وقال: "لا أرى أي مستقبل هنا".
وقال إنه مصمم على ركوب قارب عبر البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا "بأسرع ما يمكن، وعدم العودة إلى هذا المكان البائس".
فيديو قد يعجبك: