صحفي أمريكي في ذكرى 11 سبتمبر: هل فشلت حرب أمريكا على الإرهاب؟
واشنطن- (د ب أ):
أجرى الصحفي الأمريكي بوبي جوش مقابلة نشرتها وكالة "بلومبرج" مع علي صوفان، وهو مواطن أمريكي من أصل لبناني، كان في الماضي ضابطا في مكتب التحقيقات الاتحادي وكان منخرطا في قضايا رفيعة لمكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة وحول العالم.
وتحدث صوفان خلال المقابلة عن أهم القضايا المرتبطة بالوضع في أفغانستان.
واستهل جوش حديثه مع صوفان بسؤال عن مشاعره التي تسيطر عليه حاليا في الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر 2001، من منطلق عمله السابق كعميل خاص لمكتب التحقيقات الاتحادي، وإشرافه على بعض أهم قضايا الإرهاب، بما في ذلك مشاركته في التحقيق بتفجيري سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام عام 1998، وتفجير المدمرة الأمريكية يو إس إس كول عام 2000 وهجمات 11 سبتمبر 2001 على مركز التجارة العالمي والبنتاجون.
وقال صوفان، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة صوفان وهي شركة استشارية مختصة بشؤون الأمن القومي ومكافحة الإرهاب ومؤلف كتاب "تشريح الإرهاب: من وفاة ابن لادن إلى صعود الدولة الإسلامية" إنه من الصعب جدا التفكير في أن 11 سبتمبر حدثت قبل 20 عاما. وقال" بالنسبة لي، يبدو الأمر كما لو كان بالأمس".
وأضاف: "منذ اليوم الثاني، في 12 سبتمبر، بدأنا ندرك الانهيار الكبير الذي حدث داخل أجهزة استخباراتنا وأجهزة إنفاذ القانون لدينا، مما سمح بحدوث أحداث 11 سبتمبر".
وتابع: "كل ما حدث بعد ذلك لمدة 20 عاما ، كل الأخطاء التي ارتكبناها ، تنكأ ذلك الجرح".
وبسؤاله عن شعوره عن عودة حركة طالبان إلى السلطة بعد الحرب الطويلة التي خاضتها الولايات المتحدة هناك، رد صوفان قائلا: "حسنا، لقد ذهبنا إلى أفغانستان كرد على مقتل أكثر من ثلاثة آلاف أمريكي في نيويورك وبنسلفانيا وفي واشنطن العاصمة. كانت تلك هي الحرب الصحيحة. ذهبنا إلى هناك لأن القاعدة هاجمتنا ورفضت طالبان تسليم قيادة القاعدة".
وأضاف: "لكن في نهاية عام 2002 وصلنا إلى مفترق طرق في أفغانستان. وفي ذلك الوقت، نجحت طالبان والقاعدة في إعادة تجميع صفوفهما في بعض المناطق، ولا سيما في الجنوب في ولاية هلمند ومواقع أخرى. كما أن شبكة حقاني لا تزال تعمل على الحدود الأفغانية الباكستانية".
وتابع: "هذا هو الوقت الذي كان يتلقى فيه الجيش الأمريكي أوامر بمغادرة أفغانستان من أجل التحضير لحرب العراق. لقد كان وقتا مهما بالنسبة لنا أن نكون هناك وأن نحمي هذا المجتمع الجديد الذي كان مزدهرا بعد أن تخلصنا من طالبان. وللأسف، سلكنا طريقا قادنا في نهاية المطاف إلى الخروج الكارثي من أفغانستان قبل أسبوعين".
وقال: "لقد عدنا إلى نقطة البداية، والعودة إلى الوضع الذي أعتقد أنه أكثر خطورة مما كان عليه في 11 سبتمبر".
وأضاف: "لقد فازوا وخسرنا، حيث غادرنا أفغانستان وعادوا. وهذا في حد ذاته يعزز دعايتهم. قبل 11 سبتمبر، ربما كان هناك 400 إرهابي تعهدوا بالولاء لأسامة بن لادن. الآن لدينا الآلاف من الأشخاص في جميع أنحاء العالم الذين يتعهدون بولائهم له. وهناك أكثر من ذلك يعتقدون أن بن لادن هو مثلهم الأعلى".
وتابع: "قبل 11 سبتمبر، كان بإمكانك القول إن هناك بلدا واحدا يسيطر عليه المسلحون وهو أفغانستان. واليوم، تنظر إلى ما يحدث في منطقة الساحل الأفريقي، ولتنظر إلى ليبيا واليمن والصومال وسوريا ... هناك الكثير من نماذج أفغانستان. إن عوامل الحضانة التي سمحت لهذه الجماعات الإرهابية بالعمل في أفغانستان موجودة في أماكن مختلفة كثيرة في جميع أنحاء العالم".
وبسؤاله عما إذا كان يعتقد أن أفغانستان ستصبح مجددا أرضا خصبة لتنظيمي القاعدة وداعش، وهل ستكون إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قادرة على التعامل مع مثل هذه التنظيمات، رد: "طالبان ليست تنظيما متجانسا. نعم، لديها القادة السياسيين والأشخاص الذين يريدون أفغانستان أفضل. ولكن هناك العديد من الفصائل الراديكالية جدا وأعتقد أنها سوف تسبب الكثير من المشاكل للأشخاص الذين يريدون أن يكونوا معتدلين".
ويضيف: "يسأل البعض هل ستعود القاعدة؟ حسنا، القاعدة لم تغادر أبدا. ولا تزال لديها عمليات ومعسكرات تدريب هناك. ولديها علاقات مع عناصر من طالبان. ربما القيادة السياسية لطالبان لا تحب ذلك. ولكن، مثل القادة المعتدلين في إيران، الذين لا يحبون الكثير من الأشياء التي يقوم بها الحرس الثوري، سيتعين عليهم التعايش معها".
وقال: "أفغانستان كبيرة جدا ويصعب السيطرة عليها. إذا كانت الولايات المتحدة، بكل ما لديها من قوة عسكرية وتكنولوجيا، لم تكن قادرة على السيطرة على جميع المناطق المختلفة، فكيف تتوقع من طالبان أن تفعل ذلك؟".
وعن إمكانية مراقبة الوضع في أفغانستان عن بعد وما إذا كان مقتنعا بنظرية مكافحة الإرهاب المتمثلة في قدرة الرصد والاحتفاظ بالقدرة على تنفيذ ضربات، رد صوفان قائلا إنه منذ حوالي ست سنوات كان هناك معسكر للقاعدة على الحدود الأفغانية الباكستانية. لقد احتاج الأمر إلى قيام قوات التحالف بشن 63 غارة جوية وتواجد 200 من القوات الخاصة على الأرض لتديره. وهذا يعطي فكرة عن مدى تعقيد الوضع.
ويضيف: "الآن ليس لدينا حتى مصادر على الأرض. ليس لدينا عيون وآذان. نعم، لدينا استخبارات للإشارة، ولكن هذا لا يعني الكثير إذا لم يكن لديك موارد بشرية تخبرك بالضبط ما يحدث. سيكون هذا غائبا.
وبشأن ما إذا كان هناك حلفاء يمكن الاعتماد عليهم، قال صوفان: "أعتقد أن القطريين كانوا شريكا موثوقا به جدا. ويمكننا التعامل مع الباكستانيين عندما يتعلق الأمر بأفغانستان، ولكن لديهم أجندتهم الخاصة. ومن الناحية الجيوسياسية، فهم أكثر انسجاما مع الصينيين أكثر من الولايات المتحدة هذه الأيام".
وأضاف: "هناك أطراف فاعلة مختلفة في أفغانستان، من إيران إلى روسيا إلى الهند. أيا كان الفائز في أفغانستان، أشعر أنه سيكون لديه وجهات نظر معادية للولايات المتحدة وسيخلق وضعا خطيرا للأمن العالمي وللولايات المتحدة ولحلفائنا في المنطقة".
وقال صوفان" عندما يتعلق الأمر بمكافحة الإرهاب، نركز في الغالب على الاستخبارات وإنفاذ القانون وعلى الجيش. لم نركز على الأشياء التي تؤدي إلى تطرف الأشخاص والتي تجعلهم إرهابيين. في بعض الأماكن هو الاقتصاد، وفي أماكن أخرى انها الطائفية وفي أماكن أخرى لا تزال هناك قضايا ثقافية".
وقال في ختام المقابلة : "للأسف، اعتقدنا لمدة 20 عاما أن هذه المسائل غير ذات صلة ولم نفكر فيها. إن وكالات الاستخبارات وإنفاذ القانون والجيش لدينا تقوم بعمل مذهل. ولكن على الرغم من أننا حققنا الكثير من الانتصارات التكتيكية الهامة، فقد خسرنا استراتيجيا".
فيديو قد يعجبك: