"يتساقطون كأوراق الشجر".. المجاعة تضرب المناطق النائية في تيجراي
كتب- محمد صفوت:
على مدى 8 أشهر من القتال العنيف في تيجراي وسط تعتيم إعلامي على الأحداث، لا تزال شهادات سكان الإقليم الإثيوبي توثق فظائع الجيش الفيدرالي المدعوم بقوات إريترية وأمهرية من إعدامات خارج إطار القانون، وعمليات اغتصاب جماعي وممنهجة، وتسببهم في مجاعة بالإقليم.
شهدت الأحداث تحولاً دراماتيكيًّا بعد سيطرة قوات تيجراي على العاصمة ميكيلي وإعلان إثيوبيا وقف إطلاق النار، لكن آثار المجاعة التي تسببت بها إثيوبيا لا تزال تضرب المناطق النائية بالإقليم.
وكشفت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية، عن رسالة موقعة من مسؤول محلي تفيد بموت 125 شخصًا جوعًا في إحدى المناطق النائية بالإقليم، وتأكدت الوكالة من صحتها من مسؤول صحي إقليمي.
"الناس يتساقطون كأوراق الشجر" بتلك الكلمات عبر المسؤول المحلي عن الوضع في المنطقة النائية، إثر المجاعة التي ضربت الإقليم، وحذرت الولايات المتحدة والأمم المتحدة ومنظمات إغاثية ودولية أخرى منها منذ عدة أشهر.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من خمسة ملايين شخص بحاجة ماسة للمعونات الغذائية، ويواجه 350 ألف شخص خطر المجاعة، فضلاً عن 1.77 مليون آخرين في مرحلة الطوارئ وبحاجة فورية للمساعدات.
المسؤول الصحي الإقليمي، الذي أكد صحة الرسالة يقول، إنها الثانية من نوعها، إذ أبلغت منطقة أخرى عن وفاة 150 شخصًا بسبب المجاعة، موضحًا أن النداء الأول تناولته جلسة مغلقة بمجلس الأمن في أبريل الماضي، والتي أثارت غضب إثيوبيا.
وأشار المسؤول إلى أن الرسالة الجديدة تقدم بيانات مفصلة، وتوضح مدى الدمار الذي تعرضت له المنطقة، إذ قتل نحو 440 شخصًا ووقع 558 ضحايا العنف الجنسي، ونهب نحو 5 آلاف منزل، فضلاً عن حرق أطنان من المحاصيل وسرقة الماشية.
في الرسالة التي بعث بها زعيم منطقة ماي كينيتال برهي ديستا جيبري ماريام، أكد عدم قدرة السكان على التحرك بعد فرض القوات الإريترية حصارًا تامًا عليهم، وحكمت عليهم بالمعاناة حتى الموت، محذرًا من العامين المقبلين بعد حرمان المزارعين من زراعة أراضيهم.
ويقول المسؤول الصحي، إن بعض سكان ماي كينيتال أتوا سيرًا على الأقدام، وأبلغوا عن وفيات جراء الجوع، ما أكدته الرسالة الأخيرة.
ويتابع: "نحن نعلم أن الناس يموتون في كل مكان، وأن مناطق أخرى يتعذر الوصول إليها لا تزال صامتة، بعد قطع خدمات الهاتف والإنترنت".
ووصف مسؤول بالأمم المتحدة الوضع في ماي كينيتال، بأنه "حرج بشكل خاص" موضحًا أن المساعدات لم تصل إليها، وإلى عدد آخر من المناطق منذ بدء الصراع في نوفمبر الماضي.
نقص المعلومات ووسائل الاتصال، يسبب المعاناة واليأس لسكان الإقليم ممن لهم أقارب في مناطق محاصرة، ويقول أحد السكان الذين فروا إلى السودان، إن ابن عمه مات في ماي كينيتال بسبب الجوع، مضيفًا أن والديه لا يزالان محاصرين، ويأمل أن يبقيا على قيد الحياة، حتى تأتي لهما المساعدة.
ويقول آخر رفض الكشف إلا عن اسمه الأول، ويدعى تسيج، إنه لم يتمكن من مهاتفة والدته المحاصرة بالمنطقة سوى مرة واحدة منذ بدء الحرب، التي وصفت له ما يحدث في المنطقة بعد سيطرت القوات الإريترية عليها، قبل انقطاع خدمات الهاتف والإنترنت.
ويضيف، أن القوات الإريترية تسرق الماشية وتحرق المحاصيل، ويروي أن قريبًا له رفض تسليم ماشيته لهم فذبحوا حفيده أمامه.
بعد إعلان وقف إطلاق النار، يقول مسؤول بوكالة إغاثة أمريكية، إن الأسبوع الجاري ستختبر منظمات الإغاثة وقف إطلاق النار المعلن عنه من جانب إثيوبيا، عبر محاولاتهم الوصول إلى المناطق النائية؛ لتقديم المعونات، والمساعدات لسكانها.
وليس واضحًا ما إذا كانت القوات الإريترية والأمهرية ستحترم وقف إطلاق النار، خاصة بعد تصريحات قائد لقوات تيجراي باستمرار المعارك ضد "الأعداء" ومطاردتهم.
فيديو قد يعجبك: