لماذا تخلى اردوغان عن مسلمي الإيغور؟
كتبت- هدى الشيمي:
مرّت ثماني أعوام منذ زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لمنطقة شينجيانج، التي يُزعم أنها تتمتع بالحكم الذاتي وتسكنها أقلية الايغور المُسلمة التي تعيش تحت سيطرة الصين.
في عام ٢٠٠٩، ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية– في تقرير على موقعها على الإلكتروني- أن اردوغان وصف قمع الصين لمسلمي الإيغور بالإبادة الجماعية، ما أثار غضب بكين، وعزز سمعته كزعيم مُسلم يرغب في قول الحقيقة ويتحدى السلطة الشمولية.
تبدو ثماني سنوات فترة طويلة للغاية بالنظر إلى الانتهاكات التي ارتكبها الحزب الشيوعي الصيني بحق الإيغور في كافة جوانب الحياة تقريبًا. حتى الآن، سمع العالم بأسره عن اعتقال ملايين من مسلمي الايغور في معسكرات الاعتقال في شينجيانج، مع ذلك لم يفعل أحد شيئًا، حسبما توضح فورين بوليسي.
في المقابل، ترد بكين على منتقديها بأن المُعتقلين يتم تطهيرهم من التطرف وتعليمهم كيف يكونوا مواطنين صالحين، وتزعم أن لهم الحرية في المغادرة متى شاءوا.
بادرة تضامن
غير أن قمع الإيغور لم يبدأ بمعسكرات التعذيب. أوضحت "فورين بوليسي" أنه وبينما كان اردوغان في شينجيانج، حاول العديد من الأقلية المُسلمة المغادرة، لأنهم اعتبروا زيارة الرئيس التركي لمنطقتهم بادرة تضامن.
والإيغور شعب تركي عرقيًا، لغتهم وثيقة الصلة بالتركية، ما جعل الانتقال إلى تركيا أمرًا منطقيًا، علاوة على ذلك عرضت أنقرة على مُسلمي الإيغور اللجوء في وقت مبكر في عام 1952.
لسوء الحظ، تبين أن الفكرة الجيدة التي لاحت أمام مُسلمي الإيغور أمل زائف. قالت "فورين بوليسي" إن جهود اردوغان للبقاء على رأس السلطة في تركيا والتي تمثلت في تكميم أفواه الصحافة الحرة، وحبس المعارضين، جعلت منه حليفًا صعبًا للديمقراطيات الليبرالية.
لماذا تغير الموقف التركي؟
بالتالي أصبح لدى اردوغان دافع رئيسي للتطلع إلى الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ لمواجهة الاقتصاد المتعثر. لكن بدا ذلك ولسوء الحظ- بحسب فورين بوليسي- في تغيير سياسة أنقرة إزاء 35 ألفًا من الإيغور في تركيا التي استبدلت عرضها بتقديم ملاذ آمن بفرض قمع صريح على الأقلية المسلمة.
الأسوأ من ذلك أن معظم الايغور وجدوا صعوبة أكبر في الحصول على تصاريح إقامة أو الجنسية بعد عام ٢٠١٤. ذكرت "فورين بوليسي" أنه لم يعد بإمكانهم كسب لقمة العيش، وأصبحوا مهددين بالاعتقال حال عودتهم إلي شينجيانج، كما رفضت الصين تجديد جوازات سفرهم.
بالتدريج بدأت الحكومة التركية، التي كانت من المفترض أن تمنحهم الحرية، تداهم منازل الايغور، وتعتقل مئات الأشخاص، وتنسق عمليات الترحيل مع بكين.
بينما تبتعد تركيا عن حلفائها في الناتو باتت تتجه نحو الصين وروسيا. صادقت بكين على اتفاقية تسليم المجرمين مع تركيا والتي أطلقت عليها شراكة لمكافحة الإرهاب.
لكن هناك أسباب أخرى لموقف أردوغان الودود تجاه الصين. لفتت "فورين بوليسي" إلى أن الليرة التركية كانت في مأزق بالفعل قبل أن يضعف وباء كورونا صناعة السياحة في البلاد.
مساعدات مالية
وفي الوقت نفسه يبدو أن أنقرة بحاجة إلى مساعدة الصين.
ذكرت المجلة الأمريكية أن صهر اردوغان بيرات البيرق أقنع الصين إلى إقراض تركيا ٣.٦ مليار دولار في عام ٢٠١٨.
وقدم بنك الشعب الصيني مليار دولار نقدًا لأنقرة في عام ٢٠١٩ لمساعدتها على تحقيق استقرار اقتصادي، كما أصبحت الصين أكبر مستورد لتركيا العالم الماضي. لا يريد اردوغان تعريض هذا التدفق النقدي للخطر بدعم ومساعدة الايغور.
وصفت "فورين بوليسي" اردوغان بـ"السياسي الماكر الذي يستغل كل مناسبة لبناء سمعته العالمية كمدافع عن المسلمين المضطهدين"، مُشيرة إلى أنه لا يفوت فرصة للتحدث عن الدور الذي تلعبه إسرائيل أو فرنسا أو حتى الاتحاد الأوروبي في تعميق مآسي الأمة الإسلامية.
فيديو قد يعجبك: