أكراد سوريا يتقدمون داخل سجن هاجمه تنظيم الدولة الإسلامية ويطالبون بدعم دولي
دمشق- (أ ف ب):
تتقدّم القوات الكردية الأربعاء ببطء داخل سجن يتحصّن فيه عناصر مسلحون من تنظيم الدولة الإسلامية منذ ستة أيام في شمال شرق سوريا، في وقت حضّت الإدارة الذاتية المجتمع الدولي على دعمها بسرعة للحؤول دون استعادة التنظيم لقوته.
وشارك أكثر من مئة من مقاتلي التنظيم الموجودين داخل السجن وخارجه، في هجوم منسّق بدأ مساء الخميس على المرفق الذي تشرف عليه الإدارة الذاتية الكردية في مدينة الحسكة، في عملية تعدّ "الأكبر والأعنف" منذ إعلان القضاء على التنظيم في سوريا قبل ثلاث سنوات.
وتعمل قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن على استعادة السيطرة الكاملة على المنطقة.
وتواصل قوات سوريا الديموقراطية وقوات الأمن الكردية (الأساييش) الأربعاء، وفق المرصد، "عمليات التمشيط والتفتيش ضمن مهاجع في السجن" ومحيطه، حيث دارت ليلاً اشتباكات متقطعة بين الطرفين.
وأوقعت الاشتباكات المستمرة منذ الخميس داخل السجن وفي محيطه 181 قتيلاً، وفق آخر حصيلة للمرصد، 124 منهم من عناصر التنظيم و50 من القوات الكردية، إضافة الى سبعة مدنيين.
وأفاد المرصد عن "تقدّم بطيء" داخل أقسام السجن، حيث يتحصّن السجناء المسلّحون وبينهم عدد من مقاتلي التنظيم الذين تمكنوا من الدخول خلال الهجوم، في القسم الشمالي من السجن، بينما تضم أقسام أخرى سجناء من التنظيم ممن شاركوا في العصيان واحتجاز عدد من حراس السجن والعاملين فيه.
وتعمل القوات الكردية على التقدّم تباعاً في تلك الأقسام.
وبحسب المرصد، أسفرت عمليات التمشيط والمداهمة عن تحرير 32 من العاملين في السجن منذ الإثنين، وكان عدد منهم قد ظهروا في شريط فيديو بثّه التنظيم على حسابات جهادية إثر شنّه الهجوم.
وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية الأربعاء أن "عدد الإرهابيين من الذين أجبروا على تسليم أنفسهم ارتفع إلى نحو ألف". واشارت إلى أن عملياتها الأمنية متواصلة لاستعادة السيطرة على السجن متواصلة.
وسجن الصناعة في حي غويران من بين أكبر مراكز الاعتقال التي تشرف عليها الإدارة الذاتية. وكان يضمّ قرابة 3500 مقاتل من التنظيم، بينهم نحو 700 فتى، غالبيتهم ممن تمّ القبض عليهم خلال آخر المعارك التي خاضتها قوات سوريا الديموقراطية ضد التنظيم قبل دحر "دولة الخلافة" عام 2019.
- "نتضور جوعاً" -
في سلسلة تغريدات نشرتها الأربعاء، نقلت مديرة قسم الأزمات والنزاع في منظمة هيومن رايتس ووتش ليتا تايلر عن ثلاثة معتقلين في السجن هم أمريكي وكندي وفتى أسترالي، وصفهم لظروفهم بأنها مأسوية.
وكتبت "يقولون إنهم يخافون من أن يتم إطلاق النار عليهم إذا ما حاولوا الخروج". ونقلت عنهم مطالبتهم "الأمم المتحدة أو أي منظمات دولية بالتفاوض من أجل مخرج آمن لهم".
ونقلت عن سجين عرّف عن نفسه بأنه أميركي وعمره 18 عاماً "نتضوّر جوعاً وعطشاً (..) نحن خائفون. نحتاج إلى من يساعدنا على الخروج من هنا والوصول الى الأمان".
وتوجّه القوات الكردية نداءات الى عناصر التنظيم من أجل "الاستسلام الآمن" وفق مسؤول المكتب الاعلامي في قوات سوريا الديموقراطية فرهاد شامي الذي رفض الحديث عن "تفاوض" معهم.
إلا أن مدير المرصد رامي عبد الرحمن أكّد لفرانس برس الأربعاء أنّ قيادياً سورياً في صفوف التنظيم يتولى التفاوض مع الجانب الكردي لانهاء حالة التمرّد وتأمين الطبابة لعدد كبير من جرحى التنظيم، في خطوة تلقى معارضة المقاتلين الأجانب.
وأكد مسؤول كردي رفيع لفرانس برس إن "الموضوع منته عسكرياً"، لكن "سبب التريّث في الهجوم هو وجود أطفال قصر وللخروج بأقل الخسائر البشرية".
ولا يرى الباحث في معهد "نيولاينز" نيكولاس هيراس مخرجاً لإنهاء الوضع القائم إلا بـ"الهزيمة الكاملة لمقاتلي التنظيم في السجن". أما "السيناريو الكابوس لقوات سوريا الديموقراطية والتحالف بقيادة واشنطن فهو مواجهة طويلة الأمد تقتل المئات، بما في ذلك العديد من الأطفال السجناء".
- "كرة نار" -
وجدّدت الإدارة الذاتية الكردية الأربعاء مطالبتها المجتمع الدولي بالتدخل سريعاً لدعمها للحؤول دون إعادة تنظيم الجهاديين صفوفهم.
وقال مسؤول هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية عبد الكريم عمر لفرانس برس "هذه القضية مشكلة دولية وليس بإمكاننا مواجهتها لوحدنا. هي أشبه بكرة نار تكبر وتزداد خطورة".
وطالب المجتمع الدولي بـ"دعم الإدارة الذاتية لتحسين الظروف الأمنية والإنسانية للمحتجزين في مراكز الاعتقال والموجودين في المخيمات المكتظة" في حال كانت عاجزة عن استعادة رعاياها.
ومنذ إعلان القضاء على التنظيم، تطالب الإدارة الذاتية ذات الإمكانات المحدودة الدول المعنية باستعادة مواطنيها المحتجزين في سجون ومخيمات أو إنشاء محكمة دولية أو مستقلة لمحاكمة الجهاديين في سوريا. لكن مناشداتها لا تلقى آذاناً صاغية. واكتفت فرنسا وبضع دول أوروبية باستعادة عدد محدود من الأطفال اليتامى.
وقال عمر "قضينا على داعش جغرافياً لكننا لم نقض على الفكر الإرهابي. ما حصل في السجن هو ما كنا دائماً نحذّر المجتمع الدولي منه لناحية أنّ ملف مقاتلي داعش وعائلاتهم بمثابة قنبلة موقوتة".
وأضاف "قضينا على دولة داعش جغرافياً لكننا لم نقض على الإرهاب" موضحاً أن كل محاولات الإدارة الذاتية خلال لقاءاتها مع بعثات دبلوماسية غربية لإيجاد "حل جذري" لمراكز الاعتقال والمخيمات المكتضة باءت بالفشل.
ويرى خبراء في الهجوم الأخير على السجن مرحلة جديدة في عودة ظهور التنظيم، الذي انكفأ بعد دحر "خلافته" الى منطقة البادية الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور (شرق) عند الحدود مع العراق.
ونبّه عمر إلى أنّ "الحاضنة لإيديولوجيا داعش موجودة وما لم يقّدم المجتمع الدولي الدعم الكافي والدعم الاقتصادي لتحسين ظروف الناس في منطقة شمال شرق سوريا.. فلا نستبعد سيطرة داعش مجددًا على مناطق واسعة".
فيديو قد يعجبك: