خبير عسكري أمريكي: الصين لن تغزو تايوان حتى 2027 إلا في حالة واحدة
واشنطن- (د ب أ):
منذ تعهد الرئيس الصيني شي جين بينج بـ "إعادة التوحيد" مع تايوان، تصاعدت التوترات بشكل كبير في الجزيرة بشأن ما إذا كانت الصين تعني بذلك تنفيذ عمل عسكري ضد تايبيه.
ويقول الخبير الاستراتيجي ديريك جروسمان، الذي كان في السابق مستشارا استخباراتيا لدى وزارة الدفاع الأمريكية، في تقرير نشرته مؤسسة البحث والتطوير الأمريكية (راند)، إن تايوان ربما يكون أمامها ست سنوات قبل أن تتعرض لهجوم عسكري صيني.
ويوضح جروسمان، وهو كبير محللي شؤون الدفاع في "راند"، أن هذا هو التقدير، على الأقل، وفقا لما ذكره القائد المنتهية ولايته للقيادة الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، الأدميرال فيليب ديفيدسون، في مارس الماضي في إطار شهادة مفتوحة أمام الكونجرس.
ومنذ ذلك الحين، استغل المراقبون تعليقات ديفيدسون، التي تشير على ما يبدو إلى الذكرى المئوية لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني والتي تحل في عام 2027 كحدث يستحق الاحتفال به بغزو تايوان، وذلك في إطار دعم مواقف كل واحد منهم بشأن ما إذا كانت بكين تستعد للقيام بخطوة خطيرة قريبا.
وبالنسبة لمن يتفقون مع وجهة نظر ديفيدسون، يعد العدد غير المسبوق من الطائرات الحربية التى تتحدى تايوان في منطقة تحديد الدفاع الجوى- ما يقرب من 150 طائرة خلال الأيام القليلة الأولى من الشهر الماضى- أحدث دليل على أن هناك شيئا ما يجري الإعداد له على قدم وساق .
وبالنسبة لمن ينكرون ذلك، من السهل تفسير الغارات الجوية الأخيرة على أنها مجرد جزء لا يتجزأ من الزيادة العامة في إصرار بكين العسكري الرامي إلى ردع المزيد من العمق في العلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان.
وهناك أسباب وجيهة تدفع إلى الاعتقاد بأن تنبؤ ديفيدسون جريء إلى حد ما.
ويقول جروسمان إن الرئيس الصيني شي جين بينج يسعى بوضوح إلى إخضاع تايوان ، وبقوة إذا لزم الأمر، إلا أنه يواصل أيضا تعزيز "إعادة التوحيد السلمي" باعتباره الوسيلة المفضلة لبكين. ومن المرجح أن شي كان سيشدد لهجته الآن إذا كان يعتقد أن الحرب احتمال حقيقي. وبدلا من ذلك، انتقل الرئيس إلى تهدئة تكهنات بشأن هجوم محتمل من خلال إخماد الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية بأن بكين حشدت احتياطي جيش التحرير الشعبي وأمرت المدنيين بتخزين الغذاء.
ويتساءل جروسمان: هل من الممكن أن يكون شي يخطط لهجوم مباغت؟ ويجيب قائلا: "بالتأكيد، ولكن حتى الآن، لا يوجد دليل على أنه يفعل ذلك". وتابع بالقول إن ما نعرفه يتحدث عن العكس، مشيرا إلى نهج الانتظار والترقب على أمل أن يؤدي الضغط الدبلوماسي والاقتصادي والعسكري على تايوان إلى فوز حزب كومينتانج الصديق للصين في الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2024.
وبالإضافة إلى ذلك، لم تقم بكين بعد بتحديث قانونها المناهض للانفصال منذ عام 2005، مما يشير إلى أن تايوان، على عكس معظم التحليلات الغربية، لم تكن أولوية قصوى. وعادة ما أغفل الرئيس الصيني ذكر "تايوان" في خطابات الحزب الشيوعي الرئيسية. ووفقا لأحد هذه الخطابات، كان شي ألقاه أمام كبار الكوادر في يناير الماضي، ركز الرئيس على أهداف التحديث والتنمية الاجتماعية والاقتصادية بدلا من التعامل مع مشكلة تايوان.
ويتعين على شي أيضا أن يقلق بشأن قدرة الجيش الصيني على القيام بغزو برمائي ناجح لتايوان. ومن المعروف أن عمليات الهبوط البرمائية صعبة التنفيذ، وقد أظهر الجيش في الماضي أوجه قصور في مجالات حرجة مثل الجسر الجوي الاستراتيجي، والخدمات اللوجستية، والحرب المضادة للغواصات، من بين أمور أخرى.
ومما لا شك فيه أن إعادة هيكلة الجيش في الصين عام 2016 إلى مفهوم مشترك للعمليات والتوسع المحموم، وتحديث قواته بما يتماشى مع دعوة شي له لتحقيق وضع "عالمي المستوى" بحلول عام 2049، ربما عززت فعاليته. ولكن تحسين القدرات وحده لا يساوي بالضرورة مزيدا من الكفاءة في ساحة المعركة، وخاصة بالنسبة للجيش الذي لم يخض حربا منذ حرب عام 1979 ضد فيتنام.
وتسلط التقييمات الذاتية للجيش الصيني الضوء بشكل روتيني على تحديات استعداد الأفراد، ولا سيما في القيادة القتالية. والواقع أن الجيش الصيني يؤكد الحاجة إلى التدريب في ظل "ظروف قتالية واقعية". ومن ثم، لن يكون من المستغرب أن تحاول الصين القيام بعملية عسكرية أقل صعوبة قبل تايوان. وقد شهد رئيس الاستخبارات التايواني بشكل خاص في وقت سابق هذا الشهر بأن الصين ناقشت سرا الاستيلاء على جزر براتاس التايوانية .
ويقول جروسمان إن من الإنصاف أيضا أن نلاحظ أنه رغم فظاعة السلوك الصيني في مواجهة تايوان على مدى السنوات القليلة الماضية، تصرفت بكين بالفعل، بشكل غير مباشر، مقارنة بما كان بوسعها أن تفعله الآن. وعلى سبيل المثال، خلال أزمة مضيق تايوان (1995-1996)، ألقت بكين بصواريخ باليستية بالقرب من تايوان، في إجراء استفزازي للغاية لم يتكرر بعد.
كما قررت الصين ترك اتفاقية إطار التعاون الاقتصادي، التي تم توقيعها في عام 2010 في عهد الرئيس ما ينج-جيو، سلف رئيسة تايوان الحالية تساي إنج ون، من حزب كومينتانج المعارض، دون مساس بها على الرغم من رفض تايوان إعادة تأكيد الصين الواحدة بموجب ما يسمى بتوافق عام 1992.
ومن شأن إنهاء اتفاقية إطار التعاون الاقتصادي أن يشكل ضغطا اقتصاديا كبيرا على الجزيرة. وعلى نطاق واسع، يمكن للمرء أن يتوقع أن تقوم بكين بتحويل الخناق بشكل كبير على تايبيه في جميع الأوجه قبل أي نوع من الهجمات العسكرية. ولم يكن الأمر كذلك حتى الآن.
ويشكل كل هذا نبأ سارا فيما يتعلق بأمن تايوان حتى عام 2027. ولكن هناك تحفظ وهو أنه إذا أصبح نائب تساي الحالي الذي يتمتع بشعبية طاغية، لاي تشينج تي، والمعروف أيضا باسم ويليام لاي، مرشح الحزب التقدمي الديمقراطي الذي يركز بقوة على تايوان، للانتخابات الرئاسية في عام 2024. وإذا فاز بالرئاسة، فإن احتمال إقدام الصين على عمل عسكري ضد تايوان سوف تتزايد.
وأشارت بكين إلى تساي على أنها انفصالية ومؤيدة للاستقلال على نحو سري، وهو أمر سيء بما يكفي. ولكن إذا فاز لاي بالرئاسة، فإن بكين سوف تتنافس مع زعيم صرح علنا، عندما كان رئيسا للوزراء في عام 2018، بأنه "عامل من أجل استقلال تايوان". ويمكن لوجود مثل هذا الرجل في المنصب أن يدفع الصين نحو العمل العسكري.
فيديو قد يعجبك: