إعلان

ديزموند توتو.. أيقونة الفصل العنصري بجنوب أفريقيا و"أمة قوس قزح" (بروفايل)

01:52 م الأحد 26 ديسمبر 2021

ديزموند توتو

كتب- مصراوي

بابتسامته المُميزة وشخصيته الجامحة، عمل ديزموند توتو، كبير أساقفة جنوب أفريقيا، بلا هوادة لمواجهة نظام الفصل العنصري ضد الأغلبية السوداء في جنوب إفريقيا، ولكنه كان يُصر دائمًا على أن حربه ضد ذلك نظام الاستبداد الوحشي في بلاده مدفوعة بأسباب دينية وليست سياسية.

وحظي توتو الذي وافته المنيّة اليوم عن 90 عامًا، بشهرة واسعة أكسبته ملايين الأصدقاء والمُعجبين داخل جنوب أفريقيا وفي جميع أنحاء العالم.

ضمير الأمة

1

وعُرف توتو الحائزة على نوبل للسلام في 1984 بأنه من أهم الأصوات المناهضة للفصل العنصري حتى أنه كان يُنظر إليه من قِبل كثيرين على أنه "ضمير الأمة المضطربة"، وفق صحيفة "دويتشه فيله" الألمانية.

نعاه رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا في بيان، الأحد، قائلًا: "كان ديزموند توتو وطنيًا لا مثيل له .. زعيم واقعي وصاحب مبدأ".

ووصف حياة رئيس الأساقفة الراحل بأنها "تمثل شهادة للأمل والقوة اللذين نجح في ترسيخهما بصفوف الأمة المنقسمة".

وقالت مؤسسة نيلسون مانديلا، في بيان، إن مُساهمات توتو في النضال ضد الظلم محليًا وعالميًا لا تنُم إلا عن عمق تفكيره في صنع مستقبل تحرري للمجتمعات البشرية، مُضيفة: "لقد كان إنسانًا غير عادي".

وفي بيان، أعلنت رامفيلا مامفيلي، القائمة بأعمال رئيس الأساقفة الجنوب أفريقي الراحل، وفاة ديزموند توتو "بمركز أويسيس فريل للرعاية في كيب تاون"، صباح الأحد، نيابة عن أرسته. لكن لم يذكر البيان تفاصيل عن سبب الوفاة.

انتخابات كـ"الوقوع في الحب"

2

فاز توتو بجائزة نوبل للسلام عام 1984 لجهوده في قيادة النضال السلمي ضد الفصل العنصري، في خطوة اعتبرت بمثابة إهانة كبرى من جانب المجتمع الدولي لحكام جنوب إفريقيا البيض.

وحضر حفل تنصيب توتو رئيسًا لأساقفة جوهانسبرج شخصيات دينية دولية منها أسقف كنتربري السابق روبرت رانسي، وأرملة زعيم الحقوق المدنية الأمريكي مارتن لوثر كينج.

ونالت دعواته لفرض عقوبات على جنوب إفريقيا، بعد أن أصبح رئيسًا للأساقفة، دعمًا وتأييدًا عالميًا، لاسيّما أن هذه الدعوات صاحبتها إدانة قوية لكل أعمال العنف.

وواصل توتو، بعدما أصبح زعيمًا للكنيسة الانجليكانية في جنوب إفريقيا، تصديه الفعال لنظام الفصل العنصري والحديث عن حياة السود في جنوب إفريقيا. ففي مارس 1988، قال "نرفض أن نُعامل كممسحة أرجل تمسح الحكومة أحذيتها عليها".

وفي حين كان توتو من أشد المعجبين بنيلسون مانديلا، لم يتفق معه دائمًا، وتحديدًا فيما يتعلق بجواز استخدام العنف لتحقيق هدف عادل.

وفي أعقاب إطلاق سراح مانديلا بعد 27 عامًا بالسجن، قاده توتو إلى شرفة في قاعة كيب تاون، حيث ألقى مانديلًا أول خطاب عام له.

وشبّه توتو التصويت في أول انتخابات ديمقراطية في جنوب أفريقيا عام 1994 بـ "الوقوع في الحب". وعندما أدى مانديلا اليمين الدستورية كأول رئيس أسود للبلاد، كان توتو يقف إلى جانبصديقه الكبير ورفيقه في الكفاح.

وفي نوفمبر 1995، عيّنه مانديلا، وقد أصبح وقتذاك رئيس جنوب إفريقيا، رئيسًا للجنة للحقيقة والمصالحة؛ للبحث عن أدلة عن وقوع جرائم إبّان حقبة الفصل العنصري، وإصدار توصيات بشأن ما إذا كان يجب العفو عن أولئك الذين يعترفون بضلوعهم بتلك الجرائم.

حلم أمة "قوس قزح"

3

وبينما كان توتو يُبشّر ضد استبداد الفصل العنصري، كان ينتقد النخب السياسية السوداء، حتى أنه انتقد علنًا حليفه مانديلا بشأن ما وصفه رجل الدين بـ"عقلية قطار المرق" لحزب مانديلا، المؤتمر الوطني الأفريقي. ولاحقًا، انتقد توتو مانديلا بسبب علاقته مع جراسا ماشيل، التي تزوّجها مانديلا في النهاية.

في عام 2013، سحب توتو دعمه لحزب مانديلا، واصفًا جنوب إفريقيا بأنها "أكثر المجتمعات غير المتكافئة في العالم".

في السنوات الأخيرة، بدأ توتو حملته لصالح حركة "المساعدة على الموت".

وفي مقال بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عام 2016، كتب توتو: "يجب أن يكون للمرضى المُحتضرين الحق في اختيار كيف ومتى يغادرون الحياة".

وتابع: "لقد استعددت لموتى وأوضحت أنني لا أرغب في البقاء على قيد الحياة بأي ثمن".

وقبل وفاته، تحدّث توتو بأسف عن أن حلم "أمة قوس قزح"، في إشارة إلى تعدد الألوان والأجناس، لم يتحقق بعد بشكل حقيقي.

كان الوضع الصحي لديزموند توتو تراجع في الأشهر الأخيرة. ولم تعد له إطلالات علنية، لكنه كان يوجّه دوما تحيّة إلى الصحفيين الذين يتابعون تنقلاته، ببسمة أو نظرة معبّرة، كما حدث مثلا خلال تلقّيه لقاح كورونا في أحد المستشفيات أو خلال قدّاس في مدينة الكاب احتفاء ببلوغه 90 عاما في أكتوبر الماضي.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان