عافية صدّيقي: من هي "سيدة القاعدة" التي ارتبط اسمها بأزمة رهائن تكساس؟
كتبت- رنا أسامة:
على مدى الساعات القليلة الماضية، عاد اسم العالِمة الباكستانية عافية صدّيقي، المسجونة في الولايات المتحدة الأمريكية منذ 12 عامًا، بعد أن هاجم مُسلّح -ادعى أنه شقيقها محمد- كنيسًا يهوديًا في ولاية تكساس واحتجز رهائن، وطالب بإطلاق سراحها قبل أن يرديه عناصر الأمن قتيلًا.
وبدأ الحادث في حوالي الساعة 11:00 بالتوقيت المحلي (16:00 بتوقيت جرينتش) يوم السبت، عندما تم استدعاء الشرطة إلى كنيس "بيت إسرائيل". وأجلت السلطات الناس من المنطقة بعد فترة وجيزة، قبل أن يُطلق سراح 4 رهائن دون أن يمسّهم أذى بعد 10 ساعات من احتجازهم.
وأثناء بث حي عبر فيسبوك للمراسم الدينية، سُمع مُحتجز الرهائن يتحدث بصوت عالٍ. وكان بالإمكان سماعه يقول: "اتصل بأختي على الهاتف"، و"سأموت". كما سُمع يقول: "هناك أمر خاطئ في أمريكا". وقُطع البث بعد ذلك.
وسُمع محتجز الرهائن أيضًا وهو يطالب بالإفراج عن عافية صدّيقي.. فمن هي عالمة الأعصاب الباكستانية التي تقضي حاليًا عقوبة بالسجن لمدة 86 عامًا في الولايات المتحدة؟
"سيدة القاعدة"
وُلِدت صدّيقي المُلقّبة بألقاب عِدة من بينها "سيدة القاعدة" في 2 مارس في كراتشي، لأب جرّاح أعصاب، وأم ذات مكانة مرموقة، ما أهّلها لتكون عضوا في البرلمان الباكستاني.
أمضت طفولتها بين باكستان وزامبيا، وفي عامها الـ18 توجهت إلى تكساس، حيث يعيش شقيقها، قبل أن تلتحق للدراسة في جامعة "إم آي تي" المرموقة، كما نالت الدكتوراه في علم الأعصاب من جامعة "برانديز".
وفي التسعينيات، رتبت عائلتها زواجها بأمجد خان الطبيب الذي يعيش في كراتشي، والتحق بها في الولايات المتحدة.
وبدءا من 2001 بدأت صدّيقي وزوجها يظهران على رادار مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) بسبب تبرعاتهما لمنظمات متطرفة مشبوهة، وشراء نظارات ليلية، وكتب حول الحرب، وغيرها من المعدات باسم زوجها.
وفي 2002، عاد الزوجان إلى باكستان، وطلبت صدّيقثي الطلاق، فيما يشتبه مسؤولون أمريكيون أنها تزوجت بعد ذلك عمار البلوشي ابن شقيق خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر 2001، فيما تنفي عائلتها ذلك.
ويرجح بعض المسؤولين الأمريكيين أن صدّيقي عملت مع القاعدة منذ فترة وجودها في الولايات المتحدة، وأمضت الأعوام من 2003 حتى 2008 في أفغانستان مع عائلة البلوشي الذي اعتقل في 2003 وقضى فترة سجن في جوانتانامو.
وتنفي عائلتها ذلك، بينما قال الجنرال برويز مشرف الحاكم العسكري لباكستان، آنذاك، إن "باكستان لم تسلمها إلى الولايات المتحدة".
القصة مع الإرهاب
بدأت قصة صديقي في مارس 2003 عندما اعتقل خالد شيخ محمد، الرجل الثالث في "القاعدة"، والعقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر، في كراتشي.
وتسلّمت السلطات الأمريكية خالد شيخ محمد ونقلته إلى معتقل جوانتانامو، وعقب اعتقاله اختفت صدّيقي التي تؤكد الولايات المتحدة أن لها صلة بالقاعدة، كما اختفى أطفالها الثلاثة من كراتشي.
وبعد 5 أعوام، ظهرت في أفغانستان حيث اعتقلتها السلطات المحلية في ولاية غزني جنوب شرق أفغانستان.
وطبقا لمحكمة أمريكية، كانت حينها تحمل كيلوجرامين من "سيانيد الصوديوم" مخبأة في زجاجات كريم مرطب، كما كانت تحمل خططًا لحرب كيميائية ومخططات هندسية لجسر بروكلين ومبنى إمباير ستيت في نيويورك، وفق شبكة "إيه بي سي نيوز" الأمريكية.
وسلّمتها السلطات الأفغانية إلى القوات الأمريكية التي بدأت في التحقيق معها.
وبعد 6 أعوام من احتجازها في عتقل باجرام، أمسكت ببندقية وأطلقت منها النار، بحسب شهود عيان، على عملاء أمريكيين خلال التحقيق معها بينما كانت تصرخ "الموت لأمريكا" و"أريد أن أقتل جميع الأمريكيين"، ولم يصب أي من الجنود، ولكنها هي نفسها أصيبت بجروح.
ثم نقلت إلى المركز الطبي الفيدرالي بسجن كارسويل في فورت وورث لدواعٍ طبية، وهو المرفق الطبي الفيدرالي الوحيد للنساء في الولايات المتحدة. وغالبا ما يتم نقل المسجونات اللاتي لديهن احتياجات طبية في جميع أنحاء البلاد إليه.
وحُكِم عليها في 2010 بالسجن 86 عامًا بتهمة الشروع في القتل، وليس للاشتباه بعلاقتها بالقاعدة.
مُقايضة من "داعش"
وفي 2014، برز اسمها بوثائق يُزعم أنها صدرت عن ميليشيات إسلاميين في سوريا.
وجاء في خطاب أرسله الخاطفون من تنظيم داعش إلى أسرة الصحفي الأمريكي جيمس فولي، قبل بث مقطع فيديو لقطع رأسه، أن الحكومة الأمريكية أعطيت "العديد من الفرص" للتفاوض من أجل إطلاق سراحه. وخصت صدّيقي بالاسم.
وجاء في الرسالة بعث التي وصلت إلى عائلة فولي في 12 أغسطس 2014، أي قبل أسبوع من نشر فيديو عملية القتل: "أعطينا حكومتكم الكثير من الفرص للإفراج عن مواطنيها الرهائن، عبر دفع فدية نقدية، كما فعلت حكومات الدول الأخرى، وقدمنا أيضا عرضا بتبادل الرهائن الأمريكيين مقابل الإفراج عن مسلمين في السجون الأميركية، مثل الأخت الدكتورة عافية صديقي، لكن بسرعة ثبت لنا أنكم لم تكونوا مهتمين بالأمر، ولكن ظل السؤال بعد نص الرسالة، من هي الدكتورة عافية صدّيقي؟".
مُحتجز الرهائن "ليس شقيقها"
وفيما يتعلق باحتجاز رهائن الكنيس، نفت محامية صدّيقي، ضلوعها في الحادث.
وقالت مروة البيالي لشبكة "سي إن إن" الأمريكية إن موكلتها "لا علاقة لها على الإطلاق" باحتجاز الرهائن في الكنيس.
وأكدت أن المشتبه به ليس شقيق صدّيقي، مضيفة: "إنها لا تريد ارتكاب أي عنف ضد أي إنسان، خاصة باسمها.. من الواضح أن الأمر لا علاقة له بالدكتورة صديقي أو عائلتها".
وقالت المحامية، في بيان بعد الحادث: "نريد التحقق من أن الجاني ليس شقيق السيدة عافية، فهو مهندس معماري محترم وعضو في المجتمع المحلي. أيا كان المعتدي، نريده أن يعرف أن أفعاله لقيت إدانة السيدة عافية وعائلتها".
ووصفت تصرفات المشتبه بـ"المشينة والخاطئة".
فيديو قد يعجبك: