"الملاك".. مصري يتحول إلى بطل في إيطاليا بعدما أنقذ عائلات من حريق ضخم
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
كتب - محمد عطايا:
"وسط الركام، كنت أجر قدمي بصعوبة حاملا شابا ثلاثينيا مشتعلا، أحاول إنقاذه والنجاة معه من المبنى الذي كان على وشك الانهيار.. بخطوات متحاملة، تمكنت من الهرب إلى الخارج، إلى ما تبدو أنها نقطة أمان أستطيع أن أتوقف عندها وأخمد النيران .. 20 دقيقة أخرى كل ما احتاجه الأمر ليصل رجال الأمن، ووجدتهم يقومون باستجوابي عما حدث، وشعرت من طريقة حديثهم وتعاملهم أنهم يشتبهون في كإرهابي".. هكذا يروي علي حرحش، وهو مواطن مصري، يعيش في إيطاليا تفاصيل يوم لا ينسى، جعل منه "بطل ميلانو".
"لست بطلا.. ولكنهم وصفوني بالملاك"
علي حرحش هو رجل أعمال مصري ستيني، سافر إلى إيطاليا منذ أكثر من 40 عامًا، ويدير استثمارات هناك. وحصل على تكريم من جهات حكومية عدة في إيطاليا، فضلا عن تصدره عناوين الصحف هناك، بعد جهوده في إنقاذ عشرات العائلات علقوا داخل مبنى مشتعل.
يقول حرحش لمصراوي: "قصتي أصبحت تتصدر الرأي العام في إيطاليا، احتفاء كبير من المجتمع هناك، وتكريم من وسائل الإعلام والحكومة.. أنا لا اعتبر نفسي بطلا.. اللي عملته ممكن أي شاب مصري يعمله، في رأيي".
وأضاف أن "صحف إيطالية وصفتني بالملاك والبطل المصري.. و بعض الناس بتاخد صور معايا وبيعتبروني بطل بعد الحادث".
"الانفجار الكبير"
على غير العادة، يتوقف حرحش، بسيارته في ميدان كبير بمدينة ميلانو الإيطالية "اليوم كان إجازة، وصباح هادئ، ووقفت بالعربية أتكلم مع صديق، وفجأة سمعنا صوت انفجار ضخم، والزجاج والشبابيك تتطاير في كل مكان".
لم يكن حرحش بعيدا عن موقع الحادث، ولكنه ولحسن الحظ كان يقف بموازاة موقع الانفجار، فلم يصب بأذى، وأصبح الشاهد الأول على "الانفجار الكبير".
"في البداية اعتقدنا أنه عمل إرهابي، شخص ما زرع قنبلة أو عبوة ناسفة"، وأضاف حرحش "وبعد الانفجار بدأنا سماع صوت صراخ شخص من داخل المبنى".
فطرته المصرية دفعته إلى داخل المبنى المحترق، في محاولة لإغاثة الشاب المشتعل.
وقال حرحش إن "الانفجار كان عنيفا جدا، لدرجة أن زجاج المباني المقابلة تطاير واشتعلت السيارات في المنطقة، كان الوضع كارثي".
اصطحب حرحش معه "كوفرته" من سيارته ودخل إلى المبنى المحترق في محاولة لإغاثة الشاب الإيطالي: "طلبت من صديق كان معي أن يدخل معايا لكني لم أجده، هرب من موقع الحادث".
وقال "بخبرة اكتسبتها بمرور الزمن، قدرت استعمل طفاية الحريق في المبنى، واغمر 2 كوفرته في المياه، وضعت واحدة عليا، والتانية لحقت بيها الشاب المشتعل الذي كان يتحرك بغير وعي".
وأضاف "النار كانت ماسكة فيه في كل حتة، وكان قرّب يتحرق بالكامل.. وضعت الكوفرته عليه وتمكنت من أني أطفئ حريقه، وشيلته لخارج المبنى لكن بعض المناطق في جسمه كانت النار لسه ماسكة فيها".
بخطوات بطيئة تمكن حرحش من الخروج من المبنى بصحبة الشاب الإيطالي. وقال حرحش "شعرت بالتعب بعض الشيء، ووجدت الشاب الإيطالي قد دخل في إغماءه، تقريبا لأنه عرف أنه أصبح في أمان، ولا يواجه خطر الموت".
وأضاف "حاولت طلب الاستغاثة من الموجودين في المكان، ولكن الغريب أن الجميع كان بيصور بموبايلاته ولم أجد مساعدة".
وصلت المساعدة أخيرا إلى الستيني، وتمكن آخرون من حمل الشاب المحترق، ولكن لم يكن يتوقع حرحش أن يُطلب منه الدخول إلى "نار جهنم" التي كانت مستعرة في المبنى مرة أخرى!
"للداخل مرة أخرى"
تمكن حرحش من انتشال الشاب الإيطالي الثلاثيني من الحريق، ولكن ماذا عن عائلته؟
تساءل الموجودون قرب المبنى عما إذا ما كانت عائلة الشاب الإيطالي لا تزال عالقة داخل المبنى.
من جديد، سارع "البطل المصري" إلى داخل المبنى لإنقاذ عائلة الشاب الإيطالي، ولكن هذه المرة ساعده شخص آخر.
وقال حرحش إن "النيران تنتشر بسرعة داخل المبنى.. وضعت الكوفرته على جسمي، ووصلت خرطوم الحريق، وبدأت في إخماد النار.. ووجهت الخرطوم على مواسير الغاز حتى لا تنفجر لأنها لو انفجرت المبنى كله هينهار".
وأضاف أنه "داخل المبنى لم أجد عائلة الشاب الإيطالي، لكن حاولنا أننا نخمد الحريق لأن المبنى ابتدى يحصل فيه أضرار قوية، وكل السكان العالقين ممكن يتعرضوا لخطر الموت".
وتابع "عملنا اللي علينا، وقدرنا نقلل من المخاطر اللي كان ممكن يتعرض ليها الناس داخل المبنى".
بعد نحو 20 دقيقة وصل رجال الحماية المدنية، وتمكنوا من إطفاء الحريق، ولكن ما حدث كان غير متوقعا.
"هل يشتبهون أنني إرهابي؟"
تمكن رجال الحماية المدنية في ميلانو من إخماد الحريق، ولكن أغلب الظن من الشرطة الحاضرة أن الحريق كان مفتعلا.
قال حرحش "أول ما وصلت الشرطة لقيتهم كأنهم بيستجوبوني، وطلبوا مني بطاقة تعريفي".
وأضاف "حسيت ساعتها أنهم بيستجوبوني.. اعتقدوا بسبب ملامحي العربية إنني إرهابي، ومسؤول عن الحريق في المبنى".
وأضاف أن "اللي حصل أن كان فيه تسريب غاز كبير جدا داخل شقة الشاب الإيطالي المحترق، وانفجر مع أول شرارة".
وتابع "تغيرت معاملة الشرطة لما عرفوا من الناس اللي انا عملته، ولقيت ترحيب منهم وعاملوني كبطل".
"الملاك الذي أنقذ الأرواح"
في المستشفى التي استقبلت الشاب المصاب، وصف الأطباء حرحش بأنه "الملاك" الذي أنقذ أرواحا عدة قبل أن تلتهم النيران المبنى.
وقال حرحش "فوجئت أني تحولت إلى بطل هنا في إيطاليا.. وأنا لا أعتبر نفسي بطلا.. ولكن الصحف الإيطالية والعالمية كتبت عني.. وجميع سكان المبنى المحترق تقريبا تواصلوا معي وشكروني.. حتى الشاب المصاب أصبح صديقا لي".
وأشاد الإعلام الإيطالي بموقف المصري الستيني المقيم في البلاد منذ الثمانينات.
وقال حرحش "تقريبا الرأي العام في إيطاليا وجد قصة جديدة مثيرة تلهم الشباب وتقدم للناس أملا".
وأضاف "اهتمت وسائل الإعلام و الحكومة في إيطاليا بقصتي وكل فترة أحصل على تكريم وتتصدر قصتي الأخبار واهتمام الرأي العام مرة أخرى، لأنها كانت حدثا مميزا وسط مأساة كورونا".
اتصال من الوزيرة
حصل حرحش على تكريمات عدة في إيطاليا، وتلقى اتصالات من جهات بارزة، بينها الفاتيكان، عرفانا لجهوده في إنقاذ الأرواح.
واهتمت قنصلية مصر في روما بتكريم حرحش، واستقبله القنصل هناك.
وقال "في يوم اتصل بيا مكتب وزيرة الهجرة المصرية نبيلة مكرم، وشكرتني على مجهودي.. وهي وزيرة نشيطة وجدعة ومحبوبة من المصريين".
وأضاف "في اليوم التالي، كلمتني الوزيرة من تليفونها الشخصي لفترة كبيرة، وقالت لي أنا عايزة اسمع منك، وكنت سعيدا جدا بمكالمتها".
وينتظر حرحش، تكريمًا يوم 28 يناير، من إحدى المنظمات الخيرية العالمية "سيتي أنجيل" والتي تقدم سنويًا 10 جوائز لأصحاب الأعمال البطولية الخارقة، وتم ترشيحه لها هذا العام.
فيديو قد يعجبك: