إعلان

كيف تحاول روسيا فرض الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي؟

10:30 ص السبت 18 ديسمبر 2021

بوتين يتفحص جهاز آيفون

موسكو- (بي بي سي):

تواجه شركتا جوجل وميتا (فيسبوك) خطر دفع غرامات بملايين الدولارات لعدم حذف المحتوى الذي تعتبره الحكومة الروسية غير قانوني، لكن نظرة فاحصة على أوراق المحكمة تكشف أن هذه غالباً ما تكون مجرد منشورات حول الاحتجاجات المؤيدة لزعيم المعارضة المسجون أليكسي نافالني.

في صيف عام 2018 نشر شاعر روسي يكتب قصائده تحت اسم مستعار باسم "فايكينغ السايبيري"، صورة كاريكاتورية على حسابه في موقع فيسبوك، وقد أظهر فيها نسراً برأسين الذي يعد رمزاً للنبالة الروسية، ولكن استبدل فيها رؤوس النسرين بصورتي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء آنذاك دميتري ميدفيديف.

وأرفق الكاريكاتور بخاطرة قصيرة جاء فيها "إن النسر جشع أكثر بمرتين من الآخرين، ويكذب ضعفي الأخرين ويراقب الناس بأربعة أعين. وانتهت بصرخة عاطفية: "متى يستيقظ الروس لإزالة هذه العدوى؟".

وطلبت الحكومة الروسية من فيسبوك حذف هذه التدوينة بسبب "عدم احترامها الصارخ للدولة والدستور ورئيس الاتحاد الروسي".

لم يمتثل موقع فيسبوك وظهر المنشور في واحدة من أكثر من 60 دعوى قضائية تم رفعها ضد وسائل التواصل الاجتماعي الغربية في روسيا هذا العام حيث تم فرض غرامات على الشركة تزيد على مليوني دولار.

ليس من الواضح عدد الغرامات التي تم دفعها. لكن الحالات تسلط الضوء على صعوبة العمل في بلد يتم فيه فرض قيود على حرية التعبير والنشاط السياسي، وأبرزها الحكم الصادر في يونيو من العام المنصرم ضد مؤسسة مكافحة الفساد التي يرأسها زعيم المعارضة المسجون أليكسي نافالني، متهماً إياها بأنها منظمة "متطرفة"، على غرار حركة حركة طالبان وتنظيم "الدولة الإسلامية".

ووفقاً لأندريه ليبوف، رئيس الهيئة المشرفة على وسائل الإعلام الروسية "روسكومنادزور"، فإن شركات وسائل التواصل الاجتماعي ملزمة بالعثور على "أخطر الأشياء" وإزالتها، والتي قال في مقابلة مع صحيفة "كوميرسانت" أن تشمل "مواد إباحية للأطفال وانتحار ومخدرات وتطرف وأخبار كاذبة".

لكن الفحص الدقيق لأكثر من 600 مشاركة مدرجة في وثائق الدعاوى ضد جوجل وفيسبوك، وانستجرام وتويتر، يكشف أن تسعة فقط تتعلق بإساءة معاملة الأطفال عبر الإنترنت، أو تنشر معلومات حول المخدرات، و 12 منشوراً فقط يتحدث عن الانتحار. أما غالبية المنشورات الأخرى، فهي دعوات للخروج في مظاهرات مؤيدة للمعارض المسجون نافالني.

يقول سركيس داربينيان، الخبير القانوني في جماعة الضغط لحماية حرية التعبير روزكومسفوبودا، معلقاً على التركيز على حماية الطفل في البيانات الرسمية: "لا روزكومسفوبودا ولا الكرملين يريدان القول إن لدى روسيا رقابة سياسية، وبدلاً من أن يشرحوا للناس سبب ضرورة هذه الخطوة يقومون باستغلال دموع الطفل".

لم ترد الهيئة المشرفة على الإعلام في روسيا، على طلب بي بي سي للتعليق، لكن المتحدث الصحفي باسم الرئيس بوتين قال سابقاً إن الإجراءات المتخذة ضد شركات التواصل الاجتماعي لا علاقة لها بالرقابة عليها، بل مجرد محاولات لفرض القانون الروسي.

يعود الضغط على شركات التواصل الاجتماعي إلى عام 2015 عندما دخل قانون حيز التنفيذ يلزم هذه الشركات بتخزين البيانات الشخصية للمستخدمين الروس على الأراضي الروسية ويمنح الحكومة سلطة تغريمها أو غلق حساباتها، إن لم تفعل ذلك.

لم تمتثل أي من الشركات الغربية للطلب الروسي، مما أدى إلى إغلاق موقع LinkedIn في عام 2016. وغُرمت جوجل وميتا وتويتر، بشكل جماعي بأكثر من 600 ألف دولار منذ بداية عام 2020.

في عام 2016، بدأت الطلبات المقدمة من الحكومة الروسية إلى جوجل، لإزالة مقاطع الفيديو من موقع يوتيوب وحظر نتائج بحث معينة، تتزايد بشكل سريع.

تُظهر التقارير التي اصدرتها هذه الشركات أنها تلقت خلال السنوات العشر الماضية طلبات من روسيا أكثر من بقية انحاء العالم مجتمعة. وتقول شركة جوجل إن ثلثها بحجة "بالأمن القومي".

ومثل الشركات الغربية الأخرى، تلتزم جوجل ببعض الطلبات الروسية وتتجاهل أخرى.

تسارعت جهود السيطرة على انتشار المعلومات غير المرغوب فيها على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكبر في أوائل عام 2021 بعد عودة أليكسي نافالني إلى روسيا من المستشفى في ألمانيا، حيث تلقى العلاج من التسمم بغاز نوفيتشوك السام.

تم القبض على نافالني على الفور، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات في موسكو وسانت بطرسبرج ومدن أخرى، جرى الدعوة إليها على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

دفعت هذه الاحتجاجات ودعوات الخروج في مظاهرات، إلى رفع شكاوى غاضبة من قبل مؤسسة "روسكومنادوز".

وتمت إزالة المنشورات بسرعة من ثالث أكبر شبكة اجتماعية شعبية في روسيا وهي: ( Vkontake ) أو ( VK.com) التي كانت مملوكة حينها من قبل رجل الأعمال الثري المقرب من السلطة علي شير عثمانوف، المالك السابق لنادي أرسنال لكرة القدم.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان