إعلان

كيف هزم 80 ألف مقاتل طالباني جيشًا أفغانيًا قوامه 320 ألفًا؟

08:16 م الثلاثاء 17 أغسطس 2021

حركة طالبان

كتب- محمد صفوت:

بدأت أفغانستان حقبة تاريخية جديدة، بدخول طالبان للعاصمة وسيطرتها على المرافق العامة وبإعلان انتهاء المهمة الأمريكية التي دامت 20 عامًا منذ الغزو في 2001.

انهارت العاصمة كابول في ساعات وسقطت في يد طالبان دون قتال يذكر، إذ أخلت عناصر الأمن من الجيش والشرطة مناطقها مع دخول مقاتلي طالبان إلى العاصمة، قبل التوجه إلى القصر الرئاسي والتليفزيون الحكومي لإعلان سيطرتهم على الأوضاع.

هزيمة سريعة للجيش الأفغاني

مُني الجيش الأفغاني بهزائم متلاحقة في شتى ربوع البلاد، مع بداية الانسحاب الأمريكي في مايو الماضي، إذ عملت الحركة التي حكمت البلاد لـ6 أعوام قبل الغزو الأمريكي على السيطرة على المناطق الريفية.

انطلاقًا من المناطق الريفية التي شكلت بعضها معاقل لعناصر الحركة خلال العقدين الماضيين، زحفت طالبان نحو المعابر الحدودية في الدولة الحبيسة التي يحدها 6 دول.

سرعان ما بدأت السيطرة لعناصر طالبان في الظهور على أرض الواقع، مع انسحاب قوات الأمن من بعض المعابر تاركين خلفهم أسلحتهم التي مدتهم بها الولايات المتحدة.

بعد السيطرة على المناطق الحدودية بدأ الزحف نحو العاصمة كابول وخلال أسابيع قليلة طوقت العاصمة من شتى الاتجاهات وسقطت المدن الكبرى وعواصم أغلب الأقاليم الأفغانية في يد طالبان دون قتال أحيانًا.

تقييم استخباراتي جديد للأوضاع

أدى التفكك السريع إلى مراجعة تقييم استخباراتي أمريكي صارم كان يتوقع سقوط كابول في غضون ستة إلى 12 شهرًا من مغادرة الجيش الأمريكي.

التقييم الجديد ذكره مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، قبل سقوط العاصمة بأيام، ونقلت عنهم الصحيفة قولهم، إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تستعد لسقوط عاصمة أفغانستان في وقت أقرب بكثير مما كان يعتقد.

وقال مسؤول أمريكي، إن الجيش الأمريكي يقدر انهيار كابول في غضون 90 يومًا، فيما قال آخرون إنه يمكن أن يحدث في غضون شهر.

بدورها قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، في 10 أغسطس الجاري، إن بايدن لا يعتبر استيلاء حركة طالبان المتشددة على كابول أمرًا لا مفر منه، ويدعو القوات الأفغانية للتصدي بمساعدة الولايات المتحدة.

سقوط كابول

الأحد، سقطت كابول في أيدي طالبان، وفر الرئيس أشرف غني إلى جهة غير معلومة بعد، وسرعان ما بدأت الدول في عمليات إجلاء واسعة بمطار كابول وأرسلت بعضهم قوات إضافية لتأمين المطار وعمليات الإجلاء.

لم تنجح المليارات التي أنفقتها واشنطن على تدريب وتجهيز الجيش الأفغاني الذي يتعدى قوامه 320 ألف مقاتل، في وقف زحف طالبان التي يقدر عدد مقاتليها بنحو 60 إلى 80 ألفًا أو الحفاظ على العاصمة لأيام قليلة بعد سيطرت الحركة على مداخل المدينة.

وأصبح جزء كبير من ترسانة الأسلحة التي زودت بها الولايات المتحدة القوات الأفغانية بين يدي طالبان، بعد تقدمهم السريع واستسلام مقاتلي الجيش.

وقال المتحدث باسم طالبان في أول مؤتمر صحفي من كابول الثلاثاء، إن عناصر الحركة تمكنت من السيطرة على الأوضاع في كابول بسرعة، وأنها لم تخسر أي من مسلحيها عند دخول العاصمة.

وأشار إلى أنهم سارعوا في دخول كابول لحفظ الأمن بعد محاولة المخربين استغلال الفوضى، وألقى باللوم على حكومة عني التي "أخلت المواقع دون تنسيق".

لوم أمريكي للحكومة

ذكرت "فورين بوليسي" في تقرير عقب سقوط كابول، أن واشنطن أنفقت بمفردها، نحو 83 مليار دولار على قطاع الدفاع في أفغانستان منذ عام 2001، ويبدو أن قوات الأمن الأفغانية لم يكن لديها الرغبة في القتال، إذ ألقى عناصرها أسلحتهم وسارعت طالبان بالسيطرة على تلك المعدات.

في أول تصريحات علنية للرئيس الأمريكي جو بايدن، بشأن الأوضاع في أفغانستان، ألقى باللوم على حكومة غني والقوات الأفغانية بسبب الانهيار السريع الذي حدث.

وقال في مؤتمر صحفي الاثنين إن القادة السياسيون الأفغان استسلموا وهربوا من البلاد، والجيش الأفغاني رفض القتال ولم يكن لديه الرغبة في ذلك، مضيفًا أن الولايات المتحدة أعطت كل شيء لأفغانستان لكن لم يكن لديها الرغبة للمقاومة، واعتبر أن انهيار أفغانستان حدث أسرع من المتوقع.

وأشار إلى أن بلاده انفقت ما يقدر بـ3 تريليونات دولار في 20 عامًا على الحرب في أفغانستان، لدعم البلاد وتدريب الجيش الأفغاني ومده بالمعدات والأسلحة اللازمة لضمان عدم عودة الإرهاب.

المال والتدريب ليس كل شيء

أرجع تقرير في صحيفة "تليجراف" البريطانية، قبل ساعات من سقوط كابول، أسباب الانهيار السريع للبلاد، إلى الفساد والقيادة الضعيفة وتدخل بعض مسؤولي القصر الرئاسي، ممن لا يملكون الخبرة العسكرية، في وضع الاستراتيجيات.

نقلت الصحيفة البريطانية، عن القائد في الجيش الأفغاني العقيد إدريس عطاي، قوله إن القوات الأفغانية لم تتوحد لمحاربة طالبان، مؤكدًا تفشي الفساد في الأجهزة الأمنية التي تسببت في خسائر فادحة، لكنه ألقى باللوم على الغرب الذي يرى أنهم حاربوا كتفًا لكتف طوال 20 عامًا قبل أن يعلنوا انسحابهم من البلاد.

ونقلت "فورين بوليسي" عن خبراء عسكريين قولهم، إن أهم أسباب الفشل الذريع في التصدي لطالبان تأتي من حكومة غني، مشيرة إلى أن هناك الكثير من الاتهامات لوزارتي الدفاع والداخلية بالفساد، علاوة على افتقار المسؤولين فيهما إلى القيادة والحكمة.

في 13 أغسطس، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا عن أسباب الانهيار السريع لأفغانستان، أضاف لما ذكرته "فورين بوليسي" و"تليجراف" أن العدد الفعلي للقوات الأفغانية لم يتجاوز سدس المدرج في الكشوف، وفقًا لمسؤولين أمريكيين.

وذكرت أن السجلات الرسمية تم التلاعب بها وإضافة أعداد وهمية غض الطرف عنها بسبب الفساد الذي تفشي في الأجهزة الأمنية خاصة والبلاد عامة.

خلال 20 عامًا أنفقت واشنطن 145 مليار دولار في محاولة إعادة بناء أفغانستان، وقواتها الأمنية مؤسساتها، كما أنفقت وزارة الدفاع 837 مليار دولار على القتال، قتل خلالها 2443 جنديًا أمريكيًا و1144 جنديًا متحالفًا وأصيب 20666 جنديًا أمريكيًا، وفقًا لتقرير نشرت هيئة التفتيش المختصة بإعادة إعمار أفغانستان (SIGAR) الاثنين.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان