رفض شعبي لاجتماعات المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين رغم إشادة السلطة بها
رام الله - (بي بي سي)
مساء يوم الأحد الثالث والعشرين من يناير/ كانون الثاني، شهد منزل وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد اجتماعا ضمه ووزير الشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ، جاء، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، بتنسيق من رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت ووزير دفاعه بيني غانتس.
التصريحات الرسمية حول الاجتماع، الذي يشكل الحلقة الأخيرة في سلسلة لقاءات جمعت مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين في الآونة الأخيرة، كانت ضئيلة. إلا أن تغريدة للوزير الفلسطيني حسين الشيخ كشفت أن الاجتماع "تناول قضايا سياسية ومسائل ثنائية"، وأكد "ضرورة إيجاد أفق سياسي يستند إلى الشرعية الدولية".
لا ملفات سياسية
ويأتي اجتماع لابيد-الشيخ بعد اجتماعين سابقين، بين وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
عقد الاجتماع الأول في أغسطس/آب الماضي في مدينة رام الله، وشكل الاجتماع الرسمي الأول من نوعه بعد انقطاع دام لأكثر من عشر سنوات في لقاءات مشابهة بين الجانبين. وقد بحث اللقاء حينها التطورات الأمنية والمدنية والإقتصادية، والحفاظ على التنسيق الأمني بين الجانبين، ووعد الوزير غانتس في حينه، بتقديم تسهيلات مدنية واقتصادية للفلسطينيين تساهم في تحقيق الاستقرار المنشود في المنطقة.
وجاء الإعلان عن أولى نتائج اجتماع أغسطس هذا على لسان رئيس الوزير حسين الشيخ، الذي أصدر بيانا قال فيه إن إسرائيل قررت منح حق "لم الشمل" لخمسة آلاف عائلة فلسطينية، كدفعة أولى من بين 10 آلاف معاملة "لم شمل"، مضيفا أن إسرائيل ستعمل على تسوية أوضاعهم بما يشمل منح هويات وتغيير عناوين للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية، بهدف إنهاء ملفهم العالق منذ سنوات.
وبعد لقائه وزير الخارجية الإسرائبلي يائير لابيد، أعلن الشيخ مساء الأحد، عن حصول دفعة جديدة قوامها 500 عائلة فلسطينية على الهويات الفلسطينية.
وتشكل هذه التطورات التي يتم الإعلان عنها في أعقاب اجتماعات المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين، مؤشرا على الفوائد التي يمكن أن تتمخض عن هذه اللقاءات فيما يصب في صالح تسهيل الواقع اليومي للشعب الفلسطيني.
إلا أن استمرار الاجتماعات الإسرائيلية الفلسطينية يأتي في ظل تصريحات متكررة لرئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أكد خلالها رفضه عقد لقاء مباشر مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، فضلا عن رفض بحث الملفات السياسية العالقة بين الجانبين.
مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي تلك، تؤكد لمن يتابع نتائج الاجتماعات الإسرائيلية الفلسطينية الأخيرة، أنها لا تزال محصورة في إطار بحث الملفات الاقتصادية والأمنية والمدنية فقط.
انتقادات فصائلية
اجتماع لابيد-الشيخ الأخير قوبل باستنكار من حركة حماس التي قال المتحدث باسمها عبد اللطيف القانوع "إن لقاء لابيد-الشيخ يعكس حالة من السقوط الوطني الذي وصلت إليه السلطة الفلسطينية".
القانوع أضاف في تصريحات صحافية أن الحركة تعتبر "استمرار هذه اللقاءات العبثية مع قادة الاحتلال خيانة لتضحيات الشعب الفلسطيني"، داعيا السلطة الفلسطينية إلى وقف اللقاءات والتنسيق الأمني مع إسرائيل بشكل فوري.
أما حركة الجهاد الإسلامي فقالت في بيان لها إن هذه الاجتماعات "تعطي غطاءا للمخططات الإسرائيلية التي تستهدف القضية الفلسطينية برمتها".
لا تنسيق
ويشكل استمرار الاجتماعات الإسرائيلية والفلسطينية، دون الإعلان عنها أو التنسيق المسبق لها مع فصائل منظمة التحرير، سببا إضافيا لرفض نتائجها من قبل فصائل فلسطينية، بحسب الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي.
البرغوثي قال لبي بي سي، إن "اللقاءات الجارية تكرس فكرة أن العلاقة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل هي فقط علاقة للتنسيق الأمني و التسهيلات الإقتصادية الواهية، وتهميش القضايا السياسية وواقع الإحتلال وسبل إنهائه".
وتأتي تلك المواقف في ظل "عدم ارتياح عدد من الفصائل الفلسطينية "، بحسب تعبير البرغوثي، لتطورات الحوار الفلسطيني في الجزائر، وافتقاد الأوراق المطروحة من كل فصيل فلسطيني لرؤية قادرة على رأب الصدع الداخلي، رغم مبادرة الرئيس الجزائري الأخيرة لإطلاق حوار فلسطيني جامع يحقق المصالحة الفلسطينية.
وبحسب تصريحات لمسؤولين في حماس، تتمثل رؤية الحركة للحل في إعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية وإجراء انتخابات شاملة، مع رفض أي اشتراطات مسبقة للحوار.
في مقابل ذلك، تشير تقارير إعلامية إلى أن حركة فتح متمسكة بشرط تشكيل حكومة وحدة وطنية وفق قرارات الشرعية الدولية، ما يعني موافقة حماس على كافة القرارات ذات الصلة، بما فيها اتفاقية أوسلو، كخطوة أولى يتم بعدها إجراء انتخابات.
وبينما تشيد السلطة الفلسطينية بنتائج اجتماعاتها مع المسؤولين الإسرائيليين وتؤكد على ضرورة خلق أفق سياسي جدي يقود الأطراف كافة لعملية سلام تنهي الصراع الدائر بتطبيق حل الدولتين، يرى البعض في سياسة السلطة الفلسطينية تلك، انعكاسا خطيرا على دورها في شارعها ومستقبل المصالحة الداخلية .
بدوره يستبعد المحلل السياسي الفلسطيني خليل شاهين، في حديث إلى بي بي سي أن تكون السلطة الفلسطينة وبشكل خاص الرئيس محمود عباس تعتزم المضي في هذه المرحلة "في طريق يؤدي إلى مصالحة وطنية فلسطينية".
ويشير شاهين إلى اعتقاده أن المصالحة الداخلية، إن حصلت، ستشكل عبئا إضافيا على قدرة اتخاذ القرارات لدى الرئيس عباس مضيفا أن "الرئيس عباس يفضل الاستمرار بذات العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية مع إسرائيل".
فيديو قد يعجبك: