الصين تسعى لتحقيق تفوق عالمي يفرض على أمريكا مواجهته
واشنطن- (د ب أ):
تتزايد الصين قوة يوما بعد يوم، تكنولوجيا، وعسكريا، واقتصاديا، وسياسيا، وقد أصبحت منافسا رئيسيا لا يستهان به على المستوى العالمي في كافة المجالات، مما دفع القوى الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة، إلى أن تأخذها في الاعتبار بجدية كبيرة عند اتخاذ أي خطوة.
وتكثف مراكز الأبحاث العالمية تركيزها على استكشاف إمكانيات الصين، وتقدمها المستمر، وقدراتها التنافسية.
ونشرت مؤسسة الأبحاث والتطوير الأمريكية ( راند) مؤخرا تحليلا بعنوان "سعي الصين للتفوق العالمي"، في نحو 250 صفحة.
وشارك في إعداد التحليل الدكتور تيموثي هيث، وهو باحث دولي بارز بالمؤسسة، وحاصل على الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة جورج مانسون، ودريك جروسمان، المحلل العسكري البارز في "راند"، والذي عمل سابقا بجهاز الاستخبارات الأمريكية، وهو أستاذ مساعد بجامعة كاليفورانيا الجنوبية.
ويتمثل الهدف من تركيز معدي التحليل على الأبعاد الدولية والعسكرية للتنافس بين الولايات المتحدة والصين، في أمور ثلاثة، وهي أولا: أن يكون بمثابة أداة للتخطيط من خلال عرض الاستراتيجبات الدولية والعسكرية التي يمكن أن تتيح للصين التفوق على الولايات المتحدة، وثانيا: توعية الرأي العام بشأن استراتيجية الصين وعملياتها في مجال السياسة، وثالثا: السعي لتشجيع المزيد من المناقشات العامة بشأن طبيعة التنافس ومخاطره.
وتهدف الاستراتيجية الدولية للصين إلى ترسيخ تفوقها في منطقة آسيا- المحيط الهادىء، وقيادة النظام الدولي. وتسعى هذه الاستراتيجية إلى تحقيق هذا الهدف عبر طرق سلمية، رغم أنها لا تستبعد إمكانية وقوع أزمات ذات طابع عسكري، أو حتى نزاعات محدودة النطاق، مثل الحروب بالوكالة.
وجوهر الاستراتيجية الدولية المقترحة هو الاعتماد على قوة الصين الاقتصادية والمناورات الدبلوماسية لوضع بكين في مكانة متميزة، لا يمكن للولايات المتحدة اقتلاعها منها. وهناك استراتيجية عسكرية تكميلية تهدف إلى تقييد قدرة واشنطن على منع الصين من التفوق عليها، وذلك من خلال بناء جيش صيني متفوق يؤكد أن مخاطر مواجهته في أي صراع عسكري ستكون كبيرة للغاية.
وإحدى المسؤوليات العسكرية الصينية الرئيسية تتمثل في دعم الجهود الدبلوماسية لتهيئة ظروف دولية مواتية من خلال إقامة علاقات أمنية قوية مع الدول التي تتعامل معها، وتشويه، أو إضعاف، جاذبية الولايات المتحدة كبديل للصين.
ومن النتائج التي توصل إليها التحليل اعتراف السلطات الصينية بحتمية التنافس مع الولايات المتحدة، لكنها ترفض فكرة أن الصراع أمر حتمي. ولن تكون قيادة الصين الدولية مماثلة كثيرا لأشكال القيادة التي مارستها دول كانت تتمتع بالقيادة العالمية في السابق؛ وسوف تتسم القيادة الدولية الصينية، التي سوف تمارس هيمنة عالمية جزئية تتركز أساسا على منطقة أوراسيا والشرق الأوسط و إفريقيا ، بالاعتماد على التمويل، والتواصل الدبلوماسي، والمساعدات الأمنية، لممارسة النفوذ مع الحفاظ على تواجد عسكري متواضع في الخارج.
ومن ناحية أخرى، من الممكن أن تكون عواقب نجاح الصين في التنافس الاستراتيجي شديدة بالنسبة للولايات المتحدة . إذ أنه في حالة عدم قدرة أمريكا على إزاحة الصين من طريقها، من الممكن أن تواجه احتمالات اقتصادية متضائلة، وتهميشا دوليا، وقدرة ضعيفة على تشكيل الأمور العالمية.
ومن التوصيات التي قدمها التحليل الحاجة إلى مزيد من الاهتمام بالطرق الابتكارية الكثيرة التي يمكن من خلالها أن توجه الصين العمل العسكري لتحقيق مزايا تتعلق بالمواقع في أي تنافس طويل المدى. كما يتعين أن تهدف السياسة الأمريكية إلى إضعاف قوة الانتقادات الصينية من خلال إظهار القيادة الأمريكية الفعالة، سريعة الاستجابة، وبالتالي يتم الحد من الحافز الذي يدفع الدول الأخرى إلى دعم جهود بكين لتجديد المنظمات الدولية بطرق تلحق الضرر بالمصالح الأمريكية.
كما تضمنت التوصيات حاجة وزارة الدفاع الأمريكية إلى الحفاظ على تواجد كبير في الشرق الأوسط كوسيلة لتعزيز موقف الولايات المتحدة في منطقة آسيا- المحيط الهادىء.وسوف يصبح التنسيق الأوثق بين الاستراتيجيات التنافسية داخل منطقة الهند- الباسفيكي وخارجها أمرا أكثر أهمية.
وأكدت التوصيات أنه من الممكن أن يساعد وضع استراتيجية تشمل درجة ما من الطمأنة والتعاون في استقرار التنافس، والحد من أخطار الحسابات الخاطئة والحوادث الخطرة، وأنه لتعظيم الردع وحماية المصالح الأمريكية ، يتعين أن يكون هناك قدر أكبر من التنسيق بين أبعاد السياسة الدفاعية والخارجية لأي استراتيجية تنافسية.
وخلص معدو التحليل إلى أنه أبرز للحكومة ووزارة الدفاع الأمريكية الأهمية الدائمة لتحالفات وشراكات الولايات المتحدة، وأن الصين تدرك أن هذه الشبكة من التحالفات والشراكات ميزة استراتيجية هائلة للولايات المتحدة، وتسعى إلى أن تكون لديها شبكة مثلها.
فيديو قد يعجبك: