لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد عرضها الوساطة.. ماذا يمكن أن تقدم السعودية لحل أزمة "سد النهضة"؟

12:39 ص الأحد 21 فبراير 2021

سد النهضة

كتب- محمد عطايا ومحمد صفوت:

"نهر النيل أصبح بحيرة، وأوفى بوعده وأصبح للإثيوبيين"، هكذا وصف وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارجاشيو، التعبئة الأولى لسد النهضة، في تصريحات كشفت- ربما- عن نوايا أديس أبابا تجاه شركائها في المنطقة.

منذ الإعلان الإثيوبي عن البدء في بناء سد النهضة، وانخراط القاهرة والخرطوم وأديس أبابا في مفاوضات ثلاثية في 2011، فشلت كل المساعي للتوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء وتشغيل السد.

ورغم الوساطة الدولية والأممية والتي كان آخرها من الاتحاد الإفريقي، إلا أن جميع المقترحات فشلت أمام التعنت الإثيوبي، الساعي لاستكمال مخططاته دون النظر إلى ما قد يصيب دول المصب.

كيف يؤثر الملء الثاني للسد؟

أعلن وزير الري والكهرباء الإثيوبي، في يناير الماضي، عن نية بلاده المضي قدمًا في تنفيذ الملء للعام الثاني البالغ 13.5 مليار متر مكعب من المياه في شهر يوليو القادم دون إخطار مسبق ودون توقيع اتفاق.

تلك الخطوة من جانب إثيوبيا، ستحدث تأثيرات خطيرة على مصر والسودان.

وكشف محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، عن الموقف المائي للبلاد وخطة الوزارة لمواجهة التحديات التي تواجه البلاد وعلى رأسها سد النهضة الإثيوبي.

وأكد الوزير أن "سد النهضة من أهم التحديات التي تواجه البلاد، في ظل اعتمادنا بنسبة 97 في المائة على مياه نهر النيل"، وتابع "لم نصل حتى الآن إلى اتفاقات ملزمة بشأن ملء السد والتخزين".

وأضاف: "من التحديات، الزيادة السكانية، ونقص الموارد المائية، حيث نحتاج 114 مليار متر مكعب سنويا، ومتاح لدينا 60 مليار متر، ونعيد استخدام 20 مليار متر مكعب".

وقال الوزير: "جمعنا التحديات، وأعددنا استراتيجية لترشيد وتحسين استخدام المياه، بـ900 مليار جنيه حتى 2037، تتضمن مشروعات ري حديث وتبطين ترع وحماية من السيول وحماية شواطئ وغيرها من المشروعات".

من جهته، أكد الرئيس الأسبق لقطاع الموارد المائية بوزارة الري المصرية الدكتور عبد الفتاح مطاوع، في تصريحات نقلتها وكالة سبوتنيك الروسية، منذ أيام، إنه "لم تشعر مصر بأي مشاكل في الملء الأول للسد العام الماضي نظرًا لوفرة الأمطار والفيضان، لكن المشكلة تكمن في سنوات الجفاف العالية، وهذا العام أيضًا لن تشعر مصر بخطورة كبيرة، والسد العالي بإمكانه تعويض أي نقص حاليًّا، لذا فإن التأثير السلبي للسد على مصر لن يكون بدرجة تأثيره المباشر على السودان، ونسعى إلى عدم قيام أديس أبابا بالملء الثانى قبل التوصل إلى اتفاق ملزم تجنبا للمخاطر السلبية على كل من مصر والسودان".

وأكد خبير المياه بمركز دراسات الشرق الأوسط، نور أحمد نور عبد المنعم، أن "الأفق الاستراتيجي للنيل الأزرق مخطط عليه 4 سدود أولها سد النهضة، أي أنهم يريدون حجز كل مياه النيل الأزرق داخل إثيوبيا وتحويله من نهر إلى بحيرة، حيث صرح وزير الخارجية الإثيوبي في السابق قائلا "النيل الأزرق بعد سد النهضة لم يعد نيلا وإنما هو بحيرة إثيوبية".

من جانب آخر، اعتبر رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، أن سد النهضة الإثيوبي يشكل تهديدا لأمن نحو 20 مليون سوداني.

وقال حمدوك، خلال مشاركته في اجتماعات الدورة العادية الـ34 لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، منذ أيام، إن "حل هذه القضية يجب أن يتم في إطار القانون الدولي، خاصة وأن سد النهضة يقع على مرمى حجر من الحدود السودانية، وفي ظل ما يشكله من تهديد لأمن وسلامة أكثر من 20 مليون سوداني على ضفاف النيل الأزرق، بجانب الآثار الأخرى".

وساطة سعودية

يبدو أن السعودية قد تكون الفرصة الأخيرة قبل بدء الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي، خاصة بعدما أعلنت عن استعدادها للوساطة بين مصر والسودان وإثيوبيا.

وقال وزير الدولة للشؤون الأفريقية بالخارجية السعودية أحمد بن عبدالعزيز قطان، قبل أيام، إن المملكة العربية السعودية تسعى إلى إنهاء أزمة ملف سد النهضة لما يضمن حقوق الدول الثلاثة، مشيرا إلى أن السعودية تقف بقوة مع الأمن العربي المائي.

وكشف قطان في تصريحات صحفية عقب لقائه رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك أن السعودية ستدعو لقمة خاصة في الوقت المناسب بمنظومة البحر الأحمر امتدادا للميثاق الذي يضم 8 دول، الذي وقع في 29 أكتوبر الماضي بالمملكة العربية السعودية والخاص بالمحافظة على أمن البحر الأحمر، والذي سيعود بالنفع على هذه الدول، على حد قوله.

لماذا تدخلت السعودية على خط الأزمة؟

يرى الخبير الدولى في الموارد المائية وأستاذ الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن السعودية والإمارات من أكثر الدول الخليجية تأثيرا في منطقة القرن الأفريقي لما لهما من استثمارات ومصالح هائلة في تلك المنطقة، مضيفا أنه كان متوقعا أن تتدخل الدولتان أو إحداهما على الأقل في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، قبل وساطة الولايات المتحدة في 2019.

وتابع شراقي في تصريحات لمصراوي، أن السعودية لها علاقات طيبة للغاية مع إثيوبيا كذلك الإمارات، مشيرًا إلى أن أبو ظبي ضخت منذ عامين نحو 3 مليارات دولار في البنك المركزي الإثيوبي لتغذية الاحتياطي النقدي واستثمارات في مجالات مختلفة بإثيوبيا.

وأضاف أنه حال دخول السعودية كوسيط في مفاوضات سد النهضة، فربما نصل إلى نتيجة.

من جهته، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، أن أي وسيط سيدخل على خط الأزمة في الوقت الحالي، لن يسعفه الوقت لممارسة أي دور وساطة، حتى الإدارة الأمريكية.

وأوضح في تصريحات لمصراوي، أن السعودية لديها نفوذ قوي في إثيوبيا، ولكنها لا تستطيع ممارسة ضغط على الجانب الإثيوبي، لافتا إلى أن "الأطراف تسجل موقفا فقط، قبل أيام من الملء الثاني".

بينما أكد المحلل السياسي والمتحدث السابق باسم تجمع المهنيين السودانيين، صلاح شعيب، أنه بحكم العلاقة بين السعودية والإمارات من جهة ومع الحكومة السودانية من جهة أخرى وتأثيرها على منطقة القرن الأفريقي وكذلك علاقتها مع مصر والأطراف الدولية يمكن أن تلعب السعودية دورا مهما لفك الأزمة بين الدول الثلاث.

وأضاف في تصريحات لمصراوي، أنه لم تتحرك السعودية للاهتمام بهذا الملف سابقًا ربما لدواع تتعلق بانشغالها داخليًّا، ولحساسية الشأن من كون أنه أفريقي وقد يفهم الإثيوبيون أنها قد تنحاز للطرفين العربيين وهما السودان ومصر.

وتابع "ولكن من الجهة الأخرى لدى السعودية علاقات مميزة مع دول أفريقية قد تساعدها في مبادرتها الجديدة لحل أزمة سد النهضة".

ماذا ستقدم السعودية؟

فشل الولايات المتحدة في التوسط للتوصل إلى حل بين الدول الثلاث حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، جعل الأزمة تبدو وكأنها غير قابلة للحل.

ولكن للسعودية أدوات ضغط يمكنها أن تؤتي ثمارها في عملية الوساطة المحتملة بين الدول الثلاث، وذلك وفقا لخبير الموارد المائية، الذي أكد أن "السعودية تمتلك أدوات للعب هذا الدور باستثمارتها الهائلة في إثيوبيا، كما أنها يمكن تقبلها وسيطا مقبولا من كافة أطراف الأزمة (مصر والسودان وإثيوبيا) نظرًا لما لديها من مصالح جيدة بتلك الدول واستثمارات هائلة".

على الجانب الآخر، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنه "يتبق فقط أيام على عملية الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي، وفي ظل تعنت الجانب الإثيوبي، يجعل أي خيارات تؤخر عملية الملء الثاني صعبة".

وأضاف أنه "في كل الأحوال، مصر ليست ضد أي وساطة، لا إماراتية أو سعودية أو من الكونغو رئيس الاتحاد الإفريقي، ولكن لضيق الوقت أصبح من الصعب للغاية التوصل إلى حلول بين الدول الثلاث".

من جانبها، أكدت المحللة الأمنية الأمريكية، إيرينا تسوكرمان، أن "عرض المملكة العربية السعودية يمثل خطوة إيجابية مهمة نحو حل الأزمة، ولكن يجب التعامل معها بشكل مختلف عن الجهود السابقة المماثلة في الماضي".

وأضافت في تصريحات لمصراوي، أنه "لا يمكن للقمة الخاصة التي ستدعو إليها المملكة العربية السعودية في المستقبل أن تكون مجرد تكرار للجهود التي تقودها الولايات المتحدة".

وقالت "رأينا إثيوبيا تنسحب من المفاوضات وتقاوم الجهود الدبلوماسية لاستئناف المحادثات بحسن نية. حتى الآن، لم يتمكن أي قدر من الضغط الدبلوماسي من حل هذه المشكلة، لذا فإن تكرار نفس الخطوات ونقاط الحوار لن يكون مفيدا على الأرجح".

وتابعت "في الماضي، حاولت المملكة العربية السعودية أن تلعب دورًا مفيدًا في استقرار الاقتصاد الإثيوبي وشراء السلع الزراعية، ومع ذلك، على الرغم من أن هذه القضية جديرة بالثناء، إلا أنها لم تتوافق مع احتياجات الطاقة لإثيوبيا، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة، وهي تضاهي مصر من حيث القدرة على استهلاك الطاقة، وبالتالي فإن شراء المنتجات لن يلبي الحاجة".

وأكدت أنه على "المملكة العربية السعودية أن تساعد البلدان الثلاثة في احتياجاتها من الطاقة والمياه بطريقة إبداعية توحد الاقتصادات بدلا من أن تفصلها وتعزلها.. السدود ليست الطريقة الوحيدة لتوليد الكهرباء في البلاد.. لا ينبغي استبعاد الاستثمارات المحتملة الأخرى في مجالات الطاقة".

وأوضحت أنه "بدلاً من الاعتبارات الاقتصادية البحتة، يجب أن يكون السعوديون على استعداد لمعالجة هذه القضية، والاستفادة من خبرتهم الدولية كنقطة ضغط سياسية على إثيوبيا".

وتابع "يجب أن يكون النهج متطورًا ويشارك في المصالح الإثيوبية الحيوية الأخرى التي تعالج المخاوف الثابتة.. وقد تكون قلقة من أن المملكة العربية السعودية تقف إلى جانب مصر والسودان على المصالح الجيوسياسية والدينية".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان