20 يناير ونُسخ الإنجيل.. طقوس قد تجهلها عن تنصيب الرئيس في أمريكا
كتبت- رنا أسامة:
ساعات تفصلنا عن تنصيب ساكن البيت الأبيض الـ46، الديمقراطي جو بايدن رئيسًا جديدًا للولايات المتحدة تحت شعار "إعادة الوحدة"، خلفًا لسلفه الشعبوي دونالد ترامب، في حفل يُجرى مرة واحدة كل 4 أعوام في 20 يناير.
وسيكون بايدن (78 عامًا) والفخور بأصوله الإيرلندية أكبر الرؤساء الأمريكيين سنًا عند تولّي المنصب. فيما تتولى كامالا هاريس (56 عامًا) منصب نائبة الرئيس، كأول امرأة سوداء من أصول هندية تحمل على عاتقها مسؤولية هذا المنصب، منذ تأسيس الدولة بعد حرب الاستقلال في عام 1776.
ومنذ أول حفل تنصيب في عام 1789 مع الرئيس الأول جورج واشنطن وحتى تولي ترامب مهامه في 2017، ظل حفل التنصيب محطة بارزة في تقاليد الديمقراطية الأمريكية المتجذرة في تاريخ البلاد. فما أبرز دلالات وطقوس التنصيب؟
ما سر20 يناير؟
أُقيم أول حفل تنصيب في تاريخ الولايات المتحدة في 30 أبريل 1789لأسباب خارجة عن إرادة البشر؛ فقد استحال التنقل بين مناطق البلاد نظرًا للجليد الذي شل الحركة لعدة أسابيع. وبالتالي تم تنصيب جورج واشنطن، بطل حرب الاستقلال، في الربيع، بحسب وكالة "فرانس برس".
وتحدّد حفل التنصيب خلال الولايات الرئاسية التالية في 4 مارس. لكن في عام 1933، بعد انتخاب فرانكلين ديلانو روزفلت رئيسًا، ونظرا لتدني شعبية الرئيس المنتهية ولايته هيربرت هوفر، صادق البرلمان الأمريكي على التعديل رقم 20 في الدستور الأمريكي، مُحددًا موعد حفل تنصيب الرئيس ونائب الرئيس في 20 يناير.
ومنذ ذلك الحين، تم تنصيب كل الرؤساء الأمريكيين في 20 يناير، باستثناء ثلاثة: وهم دوايت إيزنهاور (1957)، ورونالد ريجان (في عهدته الثانية في 1985)، وباراك أوباما (لدى إعادة انتخابه في 2013)، إذ تولوا مهامهم رسميًا في 21 يناير بدلًا من 20 يناير، الذي صادف في تلك الأعوام يوم الأحد، وهو يوم عطلة في الولايات المتحدة.
متى وأين تُقام مراسمه؟
تقام مُراسم تنصيب رئيس الولايات المتحدة الـ46 عند الساعة 12:00 بالتوقيت المحلي (17:00 بتوقيت جرينتش) وسط انتشار كثيف للقوات الأمنية في العاصمة الفيدرالية.
ويُجرى ذلك أمام مقر الكونجرس (البرلمان) الأمريكي في واشنطن، مبنى الكابيتول، بغرفتيه (النواب والشيوخ)، وذلك منذ عام 1801 عندما أدّى الرئيس الثالث توماس جيفرسون اليمين.
كان الرئيس الأسبق جورج واشنطن أدّى القسم في المبنى الفيدرالي الكبير بنيويورك، وبالتحديد في حي وول ستريت، بحسب فرانس برس.
ونظرًا لسوء الأحوال الجوية وقتذاك، اضطر الرئيسان وليام هوارد تافت في عام 1909، ورونالد ريجان في 1985 لأداء اليمين داخل الكابيتول.
إجراءات "استثنائية"
يُجري حفل تنصيب بايدن في ظروف استثنائية يُخيّم عليها فيروس كورونا المُستجد، والصدمة التي خلفها اقتحام الكونجرس في 6 يناير والذي أسفر عن 5 قتلى.
سيُنشر حوالى 25 ألف عنصر من الحرس الوطني وآلاف الشرطيين من كل أنحاء البلاد، وفق فرانس برس.
وبسبب عدم حضور الحشود التي تتدفق عادة في مثل هذا اليوم إلى جادة "ناشونال مول" في واشنطن لرؤية الرئيس الجديد، سيقف بايدن أمام أكثر من 190 ألف علم أمريكي نصبت لتمثيل المواطنين الغائبين.
ونصبت حواجز وأسلاك شائكة لحماية "المنطقة الحمراء" الواقعة بين تلة الكابيتول والبيت الأبيض.
مَن المشاركون؟
في حين تفرض تقاليد السلطة على الرئيس المنتهية ولايته وزوجته (السيدة الأولى)، استقبال خلفيهما في البيت الأبيض يوم التنصيب صباحًا، ليتوجهوا معًا إلى مقر الكابيتول، إلا أن دونالد ترامب قرر مغادرة مقر السلطة في أولى ساعات الأربعاء مُتجهًا إلى مقر إقامته في منتجع مارالاغو بولاية فلوريدا مع زوجته ميلانيا، في سابقة هي الأولى منذ 150 عامًا.
كان جون أدامز، ثاني رؤساء أمريكا، غاب عن حفل تنصيب خلفه توماس جيفرسون في 1801، والذي كان نائبه قبل الانتخابات.
وفي 1824، فاز نجل أدامز، جون كوينسي أدامز، في انتخابات الرئاسة في "ظروف غامضة" أمام منافسه أندرو جاكسون الذي ندد يومها بالتزوير.
غير أن جاكسون ثأر من خصمه في انتخابات 1828 وفاز عليه إثر حملة مشحونة. ولم يلتق الرئيس الجديد بسلفه، إذ غادر الأخير البيت الأبيض عشية حفل التنصيب، بحسب "فرانس برس".
وفي عام 1841، لم يحضر الرئيس الديمقراطي مارتن فان بورين حفل تنصيب خلفه وليام هاريس لأسباب مجهولة. أما أندور جونسون، فقد رفض مغادرة البيت الأبيض خلال حفل تنصيب يوليس جرانت لأن الأخير لم يقبل أن يكون سلفه في العربة التي كانت تقله لمقر الكابيتول.
وفي عام 1974، غاب ريتشارد نيكسون عن حفل تنصيب الرئيس الجديد جيرالد فورد، على وقع استقالته من منصبه قبل نهاية ولايته الثانية بسبب فضيحة التنصت والتجسس على الحزب الديمقراطي المعروفة بقضية "ووترجيت".
وفي غياب ترامب، سيكون نائب الرئيس المنتهية ولايته مايك بنس حاضرا خلال تنصيب بايدن وهاريس.
وقبل 4 أعوام، حضر باراك أوباما وزوجته ميشال حفل تنصيب ترامب. وكذلك حضر بيل كلينتون حفل تنصيب خلفه جورج بوش الابن، والذي حضر بدوره حفل تنصيب أوباما.
اليمين الدستورية
يؤدي الرئيس المنتخب اليمين الدستورية أمام رئيس المحكمة الدستورية العليا، على أن يؤدي نائبه اليمين قبله بـ 15 دقيقة.
ويُعد هذا التقليد الوحيد الذي ينص عليه الدستور الأمريكي لتنصيب الرئيس الجديد، أما التقاليد الأخرى فغير منصوص عليها، بحسب حسب الموقع الرسمي للجنة المشرفة على هذه المناسبة الخاصة.
ويقر الرئيس أمام رئيس المحكمة العليا "بتنفيذ متطلبات منصب" الرئيس "بكل أمانة" وبالسعي للحفاظ على دستور الولايات المتحدة وحمايته والدفاع عنه".
وفي عام 2009، أخطأ باراك أوباما في الكلمات بسبب مغالطة رئيس المحكمة العليا، الذي أخطأ بدوره في قراءة نص القسم حسب ترتيب الفقرات، وبالتالي اضطر أوباما لأداء اليمين مجددا غداة تنصيبه.
الإنجيل
يؤدي بايدن اليمين الدستورية في تمام منتصف النهار بتوقيت واشنطن (6:00 بتوقيت باريس وأوروبا الوسطى). وسيضع يده اليسرى على الإنجيل، إذ اختار نسخة عائلية يعود تاريخ صدورها لعام 1893، وقد استعملها سابقا لدى توليه منصبي عضو مجلس الشيوخ، ونائب الرئيس خلال عهد أوباما.
وهناك رؤساء أمريكيون أدوا اليمين على نسخ من الإنجيل استعملتها شخصيات تاريخية أو أعضاء عائلتهم. وارن هاردينج (1921) ودوايت إيزنهاور (1953) وجيمي كارتر (1977) وجورج بوش الأب (1989) أقسموا كلهم على نفس النسخة التي استعملها جورج واشنطن، بحسب فرانس برس.
أما أوباما، فأدّى اليمين واضعا يده اليسرى على نسختين، واحدة تعود لأبراهام لينكولن (1861-1865) وأخرى لمارتن لوثر كينج زعيم الحركة المدافعة عن حقوق السود في الولايات المتحدة والذي اغتيل في 4 أبريل 1968. فيما أقسم ترامب على نسخة لينكولن، وأخرى أهدته إياها والدته.
الخطاب الرئاسي
بعد أداء اليمين، يلقي الرئيس الجديد خطابًا إلى الشعب الأمريكي. وبدأ هذا التقليد منذ عهد الرئيس الأول جورج واشنطن، وفق قناة "الحرة" الأمريكية.
مغادرة الرئيس المنتهية ولايته
بعد حفل قصير في قاعدة اندروز بضواحي واشنطن، سيغادر ترامب للمرة الأخيرة على متن الطائرة الرئاسية "اير فورس وان"، إلى ناديه في مارالاغو بولاية فلوريدا، حيث سيبدأ حياته الجديدة كرئيس سابق.
مشية النصر على طول جادة بنسلفانيا
يسير الرئيس المنتخب بصحبة السيدة الأولى من مبنى الكونجرس إلى البيت الأبيض عبر شارع بنسلفانيا، وهي مسافة تزيد على ثلاثة كيلومترات ونصف، وتستغرق حوالي 40 دقيقة.
وكان الرئيس جيمي كارتر أول من سار على قدميه في طريق الاستعراض.
غير أن تفشي وباء كوفيد 19 حتّم إلغاء هذه الجولة هذا العام. وبدلًا من ذلك، سيزور جو بايدن مقبرة أرلينجتون (التي دفنت فيها عدة شخصيات وطنية) سيرًا على الأقدام، برفقة الرؤساء السابقين بيل كلينتون، وجورج بوش الابن وباراك أوباما، ليضع إكليلًا من الزهور على ضريح الجندي المجهول.
وجراء فيروس كورونا، تم إلغاء مناسبات تقليدية أخرى مثل جلسة العشاء بمقر الكابيتول إلى جانب البرلمانيين، وحفلات موسيقية وراقصة عدة تقام عادة في واشنطن ليلة حفل التنصيب.
وأعلن الممثل الشهير توم هانكس أنه سيحيي برنامجا خاصا على التلفزيون للمضي قدما في تقاليد تجذرت في تاريخ الديمقراطية الأمريكية.
فيديو قد يعجبك: