لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الكهرباء تعود إلى مناطق في شمال غرب سوريا من بوابة تركيا

12:19 م الأحد 11 يوليو 2021

الحلواني السوري مصطفى أبو عماد في متجره في ساحة ال

دمشق- (أ ف ب):

داخل محله الصغير في مدينة إدلب في شمال غرب سوريا، يعرض أبو عماد أصنافاً جديدة من الحلويات والمثلجات أمام زبائنه، من دون أن يخشى من انقطاع الكهرباء مع بدء شركة خاصة استجرار التيار من تركيا المجاورة.

ويعدّ استجرار الكهرباء وجهاً آخر من وجوه النفوذ التركي المتزايد في مناطق الشمال السوري، حيث تحتفظ أنقرة بتواجد عسكري ونقاط مراقبة وتدعم فصائل سوريا موالية لها.

وتوقفت الحكومة السورية منذ سيطرة الفصائل المقاتلة والمعارضة على إدلب صيف العام 2015 تدريجاً عن إمداد المناطق الخارجة عن نفوذها بالكهرباء وخدمات أخرى. وخلال سنوات من المعارك الطاحنة، لم تسلم المحطات والشبكات من القصف، عدا عن تعرضها للتخريب والنهب.

واعتمد السكان خلال السنوات الأخيرة على مولدات خاصة أو على الاشتراك في مولدات يملكها متمولون أو قوى محلية، فضلا عن ازدهار ألواح الطاقة الشمسية.

ترتسم ابتسامة عريضة على وجه أبو عماد (31 عاماً) الذي يعمل من دون توقف في محل المثلجات والحلويات الذي ورثه أباً عن جد وسط ساحة الساعة، إحدى أبرز ساحات مدينة إدلب. ويقول لوكالة فرانس برس "سيساعدنا توفير الكهرباء كثيراً ونعد حالياً أصنافا كنا قد استغنينا عنها" في السنوات الأخيرة.

ويضيف الشاب الذي كان يعتمد على الاشتراك بمولدات خاصة لتوفير الكهرباء لساعات محددة في مقابل كلفة مادية مرتفعة "كنا نحضر صنفاً أو اثنين من قوالب الحلوى، لكننا بدأنا الآن ننوعها أكثر ونملأ براداتنا لأننا قادرون على تشغيلها"، مشيراً إلى حلوى الإكلير والتشيز كايك وسواها.

وبينما يدخل زبائن الى محلّه، يوضح "عصب مصلحتي هي الكهرباء، ومن دونها لا أستطيع العمل".

ويعود ذلك لبدء شركة "غرين إنيرجي" الخاصة منذ مطلع مايو باستجرار الكهرباء من تركيا لتغذية المدن والبلدات الكبرى، بعد حصولها وفق القيمين عليها، على موافقة السلطات التركية وحكومة الإنقاذ، السلطة المحلية العاملة في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى في إدلب ومحيطها.

على غرار أبو عماد، باتت المؤسسات التجارية والمرافق الخدمية في مدينة إدلب ومناطق في ريفها قرب الحدود التركية تحظى منذ مطلع الشهر الحالي بتغطية تتجاوز 15 ساعة يومياً، بينما تنعم المنازل بالتيار لعشر ساعات على الأقل.

"شركة مزودة"

في شوارع عدة في مدينة إدلب، تنتشر ورش وعمال صيانة يرتدون سترات صفراء تحمل اسم الشركة. يعاين بعضهم خطوط الكهرباء ويمدون خطوطاً آخرى بينما ينهمك آخرون في تزويد المنازل والمؤسسات والمرافق الخدمية بالعدادات.

ويوضح المدير التنفيذي للشركة أسامة أبو زيد لوكالة فرانس برس أن العمل بدأ في مرحلة أولى بإنشاء محطة تحويل في الجانب التركي، تولّت الحكومة التركية تجهيزها. وفي مرحلة ثانية، انشئت محطة استقبال في مدينة حارم، تكفّلت الشركة بتجهيزها.

وتستخدم الشركة حالياً "الشبكات العامة وتلك الخاصة بالمولدات ريثما يتم تجهيز مراكز وشبكات المنخفض الخاصة" بها. وتعمل على تزويد "المرافق الخدمية كمحطات مياه والمنشآت الصحية والمشافي كذلك الأمر تمّ تغذية عدد من الأفران والمراكز الخاصة بمؤسسات الحبوب كالصوامع والمطاحن".

وتقتصر التغذية حالياً على المدن "ذات الكثافة السكانية الأعلى"، كإدلب وحارم وسرمدا والدانا وسواها وفق أبو زيد، على أن يتم تأمين الكهرباء لبقية المناطق بعد تجهيز الشبكات وخطوط الإمداد اللازمة.

وتسعر الشركة الأمبير الواحد بخمسين ليرة تركية، العملة المتداولة في مناطق النفوذ التركي في شمال وشمال غرب سوريا. ويمكن للمواطنين شراء بطاقات مسبقة الدفع. وكانت حكومة الانقاذ أقرت التعامل بها قبل عام على وقع تدهور سعر صرف الليرة السورية.

وتعود كل العائدات المالية وفق أبو زيد للشركة "كونها في مرحلة تأسيسية وتأخذ على عاتقها إعادة تأهيل كافة خطوط المتوسط والمراكز التحويلية وشبكات المنخفض".

وينفي أن يكون للسلطات المحلية أو الفصائل النافذة أي حصّة من العائدات. ويقول "نحن شركة مزودة ولا يوجد أي تبعية لحكومة الانقاذ" التي يقتصر عملها على ملاحقة ما قد "تتعرض له الشبكات والمراكز التحويلية والكابلات الأرضية من أضرار وتعديات.. ومحاسبة" المتورطين.

"تخفيف المعاناة"

ينفي أبو زيد أي ارتباطات أو تبعية سياسية للشركة. ويقول "تأمين مصدر للطاقة يعني انتعاشاً اقتصادياً خدمياً لمناطق الشمال السوري المحرر".

وتحظى تركيا بنفوذ متزايد في مناطق في محافظة حلب (شمال)، سيطرت عليها تدريجاً بموجب هجمات عسكرية عدة شنتها منذ العام 2016، على غرار مدن جرابلس وأعزاز وعفرين. وإلى جانب رعايتها لمجالس محلية أنشاتها لإدارة تلك المناطق وتواجد عسكري لقواتها، ضاعفت تركيا استثماراتها في قطاعات عدة. وتتواجد فيها مكاتب بريد واتصالات وتحويل أموال تركية ومدارس تعلّم باللغة التركية.

أما في إدلب ومحيطها، حيث تخضع المنطقة الخارجة عن سيطرة دمشق لاتفاق تهدئة مع روسيا، أبرز داعمي دمشق، فيبدو النفوذ التركي أقل رغم محاذاتها للحدود. رغم ذلك، تقدّم منظمات تركية غير حكومية الدعم وتنفّذ العديد من المشاريع، من بينها بناء وحدات سكنية تحلّ مكان المخيمات العشوائية.

ونقلت وكالة الأناضول عن مدير هيئة الإغاثة التركية بولنت يلدريم في مايو أنّ منظمته شيّدت نحو 15 ألف وحدة بمساحة 24 مترا مربعا، بينما تخطط كل المنظمات العاملة في هذا الإطار لتشييد 50 ألف وحدة جديدة.

وتقول الباحثة لدى مجموعة الأزمات الدولية دارين خليفة لوكالة فرانس برس إن "استثمار" تركيا في إدلب "على المستوى العسكري أو المالي" يهدف بالدرجة الأولى إلى منع تدفق موجات جديدة من اللاجئين السوريين إلى أراضيها، حيث تستقبل نحو 3,6 ملايين لاجئ.

وتوضح أنه ليس لدى أنقرة إمكانيات "اقتصادياً أو سياسياً لاستيعاب موجة جديدة من اللاجئين"، وبالتالي فإن ما ترغب بتحقيقه على المستوى الاستراتيجي هو "الحفاظ على الوضع الراهن وإبقاء السوريين في إدلب على الجانب الآخر من الحدود".

هذا المحتوى من

AFP

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان