بوليسي: فضيحة تجسس لحساب روسيا في السويد تكشف مخاطر تجنيد المقيمين الأجانب
واشنطن- (أ ش أ)
بعد اعتقال السلطات النرويجية ضابطا بالمخابرات العسكرية الروسية كان يعمل كأكاديمي برازيلي الشهر الماضي، ظهرت بالسويد قضية تجسس أكثر دراماتيكية إثر اتهام واعتقال شقيقين، من أصل إيراني، يحملان الجنسية السويدية، أحدهما كان يعمل ضابطا بالمخابرات السويدية، بالتجسس لصالح روسيا منذ مارس 2011 إلى وقت اعتقالهما.
وذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في تقرير لها أن قضية الشقيقين، الذين وجه لهما الادعاء العام في السويد قبل أيام تهمة تقديم معلومات سرية إلى أجهزة الاستخبارات العسكرية الروسية على مدار السنوات العشر الماضية، قد سلطت الضوء على إحدى القضايا الشائكة في عالم المخابرات وهي كيف يمكن للأشخاص الذين ولدوا في دول معادية أن يكونوا عرضة للتجنيد لصالح هذه الدول وحلفائها.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن بيمان كيا، 42 عاما، وأخيه الأصغر بأيام كيا، قدما إلى السويد مع أسرتيهما في فترة ثمانينيات القرن الماضي وحصلا على الجنسية السويدية عام 1994؛ وبعد حصوله على درجة الماجستير من جامعة أوبسالا السويدية، عمل الأخ الأكبر كمحقق بالجمارك السويدية، وبعد بضعة أشهر انتقل للعمل بجهاز الأمن السويدي (SÄPO) المسئول عن مكافحة التجسس.
وفي فبراير عام 2011، انضم بيمان كيا إلى جهاز الاستخبارات العسكرية السويدية (MUST) المسؤول عن الاستخبارات الخارجية، وبعدها بفترة قصيرة بدأ التجسس لصالح الاستخبارات العسكرية الروسية (GRU)؛ ومن المحتمل أن يكون قد جنّد أخاه بعد ذلك لدعمه لوجيستيا في عمليات التواصل مع الاستخبارات الروسية.
وأشارت المجلة إلى استمرار عمل الأخ الأكبر لصالح الاستخبارات الروسية حتى بعد تقلده منصب كبير ضباط الأمن بوكالة الغذاء السويدية اعتبارا من ديسمبر عام 2015، مضيفة أن الأخوين ظلا تحت مراقبة جهاز الاستخبارات السويدي لمدة خمس سنوات قبل اعتقالهما في نوفمبر من العام الماضي بعد الكشف عن فقدان الوكالة بعض المعلومات الحساسة.
وقد استطاع بيمان الوصول إلى العديد من الوثائق السرية التي تقع خارج نطاق مسئوليته، ويُشتَّبه في تورطه مع أخاه في تقديمها للاستخبارات الروسية مقابل مكافآت سخية من الذهب والدولارات الأمريكية.
وأوضحت المجلة أن استخدام أسرة الأخوين للأوراق النقدية في مشترياتها اليومية كان بين الإشارات التي أثارت شكوك السلطات السويدية في أمرهما، لاسيما في بلد يقل فيه تداول العملات الورقية بشكل كبير.
وعن الدور الإيراني في القضية، نقلت "فورين بوليسي" عن بير ثونهولم، أحد كبار الاستشاريين المتخصصين في الدراسات الاستخبارية بكلية الدفاع الوطني السويدية، أن الدور الذي لعبته إيران في هذه القضية لم يُعرف بعد، لكن علاقات التعاون الاستخباراتي بين روسيا وإيران معروفة، مضيفا أن العمل الاستخباراتي يشبه الرياضات الجماعية.
كما أشار ثونهولم إلى أن الإيرانيين عندما اخترقوا الاتصالات السرية لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) نقلوا هذه المعلومات إلى الصينيين وتحالف العيون الخمس الاستخباري الذي تشكل الولايات المتحدة وبريطانيا جزء منه.
وأوضح أن أجهزة الاستخبارات السويدية لطالما كانت ترفض في الماضي تعيين أي شخص مولود في أي دولة معادية مخافة تجنيده من جانب أجهزة استخبارات الدولة الأم وحلفائها، وتعتمد العديد دول المنطقة هذه السياسة، مضيفا أن بعض دول المنطقة مازالت تحافظ على هذه السياسة إلا أن السويد خففت من نهجها في هذا الشأن خلال السنوات الأخيرة.
ونوهت المجلة بأن هذه القضية تدق ناقوس الخطر بشأن براعة أجهزة الاستخبارات الروسية في تجنيد العملاء، لاسيما وأن الدول الأوروبية أصبحت موطنا لأعدادا كبيرة من المقيمين المولودين في دول أجنبية أكثر من ذي قبل، مما يمنح روسيا (وكذلك الصين) فرصا أكبر لتجنيد العملاء، خاصة مع وجود علاقات وثيقة بين روسيا وهذه الدول، على حد قول "فورين بوليسي".
ورغم الأدلة الدامغة المقامة ضدهما، ينكر بيام كيا وبايام كيا، اللذان يواجهان أحكاما بالسجن قد تصل لمدة 25 عاما، جميع الاتهامات المنسوبة إليهما.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: