من هو "قاتل البكيني" تشارلز سوبراج الذي ارتكب أكثر من 20 جريمة قتل عبر آسيا؟
باريس- (بي بي سي):
أُطلق سراح سفاح فرنسي معروف بلقب "الثعبان" من سجن في نيبال، وكان قد أُدين بارتكاب عدة جرائم بحق سياح غربيين في آسيا في السبعينيات من القرن الماضي.
فقد تم الإفراج عن تشارلز سوبراج، البالغ من العمر 78 عاما، بعد أن قضت المحكمة العليا في نيبال بذلك إثر نجاح فريقه القانوني في تقديم التماس للحصول على تخفيض لفترة العقوبة بسبب سنه وحسن سلوكه.
وكان سوبراج قد أمضى 19 عاما في السجن في نيبال لقتله سائحتين إحداهما أمريكية والثانية من كندا في عام 1975.
من هو تشارلز سوبراج؟
وُلد تشارلز جورموخ سوبراج في 6 ابريل من عام 1944 في سايجون بفيتنام في وقت كان الجيش الياباني قد انتزع السيطرة فيه على البلاد من الفرنسيين. كانت والدته الفيتنامية فتاة متجر غير متزوجة ووالده تاجر هندي من مومباي أنكر أبوته فهجر العائلة بعد ولادة سوبراج بوقت قصير.
تبنى سوبراج صديق والدته الجديد، وهو ملازم في الجيش الفرنسي متمركز في سايغون وقد تزوجها لاحقا، وانتقلت العائلة إلى مرسيليا بفرنسا التي حصل على جنسيتها.
وكانت طفولته غير مستقرة، حيث كانت الأسرة تتنقل باستمرار بين فرنسا والهند الصينية، ولم يشعر بالراحة أبدا في أي مكان.
ومنذ طفولته بدأت تظهر مشاكل في شخصيته وخاصة عدم الانضباط. وفي سن المراهقة، تحول إلى الجرائم الصغيرة، والتي سرعان ما بدأت تتصاعد وتخرج عن نطاق السيطرة.
كان رفض والده الاعتراف به قد أثار استياء ومرارة كبيرة لدى الصغير سوبراج الذي كتب في يومياته: "ستأسف لأنك لم تقم بواجباتك كأب"، كان ذلك تنبؤا في محله وتحقق بشكل مرعب.
قاتل متسلسل
أُطلق عليه لقب "الثعبان" بسبب موهبته في التنكر وقدرته على الهروب من السجن، كما لقب بـ "قاتل البكيني" بسبب صلته بجريمتي قتل تتعلقان بشابتين كانتا ترتديان البكيني.
منذ عام 1963 وسوبراج يدخل السجن ويخرج منه لارتكابه مجموعة متنوعة من الجرائم، بما في ذلك السطو المسلح وسرقة السيارات. وقد خدم فترة في الجيش في فرنسا والهند وأفغانستان.
ثم تحول إلى القتل، وكان أسلوبه دائما هو نفسه فقد استفاد من ثقافة المخدرات العالمية الحديثة العهد لمصادقة السياح الشباب الناطقين بالفرنسية أو الإنجليزية ثم قتلهم.
وارتبط سوبراج بسلسلة من جرائم قتل السياح في السبعينيات من القرن الماضي في الهند وتايلاند ونيبال وتركيا وإيران.
وبين عامي 1972 و 1982، تورط في أكثر من 20 عملية قتل تم فيها تخدير الضحايا ثم خنقهم أو ضربهم أو حرقهم. وكان معظم ضحاياه من الشباب الغربيين الذين كانوا يجوبو ن الهند وتايلاند.
وكانت حياته محور أحداث مسلسل "الثعبان" الذي أنتجته بي بي سي ونتفليكس في عام 2020.
السقوط
جاء أول سقوط كبير له في يوليو من 1976 بعد محاولته تخدير مجموعة من السياح الفرنسيين في نيودلهي. وعندما أثرت الحبوب المخدرة على بعضهم بشكل أسرع من الآخرين، كان لدى ثلاثة من ضحاياه الوقت الكافي لمهاجمته وتنبيه السلطات.
حُكم عليه بالسجن لمدة 12 عاما، وقد عاش حياة مرفهة في سجنه مع قيامه برشوة الكثير من الحراس.
ويقال إن قدرته على العنف لا تضاهيها إلا قدرته على الهروب من السجن.
في عام 1971، هرب من السجن في الهند بالتظاهر بالتهاب الزائدة الدودية وهرب من المستشفى.
لكن تم اعتقاله في عام 1976 إثر محاولته تخدير السياح الفرنسيين، ولكن بعد 10 سنوات قام بعملية هروب أكثر جرأة هذه المرة بإقامة حفل عيد ميلاده حيث تمت دعوة الحراس والسجناء على حد سواء.
وتم حقن العنب والبسكويت الذي تم تقديمه للضيوف سرا بأقراص منومة، مما أدى إلى إصابة الجميع باستثناء سوبراج و4 آخرين هربوا معه.
وذكرت الصحف الهندية أنهم كانوا متغطرسين للغاية بشأن هروبهم لدرجة أنهم صوروا أنفسهم وهم يسيرون عبر بوابات السجن في شوارع دلهي.
وخلال رحلة هروبه، تصرف كطالب يقضي إجازة أكثر من كونه سجينا يائسا على استعداد لعدم التوقف عند أي شيء للهروب من العدالة، فقد شرب علانية في الحانات، وفي إحداها، عرض مسدسا إيطاليا على أولئك الذي كانوا يتناولون الجعة في تلك الحانة..
وقال فيما بعد إنه لم يرد الهرب، ولكن أراد تجنب تسليمه لتايلاند حيث يواجه عقوبة الإعدام بسبب 5 جرائم قتل ارتكبها هناك، لذلك دبر هروبه بهذه الطريقه كي يتم تمديد الحكم ضده ويظل في سجنه بالهند.
نجحت خطته، وعندما تم القبض عليه مُددت عقوبته لمدة 10 سنوات بشكل ضمن سقوط عقوبة الإعدام في تايلاند بالتقادم، والتي تسقط بعد 20 عاما.
أُطلق سراحه عام 1997، وعاد إلى فرنسا حيث كان يعيش حياة مريحة. وفي عام 2003 انتقل إلى نيبال، وسرعان ما تم اعتقاله بتهمة السفر بجواز مزور والقتل. وكما في القضايا الأخرى المرفوعة ضده، نفى التهم الموجهة إليه.
لكن قالت الشرطة إن لديها "حقيبة مليئة" بالأدلة ضده. وحُكم عليه بالسجن المؤبد في العام التالي لقتله الكندية لوران كاريير والأمريكية كوني جو برونزيتش في عام 1975.
وبعد إعلان الحكم، قال سوبراج للصحفيين في العاصمة النيبالية كاتماندو إنه سيستأنف الحكم. وقد تم رفض استئنافه.
وفي عام 2004، قال كاتب سيرته الذاتية، الكاتب الأسترالي ريتشارد نيفيل، إن سوبراج اعترف له بارتكاب عدد من جرائم القتل. وفي وقت لاحق نفى سوبراج ذلك.
لديه ابنة واحدة هي أوشا سوبراج التي وُلدت في أوائل السبعينيات في مومباي في الهند. وفي عام 1973 فر والدها مصطحبا إياها ووالدتها شانتال كومباجنون إلى أفغانستان، وقد تم ضبط الأسرة عند الحدود الأفغانية الإيرانية وسُجن في كابل فيما أُرسلت أوشا إلى جديها لأمها في فرنسا.
في كابل قام بتخدير حرسه وهرب إلى باريس حيث قام بتخدير حماته وخطف طفلته الصغيرة، ولكن سرعان ما سُجن مجددا ليتم إرسالها من جديد لجديها لأمها. وفي ذلك الوقت اُطلق سراح والدتها شانتال كومباجنون من سجنها في كابل فعادت إلى فرنسا وحصلت على حكم قضائي بحضانة ابنتها وانتقلا إلى الولايات المتحدة لتبقيها بعيدة عن والدها.
في عام 2008، أثناء وجوده في السجن، تزوج من نيهيتا بيسواس، وهي امرأة نيبالية تصغره بـ 44 عاما وابنة محاميه.
إطلاق سراحه
كان سوبراج يقضي حكمين بالسجن مدى الحياة، كل منهما 20 عامًا، في عاصمة نيبال بتهمة قتل امرأة أمريكية، وهي كوني جو برونزيتش، وأخرى كندية، هي لوران كاريير. وقد أدين في محاكمتين منفصلتين، آخرهما في عام 2014 عندما حُكم عليه بالسجن لمدة 20 عامًا في سجن شديد الحراسة بتهمة قتل كاريير.
لكن المحكمة العليا في نيبال أمرت بالإفراج عن سوبراج يوم الأربعاء بعد أن نجح فريقه القانوني في تقديم التماس للحصول على تخفيض لفترة العقوبة بسبب سنه وحسن سلوكه.
ويسمح بند في القانون النيبالي بإطلاق سراح السجناء الذين أظهروا حسن السلوك وأمضوا 75 في المئة من فترة سجنهم.
وقالت وكالة فرانس برس إن الحكم نص على أن "إبقائه في السجن بشكل مستمر لا يتماشى مع حقوق السجين الإنسانية"، كما يُشار إلى العلاج المنتظم لأمراض القلب كعامل آخر في إطلاق سراحه.
فيديو قد يعجبك: