لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

فيروس كورونا وعمالة الأطفال: "أريد أن يكون لدي وقت للعب"

03:18 م السبت 12 يونيو 2021

الجائحة زادت من معدلات الفقر، فاضطر أطفال (مثل فال

لندن- (بي بي سي):

يقول عمران: "عندما بدأت إجراءات الإغلاق، عدت إلى العمل لأعيل أبوي وإخوتي".

ورغم أن عمران لا يتجاوز الحادية عشرة، إلا أنه يعمل الآن بدوام كامل في أحد محال صناعة الأكياس الورقية في العاصمة البنغالية داكا.

وعلى الجانب الآخر من العالم، في بوليفيا، تعيش فالنتاين البالغة من العمر تسع سنوات الظروف ذاتها، "أنا أستيقظ في الرابعة صباحا. وبحلول الخامسة صباحا، أكون في الشوارع مع أمي، أساعدها في عملها حتى الظهيرة".

"أبيع المحارم للناس في مدينة لاباز، فالصباحات المبكرة تكون شديدة البرودة، ويحتاج الجميع إلى المحارم".

ورغم التقدم الجيد الذي شهده العالم في السنوات الأخيرة في ما يتعلق بعمالة الأطفال، إلا أن الجائحة تسببت في انتكاسة شديدة في هذا المجال.

ومع خسارة الآباء لوظائفهم وإغلاق المدارس، اضطر الأطفال للخروج والبحث عن مصدر للرزق.

أول ارتفاع لعمالة الأطفال منذ 20 عاما

توقفت فالنتاين عن الدراسة منذ مارس 2020، بعد إجراءات الإغلاق التي تسببت في إغلاق مدرستها.

وتعمل والدتها نانسي، البالغة من العمر 23 عاما، في تلميع الأحذية, وتخرج فالنتاين معها للعمل في الصباح الباكر.

"تقدمت أمي بطلب لأعود للمدرسة، لكن لم أذهب ولو ليوم واحد. لم أشتر مستلزمات الدراسة حتى. ما زلت أحتفظ بدفاتر العام الماضي، وأغلب صفحاتها بيضاء. لكن أكثر ما أفتقده هو أصدقائي وأوقات اللعب".

وارتفع عدد الأطفال الذين يعملون لأول مرة منذ عقدية، ليصل إلى حوالي 160 مليون طفل، وفقا لتقرير مشترك من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ومنظمة العمل الدولية.

انضم 8.4 مليون طفل إلى سوق العمل خلال السنوات الأربعة الماضية، وجعلت الجائحة ملايين آخرين يواجهون الخطر ذاته. وتقول يونيسيف ومنظمة العمل الدولية إن هذا ينسف جهود حوالي عقدين من الزمن.

ويرصد التقرير زيادة كبيرة في عمالة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5-11 عاما، وتتجاوز أعدادهم نصف الأطفال العاملين عالميا.

كما زادت أعداد الأطفال بين 5-17 عاما الذين يعملون في مهن خطرة قد تضر بسلامتهم النفسية أو الجسدية، وتبلغ هذه الزيادة 6.5 مليون طفل، لتصل أعدادهم إلى 79 مليون طفل منذ عام 2016. وأحد هؤلاء الأطفال هو جاكوب، من غانا.

"أشعر بالحزن عندما أرى زملائي القدامى في طريقهم للمدرسة في حين أذهب للعمل" جاكوب- غانا

اسمي جاكوب، عمري 13 عاما، أعيش في شوركور، وهي إحدى مجتمعات صيد الأسماك في أكرا، عاصمة غانا.

أستيقظ في الرابعة صباحا كل يوم لأساعد خالتي في تدخين الأسماك وبيعها. ومهامي هي العثور على الحطب وتنظيف الأسماك وترتيبها في ألواح التدخين، ثم نقلها إلى أفران التدخين الضخمة.

وأفعل الشيء ذاته في المساء، عندما تعود خالتي بالمزيد من السمك. وأنام في الحادية عشرة مساء.

وعند إعادة فتح المدارس، لم أتمكن من العودة لأن خالتي استمرت في إرجاء شراء الزي المدرسي. لا يمكنني ارتداء الزي القديم، إذ قرضت الفئران أكمامه. وأنا في البيت منذ أكثر من عام الآن.

لدي خمسة أشقاء. توفيت أمنا وأنا في الثامنة. ثم توفيت جدتي التي كانت تعيلنا بعد عامين. ونعيش ونعمل مع خالتنا منذ ذلك الحين.

وبعد انتهاء المهام الصباحية، تعطيني خالتي المال (أقل من دولار واحد) لأشتري الطعام. وعادة ما أشتري وجبة بانكو (تصنع من الذرة المخمرة والكاسافا) وسمكة صغيرة مقلية.

لو لم أكن مضطرا للعمل، لفضلت الذهاب للمدرسة لأصبح جنديا، وكذلك لأساعد من لا يستطيعون القراءة والكتابة في إدخال بياناتهم لهواتفهم المحمولة.

وتساعد عدة عوامل على هذه الزيادة في عمالة الأطفال، مثل زيادة السكان والأزمات المتلاحقة والفقر المدقع وإجراءات الحماية الاجتماعية غير المناسبة.

وتشهد آسيا وأمريكا اللاتينية تحسنا مستمرا منذ عام 2016، لكن أزمة كوفيد-19 قد يؤدي إلى خسارة هذه المكتسبات.

لكن في أفريقيا، انضم 16.6 مليون طفل إلى سوق العمل خلال السنوات الأربعة الماضية. واليوم، تساوي أعداد الأطفال العاملين في هذه المنطقة إجمالي أعدادهم في باقي أنحاء العالم.

العمل كطفل يؤثر على حياتك وعلى الأجيال المقبلة

تقول كلوديا كابا، أحد كبار المستشارين في يونيسيف ومعدة التقرير، إن "عمالة الأطفال تؤثر على حياة الطفل، لكن لها كذلك تأثير على الأجيال القادمة. فعندما لا يتمكن الأطفال من التعلم والتقدم، تنحسر فرصهم في المستقبل، ما يزيد من اتساع دائرة الفقر".

وتقول فالنتاين: "أعلم أن الدراسة مهمة. مثل تعلم الجمع والطرح. وعندما يدفع أحدهم مقابل المحارم، أتمكن من مراجعة الحساب ومعرفة إن كان له أموال باقية معي".

لكن والدة فالنتاين لا تستطيع تحمل نفقات التعليم عن بعد "فهاتفي قديم، وباقة الإنترنت غالية. لا يمكنني تحمل نفقاتها".

وتزيد عمالة الأطفال بين الذكور مقابل الإناث. لكن بحساب الأعمال المنزلية (وهي 21 ساعة على الأقل أسبوعيا)، تضيق الهوة بين الجنسين.

وتساعد فالنتاين كذلك في العناية بالأطفال، "فبعد الغذاء، تعود أمي للعمل وأظل أنا في البيت لأرعى إخوتي الصغار. أريد الذهاب إلى الحديقة واللعب معهم، لكن لا يمكنني ذلك بسبب الجائحة. أحد أسعد الأيام كان عند ذهابي للمسبح العام. أتمنى لو أستطيع العودة يوما ما وتعلم السباحة".

وتقول كابا إن عمالة الأطفال "تؤثر كذلك على التطور العاطفي والنفسي للطفل، وهي خطر على سلامته الجسدية والنفسية."

وتوقف عمران، من بنجلاديش، عن الذهاب للمدرسة نهائيا، رغم أنه تمكن من الحضور لبضع ساعات بعد انتهاء إجراءات الإغلاق.

وفي أوج الجائحة، اضطرت أسرة عمران لمغادرة العاصمة والعودة إلى القرية. وبقي عمران في دكا ليستمر في العمل في محل إعادة تدوير الأوراق، وعاش مع صاحب العمل.

ثم أُغلق المحل بسبب الإغلاق العام "وبدأت الذهاب إلى آزاد بهاي (أحد مراكز حماية الطفل الطارئة التابعة ليونيسيف). وهناك، كانوا يقدمون لي ثلاث وجبات يوميا، وأحيانا كنت أنام هناك".

ويقدم المركز خدمات الرعاية الصحية كذلك، وأدوات النظافة الشخصية، وجلسات لتعلم المهارات، واستشارات نفسية وخدمات إعادة ترفيه. لكن بعد شهرين من العيش وحيدا في دكا، بدأ عمران يشعر بالحزن.

وبمجرد انتهاء الإغلاق، اجتمعت العائلة مرة أخرى، وعادوا إلى مسكنهم في غرفة واحدة في أحد الأحياء العشوائية المكتظة في العاصمة. لكن عمران لم يعد إلى الدراسة.

"الآن أستيقظ في السابعة صباحا، أغتسل وآكل وأتوجه إلى العمل. أبدأ في التاسعة صباحا وأعمل حتى العاشرة مساء. لا أحب العمل رغم أن الجميع يحسن معاملتي. ولا يوجد أطفال آخرون في سني في العمل".

"حياتي تغيرت"

وتقول المديرة العامة ليونيسيف، هنرييتا فور: "إننا نخسر المعركة ضد عمالة الأطفال، والعام الماضي زاد من صعوبة هذه المواجهة."

لكن تقرير المنظمتين يكشف أن التأثير المحتمل للجائحة يمكن أن يقلص إذا طبقت الحكومات الإجراءات الصحيحة.

ومن بين الإجراءات التي يمكنها كبح عمالة الأطفال تطبيق المساعدات العالمية للأطفال، وزيادة الاستثمار في التعليم، وإعادة الأطفال للمدارس وتوفير فرص عمل أفضل للبالغين.

وفي بعض الأماكن، يمكن للتدخل المحلي أن يجلب الكثير من المزايا للأطفال.

"أريد أن يكون لدي وقت للعب" - دانا - 13 عاما، فلسطينية تعيش في الأردن

"بدأت العمل في سن التاسعة، بعد سجن أبي". أعيش مع شقيقتاي وأخي الأصغر وأمي. كما تعتني أمي بجدتي المسنة والمريضة.

تعمل إحدى قريباتي في بيع بعض الأشياء في الشارع، وذات يوم ساعدتها في ذلك ثم بدأت العمل.

كنت أعمل يوميا، أبيع ربطات الشعر عند إشارات المرور. وأعطي كل ما أكسبه لأمي لشراء الطعام واحتياجات العائلة.

"وعند إغلاق المدرسة، كنت أستيقظ في وقت متأخر، أشاهد أفلام الرسوم المتحركة، آكل، ثم أخرج لبيع ربطات الشعر حتى المساء".

وتوقفت دانا عن العمل منذ ثلاثة أشهر، منذ بدأت التردد على إحدى الجمعيات المحلية التي تدعمها يونيسيف.

"والآن أحب أن أظل في البيت مع عائلتي، وأحضر هنا للدروس. أحب تعلم اللغة العربية والرياضيات، واللعب مع الأطفال"

"أريد استكمال دراستي وأتمنى أن أكبر وأصبح مصففة شعر".

وفي حال عدم تطبيق المزيد من الإجراءات، يمكن أن ينضم حوالي 50 مليون طفل آخر إلى سوق العمل بنهاية عام 2022.

وتقول كابا: "أحد التأثيرات السلبية الأخرى لعمالة الأطفال هو خطر الإصابة بعيدة المدى والمشاكل الصحية المزمنة، ما يزيد من اتساع دائرة الفقر".

يعيش محمد، 12 عاما، في العاصمة الأردنية عمان "اعمل في جمع القمامة منذ سن التاسعة، وأبيعها بغرض إعادة التدوير".

"كنت أحمل كيساً ثقيلا على ضهري في أحد الأيام، فوقعت. وانكسر إصبعي وتأذت قدمايا".

وعرضت مؤسسة خيرية محلية مساعدة محمد بعد العثور عليه في الشارع.

"غير هذا البرنامج حياتي. أخذوني للأطباء وتعافى إصبعي".

"أنا سعيد جدا الآن لأنه أصبح بإمكاني الدراسة. آتي إلى هنا ثلاث مرات في الأسبوع، وأتمتع بتعلم مهارات الكمبيوتر. لكن أفضل ما في الأمر هو أنني أتمكن من اللعب مع الأطفال الآخرين".

جاستين: لم أتخل عن حلمي

تقول كابا إن اتباع النهج الصحيح وتقديم الدعم قد يجلب الأمل لملايين الأطفال.

لدى جاستين، البالغ من العمر 17 عاما، سبعة إخوة وأخوات "وهناك الكثير من الأطفال في نفس ظروفي في جنوب مدغشقر".

"أعمل منذ سن الرابعة عشرة. أضطررت لذلك بعد طلاق والدي، ولم يتمكنا من دفع مصاريف الدراسة الخاصة بي. عملت لأنني أريد أن أنجح في دراستي. وفي البداية، كنت أذهب إلى المدرسة طوال الأسبوع وأعمل في عطلة نهاية الأسبوع لأتمكن من سداد نفقات الدراسة والكتب".

"يعمل عمي في قيادة السيارات الأجرة، وعرض علي العمل معه".

لكن جاستين هادئ ويهتم بالآخرين، ووجد صعوبة في هذا العمل "إذ كنت خجولا جدا".

لكنه وجد مهنة أخرى "فأنا أحب صناعة الخبز. ولدينا الكثير من أنواع الخبز في مدغشقر".

ويستمر جاستين في العمل، لكن حياته اختلفت. فمنذ عام 2020، أدرجته قرية إس أو إس للأطفال (وهي ملجأ محلي تدعمه يونيسيف) في برنامج للتعليم المهني.

"أتدرب لأصبح خبازا. تعملت صنع الكثير من الأشياء. يمكنني الدراسة وإدارة مشروعي الصغير في عطلة نهاية الأسبوع".

"عندما كنت صغيرا، قبل طلاقي والدي وبداية مشاكلي، كنت أحلم بأن أصبح جراحا. أعطاني أحدهم كتابا في الطب، يشرح الكثير من الأساليب والعمليات، وقررت أن هذا ما أريد أن أفعله".

"مررت بالكثير من الصعاب، لكن لم أتخل عن حلمي. ربما ما زال بإمكاني تحقيق حلمي".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان