لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

صعود الملا عبد الغني برادر.. من المنفى إلى القيادة السياسية لطالبان

09:25 م الأربعاء 18 أغسطس 2021

حركة طالبان

كابول - (ا ف ب)

لطالما كان قادة حركة طالبان شخصيات قابعة في الظل، مثل المؤسس المشارك لها الملا عمر، أو زعيمها الأعلى، هيبة الله آخوندزاده. في الوقت الذي استولت فيه الحركة المتمردة للتو على السلطة في أفغانستان، أعلن زعيمها السياسي عبد الغني برادر انتصارها التام على شبكات التواصل الاجتماعي. كما نُشر مقطع فيديو للملا عبد الغني برادر على هذه الشبكات نفسها عندما دخل مقاتلو طالبان العاصمة الأفغانية في 15 أغسطس بدا فيه مضطربا بعض الشيء أمام الكاميرا، وأمام العلم الأبيض "لإمارة أفغانستان الإسلامية"، أشاد بالانتصار الذي أحرزته الحركة.

الملا عبد الغني برادر، الذي لطالما كان الوجه المعتدل لحركة طالبان الإسلامية الراديكالية، يعود إلى أفغانستان الثلاثاء بعد عشرين عاما في المنفى. هذا الوجه، الذي أصبح رمزا عاما لطالبان، يخفي قائدا عسكريا متمرسا لديه معتقدات دينية صارمة حول كيف يجب أن يكون العالم. وتشكّل هذه العودة تتويجا لاستعادة الحركة السلطة في البلاد بعد نحو 20 عاما على إزاحتها منها إثر الغزو الأمريكي للبلاد عام 2001. هبطت طائرة الملا برادر الثلاثاء في قندهار، ثاني أكبر مدن أفغانستان ومهد طالبان وعاصمتهم إبان فترة حكمهم لأفغانستان بين عامي 1996 و2001. وأعلنت الحركة بالتزامن مع عودة برادر انتهاء الحرب التي مزقت البلاد لعقود عديدة، والعفو العام عن جميع الخصوم.

من السوفييت إلى الأمريكيين

ولد الملا عبد الغني برادر عام 1968 في مقاطعة أوروزغان بجنوب البلاد، ونشأ في قندهار مسقط رأس حركة طالبان. مثل العديد من الأفغان، انقلبت حياته رأسا على عقب جراء الغزو السوفياتي عام 1979، وهو ما دفعه للمشاركة في الكفاح ضده ليصبح "مجاهدا". وزُعم أنه قاتل خلال هذه الفترة إلى جانب الملا عمر، الذي فقد إحدى عينيه خلال هذا الصراع. وشارك الرجلان في تأسيس حركة طالبان التي انبثقت في أوائل التسعينيات من رحم المدارس الدينية في جنوب البلاد وفي مخيمات اللاجئين الأفغان في باكستان. ووفقا لمقال نشرته هيئة الإذاعة البريطانية، فقد أصبحا نسيبين عندما تزوج عبد الغني برادر من أخت الملا عمر.

كان برادر متمردا طوال شبابه، باستثناء السنوات الخمس التي سيطرت فيها طالبان على أفغانستان (1996-2001). كما كان شخصية مهمة ووزيرا للدفاع عندما غزا الأمريكيون البلاد بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. ظل دوره مهما حتى بعد سقوط النظام. يُعتقد أنه كان القوة الدافعة وراء العديد من الهجمات حتى اعتقاله في عام 2010 في كراتشي بباكستان، من قبل عملاء الاستخبارات الداخلية، أكبر وأقوى فروع المخابرات الباكستانية الثلاثة. ثم تم تصويره والأغلال تحيط بمعصميه لإظهار مدى جدية السلطات الباكستانية في مطاردة متمردي طالبان.

اعتقال الملا برادر في باكستان

أطلق سراحه عام 2018 بعد أن كثفت واشنطن، التي كانت تضاعف جهودها لمغادرة أفغانستان، ضغوطها على الحكومة الباكستانية وبتدخل قطري بغية إنجاح المفاوضات. تم نقله بعدها جوا إلى قطر ليصبح جزءا من فريق طالبان المفاوض، ثم تم تعيينه رئيسا للمكتب السياسي لحركة طالبان في قطر، يحظى بالاحترام من قبل مختلف فصائل الحركة التي تصغي بانتباه إلى نصائحه. قاد المفاوضات مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في سبتمبر 2020، وأجرى محادثات مع وزير الخارجية آنذاك مايك بومبيو، الذي كان لا يزال يأمل في خروج كريم للولايات المتحدة من المستنقع الأفغاني.

وأسفرت جلسات هذه المفاوضات في 29 فبراير 2020 عن اتفاق تاريخي ينص على انسحاب جميع الجنود الأجانب بحلول 1 مايو 2021، مقابل ضمانات أمنية وفتح مفاوضات مباشرة غير مسبوقة بين الحركة والسلطات في كابول. ودعت الاتفاقية، التي وقعها كل من المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد والملا برادر، إلى حوار "بين الأفغان" لمواصلة السعي إلى "وقف إطلاق نار دائم وشامل". وفي ذلك الوقت، تعرضت إدارة ترامب لانتقادات بسبب إجرائها محادثات مباشرة مع طالبان دون ممثلين عن الحكومة الأفغانية.

على الرغم من أن نظام طالبان الأول لم تعترف به سوى ثلاث دول (باكستان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة)، فقد التقى عبد الغني برادر بالعديد من الشخصيات الأجنبية والدولية لكسب المزيد من الاعتراف العالمي. وفي الشهر الماضي، ترأس أيضا وفدا إلى الصين حيث التقى بوزير الخارجية وانغ يي. رحلة تؤتي ثمارها اليوم. فقد كانت بكين أول دولة أعربت، في 16 أغسطس، عن رغبتها في إقامة "علاقات ودية" مع طالبان.

من ناحية أخرى، فإن الدول الغربية تبدي الكثير من الحذر وتطالب الحركة الإسلامية الراديكالية باحترام حقوق الإنسان. كما أنها قلقة من احتمال تمكين طالبان الجماعات الجهادية من الحصول على موطئ قدم في البلاد، كما كان الحال بالنسبة لتنظيم "القاعدة" قبل أحداث 11 سبتمبر.

مدونة "قواعد السلوك الحميد"

اليوم، تريد طالبان إظهار وجه مختلف. عندما كان الملا برادر واحدا من قادة الحركة العسكريين، لفت الأنظار إليه لاهتمامه بالحصول على دعم الشعب الأفغاني. في عام 2009، وفقا لمقال نُشر في صحيفة نيويورك تايمز، أمر عبد الغني برادر مقاتليه بحفظ كتاب صغير معهم يشرح كيفية كسب قلوب القرويين.

وتعكس "مدونة السلوك" تلك، التي تتضمن نصائح حول كيفية تجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين والحد من اللجوء إلى الهجمات الانتحارية، تركيبة عقليته السياسية. فوفقا لما كان يقوله، فإن من الضروري لطالبان، التي كانت قد فرضت نسخة شديدة الصرامة من الشريعة الإسلامية عندما كانت في السلطة، أن تكسب الآن ثقة وود الأفغان.

وقال في شريط فيديو بث على شبكات التواصل الاجتماعي بعد الاستيلاء على كابول يوم الأحد "حان الوقت الآن لتقييم الأوضاع وإثبات حسن النوايا، واليوم يجب أن نظهر أنه يمكننا خدمة أمتنا وضمان سلامتها وراحتها في كل أوجه الحياة"، داعيا في الوقت نفسه قواته للالتزام بالانضباط.

وتتباهى طالبان، على حساباتها في موقع تويتر المفضل لديها، بأنها لقيت ترحيبا حارا في كابول. كما تباهت أيضا بعودة الفتيات الصغيرات، يوم الاثنين، إلى مدارسهن كما اعتدن فعله كل أسبوع. كما عملت على ضمان تجميع آلاف المقاتلين في العاصمة لضمان أمنها.

لكن هذه الكلمات "المعسولة" لم تبدد مخاوف آلاف الأفغان. فقد أظهرت مقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد انتشار الفوضى الكاملة منذ 15 أغسطس، مثل صور المئات من الأشخاص وهم يركضون بالقرب من طائرة نقل عسكرية أمريكية تتأرجح للوصول إلى موقع الإقلاع بينما يحاول البعض بجنون التشبث بجناحيها أو بعجلاتها.

هذا المحتوى من

AFP

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان