لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

باحث أمريكي: آبي أحمد يسعى لتعزيز الديكتاتورية في إثيوبيا

10:30 ص الجمعة 08 يناير 2021

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد

واشنطن- (د ب ا):

مع انتهاء الحرب الباردة، ازدهرت في أفريقيا الديمقراطية التي كان الحكام المستبدون قد خنقوها طوال عقود. وفي 1990-1991، سجلت مؤسسة فريدوم هاوس 65 دولة حرة. وبعد ذلك بعشر سنوات، سجلت 86 دولة حرة. وأسهمت الثورة الديمقراطية في أفريقيا في تحقيق هذا التغيير.

ويقول مايكل روبين الباحث المقيم في معهد انتربرايز الأمريكي إن المزيد من الدول تحولت من دول ليست حرة إلى دول حرة جزئيا؛ وكانت من بينها إثيوبيا، ثاني أكبر دولة بالنسبة لعدد السكان. ففي عام 1991، فر مينجستو هيلا ماريام، الديكتاتور الماركسي الذي حكم البلاد لفترة طويلة إلى المنفى في زيمبابوي. وتولى الحكم ميليس زيناوي كحاكم مؤقت وتبنى الفيدرالية العرقية لإنهاء عقود من الصراع العرقي الذي كانت تعاني منه إثيوبيا.

وفي مايو 1995، أجرت إثيوبيا أول انتخابات متعددة الأحزاب. وقاطعت بعض الأحزاب الانتخابات التي وصفها المراقبون مع ذلك بأنها كانت نزيهة رغم سيطرة السلطات الحاكمة على موارد الدولة. ومع ذلك استمرت مضايقة الحكومة لمعارضيها، وزاد اندلاع الحرب مع إريتريا عام 1998 من عرقلة التحرر السياسي. ورغم أن دستور عام 1995 كان تقدميا، لم يكن واقع تنفيذه كذلك.

ويضيف روبين في تقرير نشرته مجلة "ذا ناشونال إنتريست" الأمريكية أنه في عام 2010، وعلى خلفية عالمية واسعة النطاق للتراجع الديمقراطي، أعادت مؤسسة فريدوم هاوس تصنيف إثيوبيا لتكون دولة غير حرة وأشارت إلى أن مسار إثيوبيا كان سلبيا لعدد من السنوات، "حيث كان رئيس الوزراء ميليس زيناوي يضطهد المعارضة السياسية، ويقمع المجتمع المدني". وفي عام 2018، أدرجت إثيوبيا، مع فنزويلا، وتركيا، واليمن بين الدول التي تشهد أسرع تراجعات في مجال الحرية خلال العقد السابق.

وربما كان هذا هو السبب في أن يحظى تولي آبي أحمد رئاسة وزراء إثيوبيا بإعجاب الدبلوماسيين الدوليين. فقد خلف هيلا مريام ديسالين الذي كان أول مسؤول في تاريخ إثيوبيا يتخلى عن منصبه طواعية. وكان أحمد الذي يبلغ من العمر 41 عاما يمثل تغييرا في الأجيال. فقد أتى من خلفية جهاز أمني، لكن اكتسب شهرة أنه إصلاحي. وزاد مثل هذا التفاؤل بالنسبة لنوايا أحمد عندما سعى لإنهاء مواجهة دامت عقودا مع إريتريا، وهي مبادرة أكسبته جائزة نوبل للسلام عام 2019 اعترافا بــ" جهوده لتحقيق السلام والتعاون الدولي، وخاصة بالنسبة لمبادرته الحاسمة لحسم النزاع الحدودي مع إريتريا المجاورة".

والحالات التي عرضت جائزة نوبل للسلام للإحراج ليست قليلة، لكن أحمد سرعان ما وضع نفسه ليكون بين أشد حالات الندم بالنسبة للجنة نوبل النرويجية. فإن ما رأت لجنة نوبل أنه مقامرة من أجل السلام يبدو أكثر أنه اتفاق متعمد لدفن بلطة لاستخدام غيرها. فنزاع الحدود بين إثيوبيا وإريتريا كان يشبه معركة بين أصلعين يتقاتلان على مشط شعر. فبعد تسوية الحدود، كان بوسع أحمد حينئذ بدء هجومه بالتعاون مع القوات الإريترية على منطقة تيجراي الشمالية في إثيوبيا في إطار سعي أحمد لإعادة مركزية إثيوبيا وإنهاء الحكم الذاتي الذي تتمتع به المناطق ذات العرقيات المختلفة والذي نص عليه دستور عام 1995.

ويرى روبين أنه يبدو أن سبب الحرب هو نزاع بين منطقة تيجراي وحكومة أحمد بشأن جهوده الأحادية لتوسيع نطاق سلطاته. ففي يونيو 2020 أعلن أحمد تأجيل الانتخابات. وقال أنصاره ان الحذر بالنسبة لمواجهة فيروس كورونا يستحق تمديد فترة بقائه في منصبه بينما حذر خصومه من أن إبطال الدستور يفتح الباب أمام إعادة تعزيز ديكتاتوريته.

وفي تيجراي لم تعترف حكومة المنطقة بتمديد فترة منصب أحمد ومضت في إجراء انتخاباتها التي اعتبرها أحمد" غير قانونية". وردت سلطات تيجراي بأن إدانة أحمد لإجراء الانتخابات لا معنى لها حيث أن فترة منصبه الدستورية انتهت في أكتوبر 2020.

وربما خوفا من امكانية امتداد تحدي تيجراي ليشمل مناطق أخرى في إثيوبيا، أمر أحمد في نوفمبر قوات الدفاع الإثيوبية باحتلال تيجراي وعزل حكومتها المنتخبة. واستعدت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، وهي إحدى القوى الرئيسية التي أطاحت بالحكومة العسكرية المؤقتة في إثيوبيا ، للدفاع عن حكمها الذاتي المحلي وإحباط ما تردد عن خطط لتحويل أراض من منطقتهم إلى منطقة الأمهرة المجاورة.

لقد كانت معركة وحشية. فقد قطعت القوات الإثيوبية الاتصالات عن ميكيلي عاصمة المنطقة في الوقت الذي كانت تتقدم فيه القوات الإثيوبية نحو المدينة وتردد أنها أخضعتها لوابل من نيران المدفعية. ورغم الإنكار المتكرر من جانب إثيوبيا، عين أحمد عمدة للمدينة يعترف الآن بأن القوات الإريترية شاركت أيضا في القتال، وهى حقيقة تعترف بها الآن أجهزة المخابرات الأمريكية. وتصف روايات شهود العيان قيام القوات الإثيوبية والإريترية بعمليات إعدام سريعة للمدنيين وسلب ممتلكاتهم. وبالنسبة لأحمد كانت دوافع السلطة وراء ذلك، وبالنسبة للدكتاتور الإريتري أسياس أفورقي كان المال هو الدافع.

ومثل الكثيرين قبله ممن يصفون أنفسهم بأنهم إصلاحيون، أصبح أحمد مدمنا للسلطة. وهو ليس وحده في ذلك، ففي الصومال، عمل الرئيس محمد عبدالله فارماجو مثله على تقويض الفيدرالية مثلما شهدته الصومال أثناء حكم عمه سياد بري. والأمر الذي يجعل أحمد خطيرا للغاية هو ان النرويجيون ذوو النوايا الحسنة منحوه وشاح صانع السلام.

ومع اتجاه إثيوبيا نحو الانتخابات التي تقرر مبدئيا إجراؤها في الخامس من يونيو المقبل، لم يؤد القتال الذي خاضه أحمد فقط إلى إضعاف منافسه الرئيسي، والذي تصادف أنه من تيجراي ولكن أيضا يمكنه من استغلال سلطات فرض الطوارئ لزيادة تقويض الديمقراطية.

لقد حان الوقت لأن تتحدث الدول الغربية والديمقراطيات الأفريقية مباشرة عن المسار الخطير الذي دفع أحمد إثيوبيا للسير فيه. إن إثيوبيا دولة متنوعة، لذلك فإنه ببساطة لن يكتب النجاح لأي ديكتاتورية مركزية.

وفي ختام تقريره قال روبين إنه مع سعي أحمد للتركيز على الجدل القومي يبدو أنه على استعداد لافتعال المعارك ليس فقط مع مصر والسودان، ولكن أيضا مع كينيا. ويبدو أن اعتماد أحمد المتزايد على الصين لا يتعلق كثيرا بالتنمية بقدر ما يتعلق بإيجاد نصير يمول انزلاق إثيوبيا نحو حكم الفرد المطلق. وببساطة، يبدو أن أحمد ليس البديل الشاب الإصلاحي لأسياس في إريتريا، ولكنه تلميذه. لقد جلب أسياس المأساة لإريتريا. ولا يجب أن يكون المجتمع الدولي معصوب العينين في الوقت الذي يخاطر فيه أحمد المتعطش للسلطة بفرض نفس المصير في إثيوبيا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان