الجيش الأمريكي يحقق في مقتل مدنيين على أيدي جنوده في كابول
نيويورك - (بي بي سي)
أسفرت ضربة جوية أمريكية بطائرة مُسيّرة في العاصمة الأفغانية كابل عن مقتل 10 أشخاص من عائلة واحدة، بينهم ستة أطفال، حسبما قال أقارب ناجون لبي بي سي.
وقُتل الضحايا العشرة عندما انفجرت سيارة كانت متوقفة بجوار منزلهم يوم الأحد.
وقال الجيش الأمريكي في وقت سابق إنه استهدف مركبة كانت تقل شخصا واحدا على الأقل على صلة بما يعرف بتنظيم داعش خراسان.
وأضاف الجيش أن أشخاصا على مقربة من الموقع ربما أصيبوا جراء الهجوم.
وقالت العائلة إن أصغر القتلى طفلة تُدعى سمية، كان عمرها عامين، وأكبرهم طفل كان يبلغ من العمر 12 عاما.
وقال رامين يوسفي، أحد أقارب الضحايا، لبي بي سي: "هذا خطأ، إنه هجوم وحشي، وقد حدث بناء على معلومات خاطئة".
وأضاف وهو يبكي: "لماذا قتلوا أسرتنا؟ أطفالنا؟ إنهم محترقون لدرجة أننا لا نستطيع التعرف على جثثهم ووجوههم".
وقال قريب آخر يدعى إيمال أحمدي لبي بي سي إن الطفلة البالغة من العمر عامين التي قُتلت في الهجوم هي ابنته.
وأضاف أحمدي أنه وآخرون في عائلته كانوا قد تقدموا بطلبات للإجلاء إلى الولايات المتحدة، وكانوا ينتظرون مكالمة هاتفية لإبلاغهم بالذهاب إلى المطار.
وكان من بين أقارب أحمدي الذين قتلوا في الهجوم شخص يدعى أحمد ناصر، والذي كان يعمل في السابق مترجما مع القوات الأمريكية. وكان هناك ضحايا آخرون ممن عملوا في السابق مع منظمات دولية وكان بحوزتهم تأشيرات تسمح لهم بدخول الولايات المتحدة.
وأضاف أحمدي أن الولايات المتحدة ارتكبت "خطأ، خطأ فادحا".
وقال جون كيربي، السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأمريكية، خلال مؤتمر صحفي، إنهم "ليسوا في وضع يسمح لهم بنفي" التقارير بشأن مقتل مدنيين، وأنهم "يقيّمون ويحقّقون".
وأضاف: "تأكدوا أنه لا يوجد جيش على وجه الأرض يعمل بجهد كبير لتفادي وقوع خسائر في صفوف المدنيين أكثر من جيش الولايات المتحدة، ولا أحد يريد أن يرى حياة بريئة تُقتل. نأخذ الأمر على محمل الجد، وعندما نعلم أننا تسببنا في خسائر لأرواح بريئة في إدارة عملياتنا، فإننا نتحلى بالشفافية بشأن ذلك".
ودافع كيربي عن المعلومات الاستخباراتية بشأن "ما اعتقدنا أنه تهديد حقيقي ومحدد للغاية ووشيك الحدوث جدا" ضد مطار حامد كرزاي الدولي في كابل من جهة تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان، الفرع الأفغاني لتنظيم الدولة الإسلامية.
وفي بيان سابق، أقرت القيادة المركزية الأمريكية بأن عدة "تفجيرات كبيرة وقوية لاحقة" أعقبت الضربة التي نفذتها الطائرة المُسيّرة.
وقالت إن شدة الانفجارات تشير إلى أن "كمية كبيرة من المواد المتفجرة كانت داخل السيارة، ما تسبب في وقوع المزيد من الضحايا".
وأعلنت القيادة المركزية في وقت سابق أن الضربة كانت ناجحة في "القضاء على تهديد وشيك" لمطار كابل.
وتتخذ الولايات المتحدة مستوى عاليا من اليقظة منذ مقتل أكثر من مئة مدني أفغاني و13 جنديا أمريكيا خارج المطار جرّاء هجوم انتحاري يوم الخميس الماضي، أعلن تنظيم داعش خراسان مسؤوليته عنه.
وكان العديد من هؤلاء القتلى يأملون في استقلال إحدى طائرات الإجلاء التي تغادر كابل التي سقطت في أيدي طالبان يوم 15 أغسطس/آب.
وحذرت الولايات المتحدة من هجمات متزايدة مع اقتراب موعد الانسحاب النهائي لقواتها من أفغانستان بحلول نهاية الشهر.
واعترضت مضادات صواريخ أمريكية، الاثنين، قذائف كانت في طريقها إلى مطار كابل، بحسب ما صرّح مسؤول لوكالة رويترز للأنباء.
وبثت وسائل إعلام محلية مقاطع فيديو وصورا لدخان متصاعد في سماء كابل، وما بدا أنه سيارة محترقة في أحد الشوارع.
وقال البيت الأبيض إن الرئيس جو بايدن أُبلغ بالهجوم الصاروخي.
وقالت الناطقة الرسمية باسم البيت الأبيض جين بساكي في بيان: "أُبلغ الرئيس باستمرار العمليات دون توقف في مطار كابل، وقد شدد على أوامره بمضاعفة الجهود وعمل ما يلزم لحماية قواتنا على الأرض".
ولم ترد أنباء عن وقوع ضحايا أمريكيين أو أفغان جراء هجوم صباح الاثنين حتى الآن.
وكانت الولايات المتحدة قد لجأت إلى تركيب نظام مضاد للصواريخ وقذائف المورتر لحماية المطار من مزيد من الهجمات.
وفي الوقت نفسه، تتواصل محادثات دولية تستهدف التوافق على استراتيجية للتعامل مع نظام طالبان في أفغانستان.
وفي مقر الأمم المتحدة بنيويورك، من المتوقع أن تقترح فرنسا وبريطانيا على مجلس الأمن مشروع قرار يدعو إلى تدشين منطقة آمنة في كابل لحماية الأشخاص الذين يحاولون مغادرة البلاد.
يصادف اليوم الأخير من شهر أغسطس/آب نهاية ما يصفه البعض بالاشتباك العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في أفغانستان، بيد أن طالبان ستعلن ذلك اليوم نهاية للاحتلال الأجنبي. وفي الأول من سبتمبر/أيلول سيستيقظ الأفغان ليروا ما سيأتي به هذا الفصل الجديد.
خلال كل فصل في فصول هذه الحرب، التي استمرت 40 عاما، تجرأ الأفغان على الأمل في أن يكون الفصل التالي أفضل من الفصل السابق له. وأستطيع أن أقول إن هذا الفصل هو الأكثر غموضا حتى الآن من بين جميع الفصول التي شاهدتها على مدى العقود الثلاثة الماضية.
طالبان تتعهد بنظام حكم لجميع الأفغان، وبمنح الأفغان أفضل نظام تعليمي في العالم تلبية لاحتياجاتهم جميعا. إنه تحد كبير للانتقال من التمرد إلى الحكم مرة أخرى.
وسوف يراقب العالم ما سيحدث، بيد أن الأفغان يراقبون عن كثب، ويتساءلون ويأملون في حياة يمكن أن يسمونها حياتهم، في بلد لا يزالون يشعرون بانتماء إليه.
ويميل الأفغان إلى التصريح بأنهم يتشبثون بالأمل لأنه آخر ما يخسرونه.
أما بالنسبة للآلاف الذين غادروا البلاد، وبعضهم من أفضل وأذكى هذا الجيل، ممن تعلموا وتدربوا وجرى إعدادهم خلال 20 عاما من المشاركة الدولية، فهم لم يغادروا بلادهم فحسب، بل فقدوا بلادهم.
فقدوا أحلامهم وآمالهم وكل شيء بنوه خلال العشرين عاما الماضية. سيكون الأمر مؤلما للغاية لفترة طويلة مقبلة.
فيديو قد يعجبك: