"نرجسيته جعلته هدفًا مثاليًّا".. هل جندت روسيا "ترامب" ليصبح جاسوسًا لها؟
كتب - محمد صفوت:
زعم جاسوس روسي سابق يدعى يوري شفيتس، أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كان عميلاً روسيًّا على مدى الـ 40 عامًا السابقة، وكان أحد أهم الجواسيس الروس خلال تلك الفترة وأبدى استعدادًا لترديد دعاية معادية للغرب لقت ترحيبًا في موسكو.
الجاسوس الروسي السابق يوري شفيتس الذي أرسله الاتحاد السوفيتي إلى واشنطن في الثمانينات، روى لصحيفة "جارديان" الريطانية تفاصيل تجنيد ترامب حتى وصل إلى المكتب البيضاوي ليصبح على رأس العدو اللدود لروسيا.
كيف بدأت اللعبة؟
"غروره ونرجسيته جعلته هدفًا طبيعيًا للتجنيد.. وتمت تربيته بعناية على مدى 40 عامًا، حتى انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة" بتلك الكلمات بدأ سفيتش حديثه مع "جارديان"، ووصف ترامب بـ"خماسي كامبريدج" وهي شبكة تجسس بريطانية نقلت أسرارًا إلى موسكو خلال الحرب العالمية الثانية وأوائل الحرب الباردة.
ويُعد شفيتس، المصدر الرئيس لكتاب الصحفي كريج أونجر "كومبرومات الأمريكي" (American Kompromat) ويزعم الكتاب أن الملياردير الجمهوري الذي أصبح رئيسًا لأمريكا، كان صديقًا لجيفري أبستين الذي كان يدير ثروات كبار أثرياء العالم وصديقًا لكبار الساسة والمشاهير وظل لعقود يستغل القاصرات لأغراضه الجنسية ومعروف بأنه سيئ السمعة.
يروى الصحفي في كتابه الذي صدر قبل أيام، بعد رحيل ترامب من البيت الأبيض، كيف أصبح ترامب "هدفًا ممتازًا" للمخابرات الروسية في ١٩٧٧، حين تزوج زوجته الأولى، إيفانا زيلنيكوفا عارضة الأزياء التشيكية، وأصبح هدفًا لعملية تجسس أشرف عليها جهاز استخبارات تشيكوسلوفاكيا بالتعاون مع الاستخبارات السوفيتية "KGB".
وأكد الجاسوس الروسي شفيتس، الذي عمل كمراسل في واشنطن لوكالة الأنباء الروسية "تاس" خلال الثمانينيات لـ"جارديان" ادعاءات الكتاب بأن روسيا جندت أشخاصًا كانوا مجرد طلاب ثم ارتقوا لمناصب قيادية مهمة.
ويقول الكتاب، إنه بعد ٣ سنوات من زواج ترامب، افتتح أول مشروع تطوير عقاري كبير له "فندق جراند حياة" في نيويورك واشترى 200 جهاز تليفزيون للفندق من سيميون كيسلين، وهو مهاجر سوفيتي شريك في شركة "Joy-Lud" للإلكترونيات.
ويروي شفيتس أن شركة "Joy-Lud" كانت تحت سيطرة الاستخبارات السوفيتية، وكان كيسلين "صائد العملاء" أو "وكيل مراقب" الذي رشح ترامب كعميل محتمل لروسيا فهو رجل أعمل صاعد يسعى لبناء ثروة هائلة، بينما ينفي كيسلين وجود أي علاقة به بالاستخبارات السوفيتية.
إقناعه بأن يصبح رئيسًا
في 1987؛ زار ترامب وإيفانا موسكو وسان بطرسبرج للمرة الأولى. ويقول شفيتس عن تلك الزيارة، إن ترامب تلقى عملاء المخابرات السوفيتية غذوه ببعض أفكارهم ومدحوه وطرحوا عليه فكرة دخوله عالم السياسة.
ويتذكر أن الاستخبارات الروسية تقربت من ترامب بالتملق والمداهنة، وجمعت المعلومات عن شخصيته حتى يعرفوا من هو شخصيًّا. كان الشعور بأنه شديد الضعف فكريًّا ونفسيًّا وكان عرضة للتملق.
"هذا ما استغلوه، ووهموه بأنهم معجبون بشخصيته وقالوا له إنه يجب أن يصبح رئيسًا لأمريكا مستقبلاً، أناساً مثله هم من يمكنهم تغيير العالم، وأن أشخاصًا مثله هم من يمكنهم تغيير العالم" هكذا شرح شفيتس كيف بدأت اللعبة الروسية لتجنيد ترامب.
ويواصل حديثه لجارديان بقوله: "غذوه بشعارات ما يسمى الإجراءات النشطة وحققوا ما أرادوا، وكان إنجازًا كبيرًا للمخابرات السوفيتية النشطة في ذلك الوقت".
وتابع أنه بعد عودة ترامب للولايات المتحدة بفترة وجيزة درس فكرة ترشحه لرئاسة الحزب الجمهوري، وعقد تجمعًا انتخابيًّا في مدينة بورتسموث بولاية نيو هامبشاير.
في سبتمبر من نفس العام؛ نشر ترامب إعلانًا على صفحة كاملة في صحف "نيويورك تايمز، واشنطن بوست، وبوسطن جلوب" تحت عنوان: "ليس هناك شيء خاطئ في سياسة الدفاع الخارجية الأمريكية لا يستطيع العمود الفقري الصغير علاجه" في إعلانه قدم ترامب بعد الآراء والأفكار غير المألوفة وغير التقليدية عن الحرب الباردة، في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان، واتهم اليابان حليفة الولايات المتحدة باستغلالها، وشكك في مشاركة بلاده في حلف شمال الأطلسي "ناتو".
واتخذت الإعلانات شكل رسالة مفتوحة إلى الشعب الأمريكي حول "سبب توقف أمريكا عن الدفع للدفاع عن الدول التي يمكنها الدفاع عن نفسها".
يقول شفيتس عن إعلان ترامب، إنه بعد أيام قليلة عُدت إلى روسيا وزرت المقر الرئيسي للاستخبارات وتلقيت برقية احتفال بالإعلان الذي لقى الدهشة والبهجة في روسيا، واعتبروه "عملاً نشطًا ناجحًا" نفذه أحد العملاء الجدد.
ويواصل حديثه: "أنا على دراية جيدة بالعمليات الاسخباراتية السوفيتية التي بدأت في أوائل السبعينيات والثمانينيات، ثم العمليات الروسية، والحقيقي أن ترامب كان عملاً غير مسبوق".
ويقول إنه لم يسمع في حياته عن مثل تلك العملية أو شيء شبيه لها حتى وصل ترامب إلى البيت الأبيض، لأنه كان مجرد شخص سخيف ويصعب التصديق بأنه يثير إعجاب الجادين الحقيقيين في الغرب، لكنه فعل ذلك، وأخيرًا أصبح هذا الرجل هو الرئيس".
يشار إلى أن موسكو رحبت بفوز ترامب في انتخابات ٢٠١٦، التي فتح بها تحقيق لتدخل روسي مزعوم، لكن فشل تحقيق روبرت مولر في اكتشاف مؤامرة بين أعضاء حملة ترامب والروس. لكن مشروع موسكو وهو مبادرة لمركز العمل الأمريكي التقدمي، وجد أن حملة ترامب والفريق الانتقالي لديه ما لا يقل عن 272 جهة اتصال معروفة وما لا يقل عن 38 اجتماعًا مع عملاء مرتبطين بروسيا.
ويقول شفيتس، إن تقرير مولر يُعد خيبة أمل كبيرة لأن الناس توقعوا أنه سيكون تحقيقًا شاملاً في جميع العلاقات بين ترامب وموسكو في حين أن ما حصلنا عليه في الواقع كان تحقيقًا من القضايا المتعلقة بالجريمة فقط. لم تكن هناك جوانب استخباراتية للعلاقة بين ترامب وموسكو.
ويتابع أنه أجرى تحقيقه الخاص في هذا الشأن، مضيفًا أنه قرر التعاون مع كريج لتصحيح هذا في الأساس، ويعتقد أن الكتاب سيبدأ من حيث توقف مولر.
ويقول مؤلف الكتاب، إن ترامب كان الهدف المثالي للروس، ونجحوا في استغلال شخصيته في تجنيده حتى أصبح رئيسًا للولايات المتحدة.
فيديو قد يعجبك: