لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد خسارتها في العراق وأفغانستان.. هل خسرت أمريكا في سوريا أيضًا؟

12:53 م الثلاثاء 19 أكتوبر 2021

انسحاب القوات الأمريكية

واشنطن - (د ب أ):

أثار الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان والعراق توقعات بأن واشنطن تعتزم الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط بأسرها، بعد أن تسببت الحروب التي خاضتها في دول بالمنطقة تحت ذرائع مختلف، في استنزافها معنويا وماديا وكلفتها عددا كبيرا من أرواح الجنود الأمريكيين، دون أن تحقق ما كانت تصبو إليه.

وهذه النتيجة، بالإضافة إلى رغبة واشنطن في التركيز على تحجيم قوى أخرى، تهديدا كبيرا لهيمنتها، وبالتحديد الصين وروسيا، جعلتها تفكر بعيدا عن منطقة الشرق الأوسط إلى حد ما، لتركيز الموارد على مجابهة تلك التحديات، مع الاحتفاظ قطعا بسبل لحماية مصالحها في المنطقة.

ويقول الباحث والمحلل علي دميرداش، الحاصل على دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة كارولينا الجنوبية، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" إنه ربما لا شيء يجسد الفشل الذريع لانخراط واشنطن في أفغانستان منذ عشرين عاما وعدم كفاءتها الأوسع في بناء الدول بالشرق الأوسط من صور الأفغان المتشبثين بطائرات (سي 17) التابعة للقوات الجوية الأمريكية قبل أن يسقطوا من ارتفاع مئات الأقدام في الهواء ليلقوا حتفهم. ولم يكف مبلغ 3ر2 تريليون دولار من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين ولا تضحيات أكثر من 2400 جندي، للتغلب على ضخامة الاختلافات العرقية والقبلية والدينية اللازمة لبناء دولة أفغانية ديمقراطية وصديقة للولايات المتحدة.

ويضيف دميرداش الذي عمل أستاذا للشؤون الدولية في كلية تشارلستون الأمريكية من 2011 إلى 2018، أن العراق يعد قصة مماثلة، فبعد إنفاق تريليوني دولار والتضحية بأكثر من 4500 جندي أمريكي، تم تسليم العراق إلى إيران على طبق من فضة. بمعنى أنه من خلال الإطاحة بصدام حسين، العدو اللدود لإيران، أنجزت الولايات المتحدة ما لم تتمكن إيران من تحقيقه خلال ثمانينيات القرن الماضي، ولم تكن طهران أبدا صاحبة نفوذ مؤثر في السياسة العراقية كما هي الآن.

وصوت البرلمان العراقي على طرد القوات الأمريكية، وتقوم الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران بشكل روتيني بشن هجمات بالصواريخ وقذائف الهاون والطائرات بدون طيار على القوات الأمريكية المتمركزة في القواعد العسكرية العراقية في محاولة واضحة لإجبارها على الخروج. وعلاوة على ذلك، لم يمهد الغزو الأمريكي للعراق الطريق أمام تمدد إيران في العراق وسوريا ولبنان فحسب، بل سهّل أيضا استغلال روسيا والصين لصناعة النفط العراقية ذات الربح الوفير. وأصبحت روسيا الآن المورد الرئيسى للأسلحة للعراق، بحسب دميرداش.

ويضيف الكاتب أن النمط نفسه يتكرر في سورية، حيث يعتقد أنه تم نشر ما يقدر بنحو 900 جندي أمريكي. وكما هو الحال في أفغانستان والعراق، ورغم إنفاق مليارات الدولارات، فشلت واشنطن بعناد، في رؤية عدم جدوى جهودها لبناء الدولة في سوريا. وببساطة، تحول الحقائق العرقية والقبلية والدينية على الأرض، فضلا عن وجود القوى الإقليمية، روسيا وتركيا وإيران، دون جهود واشنطن لإنشاء دولة كردية صديقة للولايات المتحدة في المنطقة. وبدلا من الحفاظ على مسعى عقيم، من الأفضل للولايات المتحدة أن تحاول خفض حجم خسائرها.

ويقول دميرداش إن الولايات المتحدة لديها العديد من الإنجازات العظيمة، ولكن بناء الدول ليس أحدها. فمن فيتنام إلى أفغانستان إلى العراق، أثبتت واشنطن مرارا أن بناء الدول ليس المجال الذي تكمن قوتها فيه. وأشار إلى أن عجز أمريكا عن فهم آلاف السنين من الديناميكيات الاجتماعية والقبلية القديمة التي تحدد هوية الشرق الأوسط، واعتمادها المفرط على الجيش الأمريكي، الذي لم ينج من المزيد من الدمار والفوضى، ودعمها المتهور والمندفع للوكلاء الذين يخلون بالتوازن الإقليمي، كلها عوامل ساهمت في فشل أمريكا في إحراز تقدم في الشرق الأوسط.

وخلص دميرداش إلى أنه منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، أهدرت الولايات المتحدة الثلاثين عاما الماضية في التعثر بين نهري الفرات ودجلة في العراق وفي جبال أفغانستان، ومطاردة شبح الإرهاب الذي لم يؤد إلا إلى استنزافها ماليا، ليحاصر الشعب الأمريكي بـ "الإجهاد الأبدي بسبب الحروب"، وقد سمحت واشنطن للصين في نفس الوقت بأن تصبح منافسا خطيرا للهيمنة العالمية للولايات المتحدة. وبدلا من البقاء على هذا المسار وتدوير عجلاتها في سوريا، سيكون من الأفضل لواشنطن تحويل انتباهها إلى مسائل أكثر أهمية، كما يتعين عليها السماح للقوى الإقليمية بمعالجة مشكلة لم تكن أبدا تقع ضمن مسؤوليتها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان