الشعب الأمريكي يدعم الرئيس بايدن بشأن الانسحاب من أفغانستان
واشنطن- (د ب أ):
تعد الأنباء السيئة التي جاءت من أفغانستان بعد إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن عن الانسحاب أمرا حتميا. وقد جاء العديد من هذه الأنباء في الأيام الماضية مع الهجوم المروع على مدرسة في كابول والذي أسفر عن مقتل العشرات من الفتيات الصغيرات وتفجير مسجد أدى إلى مقتل 12 شخصًا آخرين في العاصمة.
وقال الباحث ويليام روجر نائب رئيس قسم السياسات والأبحاث في معهد تشارلز كوخ في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست، إنه من المهم أن نفهم أن مثل هذه الأحداث المأساوية ليست جديدة بالنسبة لأفغانستان – الدولة التي تشهد حربا أهلية لأكثر من أربعة عقود- وللأسف، قُتل مدنيون- ومن بينهم أطفال مدارس أبرياء - بأعداد كبيرة من قبل.
وحتى عندما كان لدى الولايات المتحدة وشركائها في التحالف أكثر من 130 ألف جندي في أفغانستان ، كانت الخسائر في صفوف المدنيين منتشرة على نطاق واسع. وخلال فترة تولي الرئيس باراك أوباما، عندما بلغ عدد القوات الأمريكية ما يقرب من 100 ألف جندي، كان هناك ما يقرب من 8 آلاف ضحية من المدنيين في عام 2011 وحده، بما في ذلك أكثر من 3 آلاف قتلوا في ذلك العام. وفي عام 2019 ، آخر عام كامل قبل توقيع اتفاقية الدوحة لإنهاء مشاركة الولايات المتحدة في الحرب، كان هناك ضحايا من المدنيين أكثر من عام 2020. وكان العام الماضي في الواقع المرة الأولى التي انخفض فيها عدد الضحايا المدنيين إلى أقل من 10 آلاف منذ عام 2013.
واعتبر روجر، وهو من قدامى المحاربين في الحرب في أفغانستان وكان مرشح الرئيس ترامب لمنصب السفير في أفغانستان، أن مأساة الأفغان تتمثل في عدد المرات التي تم استهدافهم فيها أو وقوعهم في مرمى نيران الجماعات المختلفة التي تتنافس من أجل السيطرة السياسية هناك. وللأسف، من المرجح أن يستمر هذا الوضع لبعض الوقت بغض النظر عما تفعله الولايات المتحدة. ويبدو أن إدارة بايدن تدرك هذا كجزء من منطقها للانسحاب.
لكن هذا لم يمنع أولئك في مؤسسة السياسة الخارجية بواشنطن المرتبطين بالحرب في أفغانستان من القول إن الأنباء السيئة الأخيرة يجب أن تجعل بايدن يعيد النظر في الانسحاب. على سبيل المثال، أشار مقال افتتاحي في صحيفة "واشنطن بوست" عقب التفجيرات إلى أن المناقشات الخاصة بالقواعد في آسيا الوسطى تثير "السؤال عن سبب عدم احتفاظ الولايات المتحدة بوجود صغير نسبيا في أفغانستان" وأكدت أن "إدارة بايدن يجب أن تكون مستعدة لتكثيف الدعم الجوي للقوات الأفغانية لضمان صد أي هجوم لطالبان ضد كابول أو المدن الكبرى الأخرى".
وستكون هذه الخطوات بمثابة التورط بدرجة أكبر في حرب من الواضح أن الأمريكيين مستعدون لإنهائها. وفي استطلاع أجرته شركة "يوجوف" لاستطلاعات الرأي مؤخرا، أيد 66 % من عامة المواطنين خطة بايدن لإعادة القوات الأمريكية إلى الوطن من أفغانستان بحلول أيلول/سبتمبر، بينما عارض 14 % فقط الانسحاب. ويعكس هذا أولئك الذين يعرفون الحرب أكثر من غيرهم، وهم قدامى المحاربين الأمريكيين. ويؤيد 68 % من قدامي المحاربين الانسحاب فيما يعارضه 19 % منهم فقط.
وقد جاء هذا الاستطلاع في أعقاب استطلاع سابق أظهر مستوى كبيرا من الدعم للانسحاب يعود إلى عهد الرئيس السابق ترامب. ويبدو أن الشعب الأمريكي مقتنع بضرورة إنهاء أطول حرب تخوضها أمريكا وهو واقعي بشأن ما الذي يمكن تحقيقه.
بخلاف ذلك، من المحتمل أن نرى عددا أكبر كثيرا من الأشخاص الذين يعارضون خطة الانسحاب في مواجهة انتقادات شديدة للغاية من جانب النخب المؤيدة للحرب الذين يحاولون توجيه الرأي العام الأمريكي ضد خطة بايدن - سواء كانت السيناتور جين شاهين (وهي ديمقراطية من ولاية نيو هامبشير)، من تيار اليسار أو السيناتور ليندسي جراهام (وهو جمهوري من ولاية كارولينا الجنوبية) من تيار اليمين. ويبدو أن الجمهور يتجاهل هذه الأصوات، حيث يدرك أنه لا يمكن تغيير الأمور بشكل جذري على الأرض بأي تكلفة معقولة بالنسبة للولايات المتحدة على الرغم من الخسائر التي ستتكبدها الحكومة الأفغانية وأنصارها.
وقال ويليام روجر إنه "يتعين على إدارة بايدن أن تدرك أن الشعب الأمريكي يدعم بشدة خطتها لسحب قواتنا بالكامل من أفغانستان، وأنه بخلاف دعاة الحرب الأبدية القدامى الذين عارضوا كلاً من بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب، هناك القليل من المؤيدين لعكس المسار.و في الواقع، يبدو أن القضية الأكبر هي في أي مكان آخر يجب على الولايات المتحدة تبرير نهجنا تجاه الشرق الأوسط بينما نركز على التحديات الداخلية والخارجية الأكثر إلحاحًا".
وهناك هدف واضح وهو سحب القوة العسكرية الصغيرة في سورية وهي ليست مطلوبة للحفاظ على سلامتنا ولكن وجودها يزيد من خطر نشوب صراع أكبر مع الحكومة السورية وحلفائها الروس.
كما توجد دولة أخرى كان يجب أن يتم سحب القوات الأمريكية منها منذ فترة طويلة وهي العراق. كانت الحرب الأولية نفسها خطأً فادحا، لا علاقة لها تمامًا بأمننا أو مصالحنا الاقتصادية. وبالإضافة إلى ذلك، تم القضاء على تنظيم داعش، وقد أشارت الحكومة العراقية نفسها إلى أنها ترغب في مغادرة القوات الأمريكية، التي تتعرض لهجمات متكررة بالصواريخ والطائرات بدون طيار لدعم مهمة ليست بالغة الأهمية لأمننا القومي.
وإذا قرر بايدن القيام بانسحاب مشابه للانسحاب الذي بدأه في أفغانستان، فسيحظى بدعم ما يقرب من ثلثي الأمريكيين. في نفس الاستطلاع الذي أجرته شركة "يوجوف"، أعرب 62 % من عامة المواطنين و65 % من المحاربين القدامى عن تأييدهم للانسحاب من العراق بحلول سبتمبر، بينما عارض هذا القرار 16 % فقط من الجمهور و 19 % من قدامى المحاربين.
ستستمر قصص المآسي الإنسانية في الظهور من أفغانستان، حيث كانت هذه هي القاعدة المحزنة في ذلك البلد لعقود، ولدى الولايات المتحدة قدرة محدودة لمنعها. ولا ينبغي لهذا أن يثني بايدن عن متابعة خطته للانسحاب الكامل من أفغانستان، وهو أمر طالما طالب به الشعب الأمريكي.
واختتم روجر تقريره بالقول إنه بعيدا عن أفغانستان، يجب أن يكون لدى بايدن الثقة أيضًا في أن الشعب الأمريكي سوف يدعم إجراءات جريئة لتقليص وجودنا في الشرق الأوسط - وهو الأمر الذي استعصى على الرئيس الأسبق باراك أوباما إلى حد كبير، على الرغم من رغبته المعلنة في عكس ذلك. ويقدم هذا فرصة لبايدن ليس فقط لتعزيز إرث سياسته الخارجية، ولكن أيضا لوضع سياسة تحظى بدعم شعبي لدى الجمهور المتشكك في الحرب.
فيديو قد يعجبك: