بعد إقناع موسكو بالعودة لاتفاق الحبوب.. ما مصلحة تركيا؟
كتبت – سلمى سمير
تراجعت روسيا عن قرار تعليق اتفاق تصدير الحبوب عبر الموانئ الأوكرانية، وذلك بعد وساطة تركية لاستمرار تدفق الحبوب إلى الدول خاصة الفقيرة.
وفي خطاب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لأعضاء حزبه في البرلمان أمس، قال إن شحنات الحبوب ستذهب للدول الفقيرة في أفريقيا، تماشياً مع اقتراح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بإعطاء أولوية لدول مثل الصومال وجيبوتي والسودان.
الوساطة التركية في أزمة تصدير الحبوب الأخيرة، ليست الأولى منذ بدء الحرب الأوكرانية في 24 فبراير الماضي، إذ أعلنت في سبتمبر الماضي، أن شحنات الحبوب ستصل إلى الدول المحتاجة بعد اعتراض بوتين على آلية سير الاتفاق حين اعتبره لا يسير وفق ما عقد لأجله.
وقال بوتين آنذاك إن الغرب لم يكن نزيهاً بما يكفي فيما يتعلق باتفاق اسطنبول حيث أن الدول الفقيرة لا تستفاد من الاتفاق مع ذهاب الشحنات للدول الغربية، لافتاً إلى إعلان برنامج الأغذية العالمي الذي نبه إلى وصول سفينتين فقط من أصل 87 إلى الدول المحتاجة فيما يمثل نسبة 3% فقط، وكان هذا خلال الجلسة العامة لمنتدى الشرق الاقتصادي، المنعقد في مدينة فلاديفوستوك الروسية.
وتم التوقيع على اتفاقية إسطنبول في 21 يوليو الماضي، بوساطة كلاً من تركيا والأمم المتحدة مع سعي الأمين العام لها أنطونيو جوتيريش، منذ إبريل الماضي لعقد اتفاق مع زيارته بشكل منفرد لكل من الرئيسين الروسي والأوكراني، لمحاولة الاتفاق على استئناف تصدير شحنات الحبوب المتكدسة في موانئ البحر الأسود منذ اندلاع الحرب ولتجنب حدوث مجاعة عالمية، مع إعلان برنامج الأغذية العالمي إن 37 مليون شخص وصلوا لمرحلة الجوع الشديد بسبب تبعات الحرب وباعتبار كلاً من موسكو وكييف أكبر مصدري للحبوب في العالم، حيث اعتادت الأخيرة على تصدير 5 ملايين طن متري من الحبوب بشكل شهري، وفق موقع سكاي نيوز.
لماذا علقت روسيا مشاركتها بالاتفاق؟
أرجعت موسكو سبب تعليق الاتفاق، للهجوم العسكري على أسطولها البحري المتواجد في خليج سيفاستوبول، في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا من أوكرانيا عام 2014 وألقت فيه باللوم على القوات الأوكرانية المتعاونة مع حليفتها البريطانية في الهجوم، حيث قالت وزارة الدفاع الروسية في بيان لها على تليجرام، "بالنظر إلى العمل الإرهابي الذي نفذه نظام كييف بمشاركة خبراء بريطانيين ضد سفن في أسطول البحر الأسود وسفن مدنية تشارك في ضمان أمن ممرات نقل الحبوب، تعلق روسيا مشاركتها في تطبيق الاتفاق حول صادرات المنتجات الزراعية من المرافئ الأوكرانية".
جاء رد وزارة الدفاع البريطانية بوصف تلك الاتهامات بـ "الادعاءات الخاطئة" مشيرة أن موسكو تعمل على "تحويل الانتباه"، في حين أشار مسؤول أوكراني إلى أن الحادث سببه "تعامل القوات الروسية بإهمال مع متفجرات".
وتأتي الحاجة إلى ممر الحبوب مع زرع كييف لألغام على طول موانئها البحرية، كوسيلة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي، وظهرت الحاجة لوجود ضمانات روسية وأوكرانية أنه لن يتم استهداف سفن الحبوب من قبل القوات الروسية، كذلك لن يتم استغلال السفن بأي شكل لتهريب الأسلحة، مع إشراف الأمم المتحدة وتركيا كضامنين للاتفاق.
هل تستفيد تركيا من الوساطة؟
استطاعت أنقرة من خلال الاتفاق أن تكون لاعب دولي أساسي مع استغلالها لوثاقة علاقتها مع موسكو وإن تخللها بعض الشوائب، والعمل على إنجاح الاتفاق بلعب دور الوسيط المحايد بين الجانبين الروسي والأوكراني، حيث رفضت تركيا الموافقة على فرض عقوبات على روسيا وفي نفس الوقت قامت بإرسال المساعدات الإنسانية إلى كييف.
تم إنشاء مركز تنسيق مشترك، في إسطنبول المطلة على مضيق البوسفور، وتم وصفه من قبل الأمم المتحدة بـ"القلب النابض للعملية" بوصفه المسئول عن مراقبة حركة جميع السفن وتفتيشها، ويتواجد بالمركز مسؤولون من الأمم المتحدة وتركيا وروسيا وأوكرانيا.
ويشرف المركز والعاملين به على تفتيش كافة السفن التي تصل إلى الميناء التركي وتذهب منه، من خلال صعود كافة الأطراف الأربعة للسفن والتأكد على خلوها من أي أسلحة.
وتمتلك أنقرة في وساطتها للاتفاق هدف خفي، إذ تسعى حليف الناتو والمرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي منذ 1999، للانضمام للتكتل الأوروبي من خلال اكتساب صورة مثالية لدى القوى الدولية، عملت عليها منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا من خلال تبنيها وساطة حل النزاع بين البلدين، ففي الوقت الذي بلغت فيه تدهور العلاقات بين روسيا والغرب ذروتها، احتفظت أنقرة بعلاقة جيدة مع بلدي النزاع مما أهلها لقيادة مباحثات سلام بينهم، تلاه نجاحها في إبرام اتفاقية تصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية، الأمر الذي جعلها لاعب مهم على الساحة الدولية.
فيديو قد يعجبك: