تطورات الحرب في إثيوبيا.. قوات تيجراي على أبواب العاصمة أديس أبابا
كتب- محمد صفوت:
تتسارع الأحداث في إثيوبيا مع تعتيم فرضته الحكومة الفيدرالية على البلاد بقطع الاتصالات والإنترنت، وسط خسائر مستمرة في صفوف قواتها وزحف متقدم للقوات المتمردة نحو العاصمة أديس أبابا.
الحرب التي بدأها آبي أحمد في ٤ نوفمبر ٢٠٢٠، متعهدًا بإنهائها بعد أسابيع قليلة لا تزال مستمرة وتحتدم معاركها حتى اليوم، شهدت المعارك تحولاً وانعكاسًا على الأرض منذ يونيو الماضي؛ إذ مني الجيش الإثيوبي بخسائر متتالية واستيلاء القوات المتمردة المتحالفة على أراضي جديدة في أقاليم عدة ومدن استراتيجية حول العاصمة.
تطورات المعارك على الأرض
في أحدث التطورات على الأرض أعلنت قوات تيجراي التي تقاتل منذ بداية الحرب قربها من مدينة دبر برهان الاستراتيجية على بعد 130 كيلومترًا من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وكشفت وسائل إعلام أجنبية بينها "رويترز" و"بي بي سي" الثلاثاء، أن القوات المتمردة المتحالفة التي يبلغ عددها ٩ جماعات تتقدم على ٤ محاور نحو المدينة التي تبعد ١٣٠ كيلومترًا عن العاصمة، بينما يعتقد التقاء قوات تيجراي بجيش أورومو على محور خامس غرب العاصمة.
في ضوء ذلك، أعلن آبي أحمد، وهو عسكريًا سابقًا برتبة عقيد وشارك في حرب إثيوبيا ضد إريتريا، الاثنين عن توجخه للجبهة لقيادة القتال بنفسه ضد القوات المتمردة دون الكشف عن المكان المحتمل لوجوده.
في بيانه، بدل وصفه المستمر للمعارك بأنها حربًا أهلية ضد الإرهاب، إلى حرب وجودية، تحتم على
الشعب الإثيوبي القتال في وجه المتمردين. وكان سابقًا يدعو السكان لحمل السلاح إلا أن دعوته الحالية تبدو كتعبئة عامة للقوات ودعوة السكان للتطوع في الجيش الذي يتقهقر في عدة محاول.
الجيش الإثيوبي الذي قدم دعمًا لوجستيًا للقوات الأمريكية في حربها على حركة الشباب الإسلامية في الصومال التابعة لتنظيم القاعدة، يبدو أنه على وشك الانهيار.
دعوات لمغادرة البلاد دون عمليات إجلاء
مع احتدام المعارك في إثيوبيا والتطورات المتسارعة، دعت دول عربية وأجنبية مواطنيها في إثيوبيا إلى مغادرة البلاد في أسرع وقت وبأي طريقة ممكنة إذا فشل رحيلهم عبر الرحلات الجوية المجدولة.
وكشفت "سي إن إن" الثلاثاء، عن نشر الجيش الأمريكي قوات العمليات الخاصة في جيبوتي لتقديم المساعدة للسفارة الأمريكية في إثيوبيا حال تفاقم الوضع.
ونقلت الشبكة الأمريكية عن مسؤول عسكري ومصدرين مطلعين على التحركات، قولهم إن الجيش الأمريكي يراقب الوضع وتطوراته عن كثب، وأن واشنطن تشعر بالقلق من تدهور الوضع الأمني مع تقدم الجماعات المسلحة المتحالفة ضد الحكومة الإثيوبية جنوبًا نحو العاصمة.
وكشف مسؤول عسكري عن وضع ٣ سفن في الشرق الأوسط على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم لعمليات الإجلاء
إذا لزم الأمر. على الرغم من أن مسؤولي وزارة الخارجية حذروا من عدم وجود تخطط لتنفيذ عمليات إجلاء واسعة النطاق بقيادة عسكرية في إثيوبيا، مثلما حدث في أفغانستان.
وكشف مسؤول في وزارة الخارجية، لسي إن إن، عن أن بلاده منخرطة في التخطيط للطوارئ مع التطورات
المتلاحقة في إثيوبيا، مؤكدًا أنه لا توجد خطط لتوجيه القوات الأمريكية إلى إثيوبيا لتسهيل عمليات الإجلاء أو تكرار جهود الطوارئ التي قامت بها في أفغانستان.
كيف طوق المتمردون الجيش الإثيوبي؟
قبل عام شن الجيش الإثيوبي حربًا على قوات تيجراي، محققًا انتصارات هائلة متتالية في فترة في قصيرة ونجح في السيطرة على ميكيلي عاصمة إقليم تيجراي، قبل أن يعلن انسحابًا تكتيكيًا استغلته قوات تيجراي لاستعادة العاصمة ومدن بالإقليم.
منذ يونيو الماضي انعكست المعارك على الأرض إذ تقدمت قوات تيجراي وزحفت خارج الإقليم للسيطرة على مدن في أقاليم إثيوبية أخرى، مع تراجع وانسحاب الجيش الإثيوبي، استغلت القوات المتمردة الأسلحة الإثيوبية التي استولت عليها خلال المعارك للزحف نحو الأقاليم الداعمة لآبي أحمد، وقصف أسمرة عاصمة إريتريا التي شاركت في القتال مع قوات آبي أحمد.
كشف خبير سياسي في القرن الأفريقي فيصل روبل، ل"بي بي سي" كيف نجحت قوات تيجراي التي أعلنت تحالفًا مع ٩ جماعات متمردة ضد الجيش الإثيوبي في تطويق العاصمة.
يعاني الجيش الإثيوبي، الذي كان في يوم من الأيام قوة هائلة حظيت باحترام الولايات المتحدة،
من خسائر فادحة على الخطوط الأمامية لدرجة أن الحكومة اتخذت خطوة غير عادية بدعوة المواطنين للانضمام إلى الحرب ضد المتمردين.
دعوات إثيوبيا لمواطنيها للقتال وحمل السلاح والانضمام إلى الجيش، تمثل تغييرًا جذريًا في معادلة الحرب في البلاد.
يقول روبل، إن قوات تيجراي التي خسرت المعارك في بداية الحرب، نجحت في استنزاف الجيش الإثيوبي، بمعارك في القرى بطريقة حرب العصابات، تنفيذ هجمات كر وفر.
التكتيكات التي اعتمد عليها مقاتلو تيجراي في البداية من حمل الأسلحة الخفيفة ورشاقة جنودها مكنتهم من الفوز بمعارك استولوا خلالها على أسلحة ثقيلة من الجيش الإثيوبي، وهم مدربون من الأساس على القتال وخسروا أسلحتهم في المعارك الأولى للحرب.
الاغتصاب الجماعي والتطهير العرقي الذي نفذته قوات آبي أحمد، جعل سكان تيجراي يقاتلون لبقائهم مع شعورهم أن الحرب هدفها التطهير العرقي، وحث الآباء ابنائهم على الانضمام للحرب بدلاً من الاختباء وانتظار الموت على يد قوات الجيش الإثيوبي.
ذكر روبل، أن جنرالات سابقون الذين تقاعدوا أو انشقوا ذهبوا إلى جبال وكهوف تيجراي لتشكيل قوة دفاع تيجراي من جديد وإعادة تنظيم الصفوف، وتشكيل قوة عسكرية تقدر بعشرات الآلاف من المجندين الجدد الذين تدربوا جيدًا.
يعتقد روبل، أن الجنرالات شعروا بواجبهم لحماية مواطني تيجراي. وذلك بمعرفتهم الداخلية للجيش، مضيفًا: "مع التقدم الحالي لقوات تيجراي نحو العاصمة، فمن الواضح أنهم يتمتعون حاليًا بالسيطرة على جيش كان في السابق أحد أقوى الجيوش في إفريقيا.
تسبب الصراع الحالي في أزمة إنسانية كبرى لا تهدد إثيوبيا وحدها لكنها تهدد منطقة القرن الأفريقي، مع استمرار الدعوات الدولية لإنهاء القتال والبدء الفوري في التفاوض، لإنهاء الصراع.
فيديو قد يعجبك: