البابا فرنسيس يلتقي قادة كنائس لبنان في يوم صلاة من أجل "عطية السلام"
روما- (أ ف ب):
التقى البابا فرنسيس الخميس في الفاتيكان عشرة من رؤساء الكنائس الموجودة في لبنان، البلد الذي يودّ زيارته قريباً وغالباً ما يذكره في صلواته، في إطار يوم تأمُّل حول الوضع المقلق في البلاد وللصلاة معاً من أجل "عطية السلام".
ووصل قادة الكنائس صباح الخميس الى منزل القديسة مارتا في الفاتيكان، حيث يقيم الحبر الأعظم، تلبية لدعوة وجهها إليهم للمشاركة في "يوم التأمل والصلاة من أجل لبنان"، الغارق في أزمة اقتصادية صنّفها البنك الدولي على أنها من بين الأكثر شدة منذ عام 1850.
وتوجّه البابا مع ضيوفه سيراً على الأقدام إلى كنيسة القديس بطرس، حيث عقدت وقفة صلاة "من أجل عطية السلام في لبنان"، وفق ما نقلت وكالة أخبار الفاتيكان. وانتقلوا بعدها إلى القصر الرسولي حيث عقدت ثلاث جلسات مغلقة بإدارة السفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سبيتري.
واستبق الحبر الأعظم اللقاء بتغريدة الأربعاء قال فيها "أدعو الجميع إلى الاتحاد معنا روحياً بالصلاة كي ينهض لبنان من الأزمة الخطيرة التي يمر بها وأن يُظهر مجدداً وجهه، وجه السلام والرجاء".
ويُختتم اللقاء عند الساعة 18,00 في كنيسة القديس بطرس بصلاة مسكونية "من أجل السلام"، تتخللها تلاوة نصوص بالعربية والسريانية والأرمينية والكلدانية، على أن يلقي البابا فرنسيس كلمة ختامية بحضور دبلوماسيين.
وصلى البابا مراراً من أجل لبنان، الذي يشهد منذ صيف 2019 انهياراً اقتصادياً متسارعاً فاقمه انفجار مرفأ بيروت في أغسطس الماضي الذي أودى بأكثر من 200 شخص ودمّر أجزاء كاملة من المدينة.
وقال البابا في الماضي في أول تعليق بعد انفجار المرفأ إن "خطراً شديداً يهدد وجود هذا البلد"، مضيفاً "لا يمكننا أن نترك لبنان في عزلته".
وسبق أن أعرب في مناسبات عدة عن رغبته في زيارة لبنان، البلد الذي وصفه بأنه "رسالة حرية، ومثال على التعددية بين الشرق والغرب". وتوجّه الى اللبنانيين بالقول "لا تتخلوا عن منازلكم وعن تراثكم".
وأفاد الأسقف بول ريتشارد غالاغر الذي يتولى منصب وزير خارجية الكرسي الرسولي إن الزيارة "يمكن" أن تتم في نهاية 2021 أو مطلع 2022، يفضّل بعد تشكيل حكومة جديدة.
"رسالة للمجتمع الدولي"
يشهد لبنان منذ صيف 2019 انهياراً اقتصادياً متمادياً، فقدت معه العملة المحلية أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار.
وبات أكثر من 55 في المئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر على وقع تدهور قدراتهم الشرائية. ولم توفر تداعيات الانهيار أي طبقة اجتماعية وتفاقم يوماً بعد يوم معاناة السكان الذين باتوا يكافحون من أجل تأمين لقمة عيشهم.
ولا تلوح في الأفق أي حلول جذرية لإنقاذ البلاد، ويغرق المسؤولون في خلافات سياسية حادة حالت منذ انفجار المرفأ دون تشكيل حكومة قادرة على القيام بإصلاحات يضعها المجتمع الدولي شرطاً لحصول لبنان على دعم مالي.
وبحسب ما نقلت وكالة أنباء الفاتيكان، فإن زيارة رؤساء الكنائس "لا تهدف الى إيجاد حلّ سياسي" للأزمة إنّما "الرد على شكاوى الشعب ومعاناته".
وأوضح النائب البطريركي العام المطران الماروني سمير مظلوم لوكالة فرانس برس في بيروت إن اللقاء سيركّز على هجرة الشباب وتداعيات الأزمة على المدارس والمستشفيات والعائلات والأمن الغذائي. وتحدّث عن تقديرات تشير إلى أن "50 إلى 60 في المئة من شبابنا يعيشون في الخارج، لم يبق إلا كبار السن والأطفال".
وأعرب عن اعتقاده بأن الحبر الأعظم "يكثف عمله الدبلوماسي لدى رؤساء الكنائس والدول الكبرى.. لإيجاد حلول تؤدي إلى تشكيل حكومة قادرة على اتخاذ قرارات توقف البلد على قدميه، وتعيد انماء الاقتصاد وتخفف من وطأة الكارثة على الناس ومن أسباب الهجرة"، خصوصا المسيحيين والتي تشكل "عنصر أساسي في المحنة التي نعيشها".
وفي سياق متصل، قال المونسنيور باسكال غولنيش، المدير العام لمؤسسة "عمل الشرق" التي تُعنى بتقديم مساعدات إلى المسيحيين في منطقة الشرق الأدنى، إن الاجتماع سيشكل حتماً "مناسبة لتوجيه رسالة الى المجتمع الدولي".
ومن بين الشخصيات التي حضرت محادثات الفاتيكان البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي تحدث علناً عن فساد الطبقة السياسية في لبنان. وقال الراعي لصحيفة "لوريون لو جور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية إن اليوم المرتقب مع البابا سيمثّل "خطوة مهمة باتّجاه مساعدة لبنان على البقاء كوطن للشراكة المسيحية الإسلامية".
ويضمّ لبنان 18 طائفة، وتتوزع مقاعد البرلمان الـ128 مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، في عرف فريد من نوعه في الدول العربية.
وشدد النائب الرسولي في بيروت المونسنيور سيزار ايسايان، الذي يشارك أيضاً في اللقاء على أن "لبنان يعيش أزمة هوية" مع بلوغ الفساد كامل قطاعات المجتمع بما في ذلك تلك الدينية.
وقال في مؤتمر صحافي عبر الإنترنت "إنها لحظة مهمة للغاية بالنسبة إلينا".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: