لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كورونا ليس استثناء: لماذا يرفض الناس الحصول على اللقاحات؟

05:20 م الإثنين 20 ديسمبر 2021

ارشيفية

كتبت- هدى الشيمي:

في أول ديسمبر، تم توزيع حوالي ٨.٥ مليار جرعة من لقاح كوفيد-١٩ في جميع أنحاء العالم، ما جعل الجهود المبذولة للتطعيم ضد فيروس كورونا أكبر تدخل للصحة العالمية في التاريخ، ومع ذلك لم تحقق العملية النتائج المرجوة.

حُرمت البلدان الأكثر ضعفًا في العالم من نصيبها العادل من جرعات التطعيم، بينما واجهت البلاد الأكثر ثراءً مشكلة أخرى تمثلت في تردد مواطنيها الذين سيطر على بعضهم مشاعر مناهضة لعملية التلقيح، حسبما ذكرت مجلة فورين بوليسي.

على سبيل المثال، وصلت معدلات التطعيم ولاية ساكسونيا بشرق ألمانيا تطعيم إلى حوالي ٥٦ ٪، ومعدل إصابة أعلى بأكثر من ضعف معدل البلد ككل.

ركزت الكثير من النقاشات حول شعور المواطنين بالتردد إزاء لقاح كورونا على تطويره بسرعة كبيرة أثارت الشكوك حوله، فلم يتمكن العلماء من قبل من تطوير لقاح مضاد لأي مرض آخر بهذه السرعة.

ولكن المشاعر المناهضة لتلقي التطعيم ضد كوفيد-١٩ فاقت مشاعر التردد والرفض التي سيطرت على المواطنين في جميع أنحاء العالم على مدار العقود القليلة الماضية.

"الحصبة في أوروبا"

قد يكون ما حدث خلال تفشي مرض الحصبة في أوروبا خير مثال لتوضيح أسباب عزوف المواطنين عن التطعيم. باعتبارها مرضًا مُعديًا بشكل غير عادي، تتطلب الحصبة تطعيم حوالي ٩٥ ٪ من المواطنين لتحقيق مناعة القطيع، وقتها لن ينتشر المرض بحرية بين السكان.

١

في عام ١٩٧٨، بعد العام الذي سبق تقديم الجرعة الأولى من لقاح الحصبة في رومانيا، أصيب ٥٤٠ من بين ١٠٠ ألف شخص بالحصبة. بحلول مطلع الألفية وصل عدد الأطفال الذين حصلوا على التطعيم إلى ٩٦ ٪ وانخفض معدل الإصابة في رومانيا بنسبة ٠.١٧ لكل ١٠٠ ألف شخص، وهو ما وصفته فورين بوليسي، بالإنجاز الهائل بكل المقاييس.

ولكن بعد ذلك بدأت معدلات ضد الحصبة في الانخفاض. بحلول عام ٢٠١٧انخفض عدد الحاصلين على الجرعة الأولى ووصل إلى ٨٦ ٪ من السكان، و٧٥ ٪ للجرعة الثانية، وعانت رومانيا من الوباء الذي استمر لسنوات، علاوة على بعض المناطق الأخرى في أوروبا.

في عام ٢٠١٨، وصل عدد المصابين بالحصبة في جميع أنحاء أوروبا إلى ٨٣.٥٤٠ حالة مقارنة بـ٥٢٧٣ قبل عامين فقط.

٢

في الحالات المماثلة لرومانيا، عندما يكون لدى بلد ما معدلات عالية من التطعيم في البداية ثم تنخفض، فإن الحصول على اللقاح لا يكون المشكلة، ولكن الأزمة - حسب فورين بوليسي- تتمثل في شعور المواطنين بالتردد.

على سبيل المثال، عانت إيطاليا من تفشي الحصبة في الفترة ما بين ٢٠١٧-٢٠١٩ بسبب تراجع مماثل في تلقيح المواطنين.

تؤكد الأنماط الديموغرافية للحالات في بعض الدول تأثير التردد في الحصول على اللقاح في انتشار المرض، ففي نيويورك كان ٧٨ ٪ من المصابين بالحصبة أطفال رفض والديهم منحهم التطعيم أو تعمدوا تأخيرهم عن موعد الحصول على اللقاح.

لماذا يرفض المواطنون التلقيح؟

قد يبدو التردد بشأن الحصول على اللقاحات أحد الأسباب الرئيسية لتجنب تلقي التطعيم، قالت فورين بوليسي إنه قبل حوالي عام من ظهور كوفيد-١٩ لأول مرة، حددت منظمة الصحة العالمية تردد الحصول على التطعيم كأحد أهم عشرة تهديدات للصحة العالمية.

وترى فورين بوليسي أنه لن يمكن القضاء على المرض حتى نفهم الأسباب النفسية والثقافية المعقدة التي تمكن وراء المواقف المناهضة للتلقيح.

3

أسباب نفسية:

التطعيم عملية غير بديهية نفسيًا. السلوك البشري غالبًا ما يكون مدفوعًا بقوة الحصول على المكافآت الفورية والملموسة، وهو الأمر الذي لا يتحقق في عملية التلقيح. علاوة على ذلك فإن سمعة التطعيم مرتبطة بظاهرة تُسمى في علم النفس "انحياز الإغفال"، وهو أن يرى الناس الضرر الناجم عن الفعل، مثل الآثار الجانبية للتلقيح، على أنه أكثر خطورة وذات مغزى من الضرر الناجم عن العمل (الإصابة بالمرض بعد التطعيم).

"اللقاحات ضحية نفسها"

وربما يكون الأسوأ من ذلك كله، هو أن اللقاحات قد تصبح ضحية لنجاحها. عندما تزيد معدلات التطعيم وتنخفض معدلات المرض، فإن الأجيال التي تنشأ دون التعرض للأمراض مثل الحصبة لا يكون لديها سببًا وجيهًا للخوف من عواقبه.

وعندما تلتقي المعلومات الخاطئة حول مخاطر اللقاح بالجهل بخطورة مرض تنخفض معدلات التطعيم، حتى يحدث تفشيًا جديدًا للمرض.

في الوقت نفسه، أوضحت فورين بوليسي أن المواقف المناهضة للتطعيم لا تتعلق فقط بما يحدث داخل الدماغ البشري، ولكن له علاقة مباشرة بثقافة المجتمعات ومعتقداتها.

هناك حالات يمتنع فيها الناس عن تلقى التطعيمات بسبب مواقف معينة أو دوافع نفسية تمنعهم من تغيير آرائهم.

4

تختلف العوامل المحفزة لمناهضة التلقيح من بلد إلى آخر، على سبيل المثال في الولايات المتحدة أثر خطاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المعادي للتطعيم بشكل أساسي على موقف عدد كبير من الأمريكيين من تلقي اللقاح.

وفي عام ٢٠٠٣، قاطعت العديد من الولايات المسلمة في شمال نيجيريا لقاح شلل الأطفال بسبب مخاوف من أنه قد يؤدي إلى انتشار مرض نقص المناعة البشرية ويسبب العقم.

ومن أجل التغلب على تردد الحصول على اللقاح، يجب على العلماء العمل معًا للكشف عن الأسباب الحقيقية التي تدفع المواطنين بعيدًا عنه، وتحديد ما يعنيه التطعيم للسكان في جميع أنحاء العالم باختلاف ثقافاتهم وجذورهم ومعتقداتهم.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان