انتخابات إيران "أُعِدَّت حتى لا يكون هناك منافس لإبراهيم رئيسي"
(بي بي سي):
من المقرر أن يختار الإيرانيون رئيساً جديداً هذا الشهر في وقت يبدو من الأهمية بمكان بالنسبة للبلاد، سواء كان في الداخل أو الخارج.
لقد تغير الكثير في السنوات الأربع الماضية منذ الانتخابات الأخيرة، لكن هذه الانتخابات تبدو أشبه بالمنعرج في تاريخ البلد.
استياء متزايد
منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جرت عام 2017، أدت سلسلة من الأحداث إلى تغيير جذري في المشهد السياسي الإيراني،فقد شهد البلد حملات قمع دامية ضد الاحتجاجات المناهضة للحكومة، من اعتقال نشطاء منظمات المجتمع المدني والنشطاء السياسيين وإعدام السجناء السياسيين، إلى قيام الحرس الثوري الإيراني بإسقاط طائرة ركاب أوكرانية وتفاقم الأزمة الاقتصادية بشكل حاد نتيجة العقوبات الأمريكية.
قد تكون الضربة القاضية لحكام إيران هي نسبة المشاركة المنخفضة للناخبين، إذ بلغ الشعور بعدم الرضا بين الناخبين ذروته.
رغم الاعتقاد السائد بأن الانتخابات الإيرانية ليست حرة ونزيهة بأي حال من الأحوال (ويرجع ذلك أساساً إلى التدقيق بالمرشحين من قبل هيئة متشددة تُعرف باسم مجلس صيانة الدستور)، لا يزال قادة إيران بحاجة إلى نسبة مشاركة عالية لإثبات شرعية النظام السياسي الذي يواجه أصلاً صعوبات جمة نتيجة أحداث السنوات الأربع الماضية.
ولكن، تُظهر استطلاعات الرأي التي أجرتها وكالة استطلاعات الطلاب الإيرانية الموالية للحكومة (Ispa) انخفاضاً بنسبة 7 في المئة في نسبة المشاركة المتوقعة، لتصل إلى 36 في المئة فقط منذ أن أُعلن عن قائمة المرشحين في 25 مايو، في حين يتصدر هاشتاغ عدم التصويت في مواقع التواصل الاجتماعي الفارسية.
وفي الانتخابات السابقة، كان معدل الإقبال المنخفض عادة، يذهب لصالح المتشددين والمحافظين.
الأنظار تتجه نحو المتشددين
كانت الانتخابات الرئاسية في إيران تعيش حمى استقطابات مريرة منذ عام 1997، إذ كان ينتمي المرشحون المتنافسون إلى فصائل متشددة وإصلاحية / وسطية.
لكن التوجيه الأخير من مجلس صيانة الدستور هذا العام، منع عملياً معظم المرشحين الإصلاحيين أو الوسطيين من الترشح . ومن بين عشرات الشخصيات السياسية البارزة المسجلة، وافق المجلس على سبعة فقط. اثنان فقط من السبعة مرشحان إصلاحيان/ وسطيان، وكلاهما يعد شخصية غير معروفة.
ويعد رئيس القضاء الإيراني، إبراهيم رئيسي، الذي كان أحد المنافسين في انتخابات عام 2017، المرشح الأكثر شهرة، ووفقاً لبعض استطلاعات الرأي الحكومية، فهو المرشح المفضل بين المتشددين.
ويعتقد بعض المراقبين أن الآخرين الذين سُمح لهم بالترشح في هذه المسيرة الانتخابية، هم فعلياً موجودون فقط لدعم المرشح الرئيسي.
أزمة اقتصادية
يلعب الاقتصاد دوراً رئيسياً في الانتخابات الإيرانية وهو دائماً على رأس جدول أعمال كل مرشح.
وتمر إيران الآن بأحد أكثر مراحلها خطورة منذ ثورة 1979، بسبب الوضع الاقتصادي غير المستقر، إذ تسببت آثار العقوبات، التي تفاقمت بسبب وباء فيروس كورونا، في واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخ البلاد، ووصل معدل التضخم إلى 50 في المئة.
وفي عام 2019، عندما رفعت الحكومة سعر البنزين بطريقة استبدادية، نزل آلاف الأشخاص إلى الشوارع في أكثر من 100 مدينة احتجاجاً على رفع الأسعار. ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، قتل أكثر من 300 متظاهر غير مسلح على أيدي قوات الأمن في غضون أيام قليلة.
وطالب المتظاهرون بإقالة أعضاء النخبة الحاكمة في البلاد والحكومة. وقد تندلع احتجاجات مماثلة مجدداً.
ورغم أن كثيرين يعتقدون أن التغيير الجذري ضروري ولا يمكن تحقيقه إلا من خلال الاحتجاجات والإضرابات، إلا أن هناك من يعتقد أن التغيير التدريجي سيكون أكثر سلمية وفائدة من خلال صناديق الاقتراع.
المناخ السياسي في إيران متقلب ويمكن أن تسير الأمور بطريقة أو بأخرى إلى حين موعد الانتخابات المقررة في 18 يونيو/حزيران الحالي.
العلاقات مع الولايات المتحدة
أثار فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020 احتمال إحياء المفاوضات الدبلوماسية مع إيران، بعد أن تصاعدت التوترات بين البلدين في عهد سلفه دونالد ترامب.
ورغم أن معظم المتشددين داخل المؤسسة السياسية الإيرانية يعتبرون المحادثات مع الولايات المتحدة غير مجدية، إلا أن الإصلاحيين والوسطيين يؤيدونها.
ويدعم الإصلاحيون والوسطيون فكرة الانضمام إلى المنظمات الدولية لمكافحة غسل الأموال مثل مجموعة العمل المال (FATF) ، والمصالحة مع المملكة العربية السعودية؛ الخصم الإقليمي، وتقليل العدوان الخطابي تجاه إسرائيل؛ العدو اللدود لإيران.
ومن شأن هذه المعايير أن تقلل بشكل كبير من الخلافات في المنطقة وتخلق فرصة لإنعاش الاقتصاد الإيراني المتعثر أيضاً.
ولكن، نظراً لأن السياسات العامة للجمهورية الإسلامية، بما في ذلك سياستها الخارجية، يتم تحديدها من قبل المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، فإن أولئك الذين ينوون مقاطعة الانتخابات المقبلة يعتقدون أن الرئيس القادم ليست لديه سلطة كبيرة لتغيير الوضع الراهن دون موافقته.
وحتى ذلك الحين، فإن تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة أو الاعتراف بإسرائيل كدولة أمر غير وارد في الوقت الراهن.
فيديو قد يعجبك: