لا تطبيع بين الجارين.. أزمات كبرى أطاحت بعلاقات المغرب والجزائر
كتب – محمد عطايا – محمد صفوت:
مع إعلان الجزائر اليوم، قطع العلاقات الدبلوماسية مع جارها المغرب، تدخل الأزمة بين البلدين مرحلة جديدة، تسببت بها أزمتين كبيرتين، عندما دعمت كل دولة جهات انفصالية في كلتا البلدين.
ورغم محاولات الإصلاح بين البلدين، إلا أن إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الاعتراف بالصحراء الغربية بتبعيتها للمغرب أثار حفيظة الجزائر، التي تعترف باستقلال جبهة البوليساريو بتلك المنطقة.
مع رفض الجزائر المستمر للقرار الأمريكي، وما تبعه من افتتاح قنصليات لدول عربية في مدن بالصحراء الغربية، أعلن المغرب دعم حق تقرير "منطقة القبائل"، التي غالبية سكانها من الأمازيغ، ما أثار حفيظة الجزائر وانتهى الأمر بقطع العلاقات الدبلوماسية.
عودة للوراء
خلال عقود منذ استقلال الجزائر عام 1961، شهدت العلاقات خلافات وتوترات ومواجهة عسكرية، إذ اندلعت حربًا بين البلدين في 1963 عرفت باسم حرب الرمال، انتهت بوساطة الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية، وقامت المنظمة الإفريقية بإرساء اتفاقية لوقف نهائي لإطلاق النار في 20 فبراير 1964. لكنها تركت أثرًا لا يمحى في العلاقات الثنائية.
تجدد التوتر بين البلدين وتأزمت العلاقات بعد تنظيم المغرب ما يعرف بـ "المسيرة الخضراء" عام 1975، حيث زحف نحو 350 ألف شخص إلى مناطق بالصحراء الغربية، منهيًا بذلك وجود الاستعمار الإسباني في المنطقة.
اندلعت مناوشات بعد عام واحد إثر الدعم الذي قدمته الجزائر لجبهة البوليساريو التي ناهضت ما تصفه بأنه "احتلال مغربي" للصحراء الغربية، واعترفت الجزائر بدولتهم "الجمهورية الصحراوية"
في 1989، تأسس اتحاد المغرب العربي لكنه عجز عن الاجتماع في قمم اقتصادية، بسبب الخلاف السياسي بين الجارين، وعقدت آخر قمة اقتصادية له في 1994.
و الخلافات بين المغرب والجزائر مرحلة أكثر حدة على المستوى الدبلوماسي في يوليو الماضي وسط مطالب من الداخل الجزائري باستدعاء السفير.
واتهمت الجزائر، المغرب بدعم جماعات إرهابية، إثر مذكرة وزعها الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة السفير عمر هلال في إطار الرد، بشكل مفصل، على التدخل لوزير الخارجية الجزائري، خلال المناقشة الوزارية العامة في اجتماع حركة عدم الانحياز الذي عقد يومي 13 و14 يوليو الماضي.
الأربعاء الماضي أعلنت الرئاسة الجزائرية إنها قررت "إعادة النظر" في علاقاتها مع الرباط معتبرة أن هذه الخطوة، التي ستزيد من تأزيم وضع العلاقات بين البلدين، مرجعة ذلك إلى ما وصفته بأنها "أفعال عدائية المتكررة من طرف المغرب".
في مطلع أغسطس وجه محمد السادس ملك المغرب في خطابه السنوي احتفالاً بذكرى جلوسه على العرش، دعوة إلى الجارة الجزائر لتفعيل الحوار من أجل تطوير العلاقات المشتركة بين البلدين والعمل على فتح الحدود بينهما والمغلقة منذ عام 1994 على خلفية التوترات الناجمة عن دعم الجزائر لجبهة البوليساريو في قضية الصحراء الغربية ودعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى "تغليب منطق الحكمة" وتمتين أواصر العلاقات الأخوية التي تربط بين الشعبين الشقيقين.
منطقة القبائل
يمكن تحديد 3 أزمات كبرى تسببت في انتهاء الأمر بقطع الجزائر علاقاتها الدبلوماسية بالمغرب، في مقدمتها قضية منطقة القبائل التي ظهرت على الساحة مؤخرا.
تتهم الجزائر دولة المغرب بدعم "حركة استقلال منطقة القبائل" التي تُعرف اختصاراً باسم "ماك".
واتهمت الجزائر، المغرب بدعم جماعات إرهابية، إثر مذكرة وزعها الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة السفير عمر هلال في إطار الرد، بشكل مفصل، على التدخل لوزير الخارجية الجزائري، خلال المناقشة الوزارية العامة في اجتماع حركة عدم الانحياز الذي عقد يومي 13 و14 يوليو الماضي.
تأسست هذه الحركة، عام 2001، وتتخذ من باريس مقراً لها. وهي حركة غير مرخصة في الجزائر و صنفتها الحكومة في مايو الماضي، ضمن قائمة المنظمات الإرهابية.
تأسست ماك على يد فرحات مهنا، للمطالبة بالحكم الذاتي في منطقة القبائل التي غالبية سكانها من الأمازيغ، بعد أحداث "الربيع الأسود" في عام 2001.
وجاءت حرائق الجزائر الأخيرة لتزيد من الطين بلة. إذ تقول السلطات الجزائرية، أن معظم الحرائق التي اندلعت في الجزائر هي بفعل فاعل، وتتهم الحركة بها، وحصولها على دعم من المغرب وإسرائيل.
الصحراء الغربية
لسنوات، كانت الصحراء الغربية تمثل محور أزمة كبرى بين الجارين المغرب والجزائر، والتي وصلت إلى ذروتها في السنوات الأخيرة، خاصة مع اعتراف الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بتبعية الصحراء الغربية إلى المغرب.
تصاعدت الأزمة مؤخرا، بعد تصريحات حديثة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، لمجلة "لوبوان" الفرنسية، والتي نظر إليها البعض باعتبارها تزيد من تعقيد الأزمة مع المغرب، خاصة وأنه حذّر من قيام المملكة بـ"الاعتداء على" جارتها، في وقت يرى فيه محللون مغربيون أنها محاولة من عبد المجيد تبون لتشتيت الانتباه عما يحدث داخل البلاد.
تمتد الصحراء الغربية على مساحة 252 ألف كيلومتر على الساحل الشمالي الغربي للقارة. وهي منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة إذ يبلغ تعداد سكانها 567 ألف نسمة وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة والبنك الدولي.
ويقول المغرب الذي يسيطر على ثمانين في المئة من أراضي الإقليم إن الصحراء الغربية جزء لا يتجزأ من أراضيه ولا يمانع في حصول الإقليم على حكم ذاتي على أن يظل تحت السيادة المغربية، فيما تصر "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووداي الذهب" المعروفة باسم "البوليساريو" بدعم من الجزائر المجاورة على استفتاء لتقرير المصير، كما ينص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 1991.
وذكرت "بي بي سي"، أن النزاع بدأ فعليا عام 1975، عندما وقعت إسبانيا قبل جلائها من الصحراء الغربية، اتفاقية مدريد مع كل من المغرب وموريتانيا، والتي اقتسم بموجبها البلدان الجاران الصحراء، لكن الصحراويين المسلحين الذين أسسوا جبهة البوليساريو، رفضوا الاتفاقية وواصلوا مطالبتهم بالانفصال.
وتعتبر أزمة الصحراء الغربية واحدة من أطول الصراعات السياسية والإنسانية في العالم.، إذ لجأ خلال هذه الحرب الكثير من الصحراويين إلى الجزائر حيث يقيمون في مخيمات منذ عقود.
بيجاسوس وحرائق الغابات
في خضم الأزمات بين الدولتين، برزت مؤخرا أزمتين جديدتين بعدما اتهمت الجزائر دولة المغرب بالتجسس عليها عبر تطبيق بيجاسوس الإسرائيلي، وكذلك دعم جماعات مصنفة إرهابية في الجزائر بافتعال حرائق الغابات.
وكان بيان للنائب العام الجزائري منذ أيام، أفاد بأن نيابة الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد الجزائرية أمرت بفتح تحقيق ابتدائي على خلفية احتمالية تعرض البلاد لعمليات تجسس طالت مواطنين ومسؤولين باستخدام برنامج "بيجاسوس" الإسرائيلي، وفق ما أوردته تقارير إعلامية عالمية. من جانبها، أعربت الخارجية الجزائرية عن "قلقها العميق" ونددت في بيان "بقيام سلطات بعض الدول، وعلى وجه الخصوص المملكة المغربية، باستخدام واسع النطاق لبرنامج التجسس المسمى بيغاسوس ضد مسؤولين ومواطنين جزائريين".
فيما كانت أعلنت السلطات الجزائرية، أن حركة "ماك"، مسؤولة عن افتعال حرائق الغابات بدعم مباشر من المغرب وإسرائيل.
فيديو قد يعجبك: