مظاهرات في باريس احتجاجًا على ارتفاع تكاليف المعيشة
باريس - (ا ف ب)
بعد نحو ثلاثة أسابيع من انطلاق شرارة إضرابات أدت إلى إغلاق العديد من محطات الوقود في مختلف أنحاء فرنسا، شارك آلاف الأشخاص في مسيرة بشوارع العاصمة الفرنسية باريس الأحد احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين. ووفق تقديرات الشرطة، فقد بلغ عدد المشاركين في المظاهرة 30 ألف شخص في حين قال المنظمون إن العدد بلغ نحو 140 ألف متظاهر.
نظمت أحزاب اليسار الفرنسية المعارضة لسياسة الرئيس إيمانويل ماكرون الأحد مظاهرة في العاصمة باريس ضد غلاء المعيشة، في ظل استمرار، تشبث الاتحاد العام للعمال بمواصلة إضرابه حتى الثلاثاء، يوم "التعبئة والإضراب" لمختلف القطاعات.
من جهتها، اعتبرت الحكومة أن استمرار إضراب عمال مجموعة "توتال إينيرجيز" الذي يمنع توزيع الوقود في البلاد على الرغم من الاتفاق حول الأجور "غير مقبول".
ودعا تحالف الأحزاب اليسارية "الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد" إلى مظاهرة الأحد احتجاجا على "غلاء المعيشة والتقاعس في مجال حماية البيئة".
وقال مسؤول أمني إنه "تم تحذير المنظمين من إمكانية قدوم أشخاص عنيفين من اليسار المتطرف ومن السترات الصفراء المتطرفين الذين يرغبون في الإخلال بالاحتجاجات".
وحتى العصر لم تسجل خلال التظاهرة صدامات خطيرة، إلا أن واجهات زجاجية تعرضت للتكسير على هامشها كما سجّلت مواجهات.
وقد تدخلت قوات الأمن مرارا مستخدمة الغاز المسيل للدموع بعد تعرّض عناصرها للرشق بمقذوفات. كما عمد ملثّمون إلى سرقة فرعي مصرفين.
وقبل خطاب مرتقب مساء لرئيسة الوزراء إليزابيت بورن، وجه وزير الحسابات العامة غابريال أتال انتقادات إلى "مسيرة لمؤيدي عرقلة البلاد"، في إشارة إلى الإضراب في مصافي ومستودعات شركة توتال إينرجيز الذي بدأ قبل نحو ثلاثة أسابيع، مما أدى إلى نقص في الوقود يؤثر على العديد من قطاعات النشاط الاقتصادي.
وخطط جان لوك ميلانشون زعيم حزب "فرنسا الأبية" اليساري للمسيرة قبل وقت طويل من بدء الإضرابات الحالية. لكن المنظمين يأملون بأن تكسب التحركات العمالية الحالية تظاهرتهم المزيد من الزخم.
في هذا السياق، قالت النائبة البرلمانية عن الحزب مانون أوبري إن "ارتفاع الأسعار لا يحتمل (...) إنه أكبر تراجع في القدرة الشرائية منذ أربعين عاما". مضيفة أن "الوقت حان ليستفيد العمال الذين يحاولون جاهدين كسب عيشهم من المليارات من أرباح الشركات الكبرى".
في المقابل، رأت الحكومة الفرنسية الأحد أن استمرار الإضراب في المجموعة النفطية على الرغم من اتفاق وافقت عليه الأغلبية يؤثر على عدد كبيرة من قطاعات الاقتصاد، مشيرة عبر تصريح لوزير الحسابات العامة غابرييل أتال في مقابلة مع إذاعة "أوروبا 1" وقناة "سي نيوز" وصحيفة "ليزيكو" أن "حق الإضراب موجود بالتأكيد، لكن في لحظة ما يجب أن تبقى البلاد قادرة على العمل".
وأضاف المسؤول الحكومي أن "الأمر المؤكد هو أن هناك عددا قليلا من النقابيين الذين يعطون أحيانا انطباعا بأنهم يجلسون على مصالح الملايين من الفرنسيين".
وتابع الوزير الفرنسي "أعتقد أن هناك عشرات الملايين من الفرنسيين الذين واجهوا في وقت ما هذه الصعوبات، إما محطة وقود مغلقة أو محطة يجب الانتظار فيها بالصف ساعتين أو ثلاث ساعات".
ورأى أتال أنه "من غير المقبول أن يستمر التعطيل بينما وقعت اتفاقات أغلبية لتحسين الأجور في الشركات. أجد هذا الأمر غير مفهوم وهناك حالات تعطيل تشكل إخلالا بالنظام العام".
"اتفاق جزئي"
تم التوصل إلى اتفاق بشأن زيادة الأجور ليل الخميس الجمعة مع اتحادين يمثلان أغلبية العمال هما "الاتحاد الفرنسي الديمقراطي للعمل" و"الاتحاد العام للأطر-الاتحاد العام للكوادر".
وينص هذا الاتفاق على زيادة شاملة في الأجور بنسبة 7 بالمئة من بينها خمسة بالمئة للجميع والباقي قد تختلف من شخص إلى آخر. كما ينص على مكافأة قدرها راتب شهر واحد يبلغ في الحد الأدنى ثلاثة آلاف يورو وعلى الأكثر ستة آلاف يورو.
لكن، بالرغم من ذلك، يواصل الاتحاد العام للعمال يواصل المطالبة بنسبة عشرة بالمئة مقابل "التضخم إلى جانب تقاسم" الأرباح التي حققتها شركة النفط وبلغت 5,7 مليارات دولار (5,8 مليارات يورو) للفصل الثاني وحده من العام.
ويعتزم الاتحاد مواصلة تحركه حتى الثلاثاء، يوم "التعبئة والإضراب" لمختلف القطاعات الذي دعت إليه أيضا نقابات "القوى العاملة" و"متضامنون" و"الفيدرالية النقابية المتحدة".
حاليا يشمل الإضراب ثلاث مصاف للنفط (من أصل سبع) وخمسة مستودعات كبيرة (من أصل حوالي مئتين) ويلقى تجاوبا بدرجات متفاوتة في هذه المواقع، حسب الحكومة.
تحسن طفيف
في المجموع، اعتبر 27,3 بالمئة من محطات الوقود "في وضع صعب"، أي أنها تأثرت بانقطاع مادة واحدة من المنتجات، كما قالت الحكومة، فيما يعد تحسنا طفيفا مقارنة باليوم السابق (28,5 بالمئة).
في منطقة إيل دو فرانس، فهذا المعدل أكبر بكثير، إذ يبلغ 39,9 بالمئة أي أعلى بنحو ثلاث نقاط مئوية.
وفي سين-إي-مارن، تحدثت 84 من 177 محطة عن وجود صعوبة في الحصول على نوع واحد على الأقل من الوقود. لكن إدارة المنطقة تحدثت عن "توجه إلى تحسن مقارنة ببداية الأسبوع" واتخذت "تدابير خاصة لتزويد المزارعين الذين يشهدون فترة حصاد".
وفي محطة للوقود بأحد أحياء مدينة ليل، قالت فيرجيني التي كانت تنتظر دورها لملء خزان سيارة والديها بالوقود، إن "والدي البالغ من العمر 91 عاما لم يتقبل فكرة الانتظار في الطابور لمدة ساعة". وبينما كانت صفوف طويلة من السيارات تغلق الشارع في الأيام الأخيرة، رأت أن "الوضع يهدأ على ما يبدو".
في ليون يشعر سيرج المودوفار، بخيبة أمل. فالمحطة التي ذكر موقع إلكتروني أنها "مفتوحة"، مغلقة في الواقع. وقال "إنه أمر مزعج إذ لم يتبق لدي سوى القليل جدًا من الوقود في الخزان".
وأضاف "من حسن الحظ أن اليوم عطلة. أعيش في ليون وأعمل في فالنسيا جزئيا
واستقل القطار خلال الأسبوع.. آمل ألا يحدث إضراب واسع في القطارات".
في مواجهة هذا "الوضع الاستثنائي"، أصدرت الحكومة مرسومين يمددان حتى 15 تشرين الثاني/نوفمبر استخدام الديزل والوقود الخاص بفصل الصيف بدلا من "نوعية الشتاء" التي يبدأ استخدامها عادة اعتبارا من الأول من تشرين الثاني/نوفمبر.
وقال مصدر في وزارة انتقال الطاقة إن الهدف هو "التمكن من استخدام مخزونات الوقود التي ما كانت لتباع بسبب الإضرابات، بسهولة أكبر".
ومن المقرر أن تتحدث رئيسة الوزراء إليزابيث بورن مساء الأحد عن مشكلة نقص البنزين.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: