10 أشهر من المعارك.. هل فشلت روسيا في "الحرب الخاطفة" بأوكرانيا؟
كتب- محمد صفوت:
قبل اندلاع الحرب الأوكرانية في 24 فبراير الماضي، رجحت توقعات انتهائها في غضون أيام قليلة إذ تواجه كييف الساعية وقتها للانضمام لحلف الناتو وحدها، الدب الروسي مع فارق واضح في قدرات الدولتين عسكريًا واقتصاديًا، السيناريوهات بالاستيلاء على العاصمة الأوكرانية خلال أيام قليلة من "عملية عسكرية" باءت بالفشل إذ دخلت الحرب شهرها العاشر دون مؤشرات حالية على قرب انتهائها.
مع استمرار مقاومة أوكرانيا للقوات الروسية وتكبيدها خسائر قدرتها الأركان العامة الأوكرانية بنحو 100 ألف جندي روسي، بينما لم تؤكد أو تنفي موسكو حقيقة الأمر، عرض الرئيس فلودومير زيلينسكي مقترحًا على عدد من زعماء العالم بينهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، لعقد قمة للسلام لإنهاء الصراع، على الأخذ في الاعتبار المناطق الأوكرانية الأربع التي أعلنت روسيا ضمها.
وتدعو خطة السلام التي قدمها زيلينسكي إلى سحب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية المعترف بها دوليًا مما يعني تخلي روسيا عن المناطق الأربع التي أعلنت ضمها (دونيتسك ولوجانسك وخيرسون وزابوريجيا) إلى جانب شبه جزيرة القرم التي استولت عليها موسكو عام 2014.
بينما لا تفرض روسيا سيطرتها الكاملة على أي من المناطق الأربع إذ تشهد تلك المناطق معارك عنيفة بين الجيشين، رفض الكرملين مقترحات أوكرانيا للسلام المؤلفة من 10 نقاط، مؤكدًا أن أي مقترح للسلام يجب أن يأخذ في الاعتبار "حقائق اليوم" فيما يتعلق بالمناطق الأوكرانية الأربع التي ضمتها روسيا، وما بين خطة السلام المقترحة واستمرار الحرب يتساءل البعض هل فشلت روسيا في حسم الحرب الأوكرانية؟.
هل فشلت روسيا في أوكرانيا؟
التقديرات الخاطئة تجد أصداء حتى الوقت الراهن، إذ توقع خبراء غربيون قبل اندلاع الحرب انتهائها في غضون أيام، وسقوط كييف في أيدي الدب الروسي وتغيير النظام الأوكراني، رغم ذلك دخلت الحرب شهرها العاشر.
ومنذ أيام أعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن بلاده تواجه صعوبات في روسيا، وأقر بارتكاب أخطاء في سعيه لتعبئة نحو 300 ألف من جنود احتياط للجيش الروسي من أجل الحرب الأوكرانية، مؤكدًا إن على الجيش الروسي التعلم من المشكلات التي عانى منها في أوكرانيا وحلها، وذلك في خطاب ألقاه أمام رؤساء الدفاع في موسكو.
وأعلن بوتين الأحد الماضي، في حديث مع قناة "روسيا 1" الرسمية، إن بلاده مستعدة للتفاوض مع كل أطراف الصراع الأوكراني بشأن حلول مقبولة للحرب في أوكرانيا. ومطلع ديسمبر الجاري أقر بوتين بأن بلاده تستعد لحرب طويلة الأمد في أوكرانيا، يصور بوتين تحركات بلاده في أوكرانيا على أنها "عملية عسكرية خاصة" وأنها كانت لحظة فارقة قررت فيها موسكو أخيرا التصدي لتكتل غربي يتهمه بالعمل على "تدمير" روسيا.
فشل القيادة الروسية وراء إطالة أمد الحرب
أرجعت تقارير استخباراتية غربية منذ اندلاع الحرب أسباب إطالة أمدها إلى فشل القيادة الروسية في حساباتها بشأن أوكرانيا، واعتمادها على معلومات غير دقيقة وفشل جهاز الاستخبارات الروسي في احتواء الحكومة الأوكرانية أو إقامة نواة صلبة موالية لروسيا، أو إزاحة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من السلطة، وفقًا لـ"واشنطن بوست".
لم تُقيم الاستخبارات الروسية بدقة الدعم الذي تلقته كييف لمواجهتها وإطالة أمد الحرب والرد بقوة على الأرض في المعارك، فلم تستوعب القيادة الرد الأوكراني والهجمات المتبادلة التي حدثت.
الانتكاسات المريرة على الأرضي، كانت سببًا في إحداث تغييرات بين قادة الحرب في أوكرانيا، إذ تولى الجنرال الروسي ألكسندر دفورنيكوف قيادة القوات الروسية في أوكرانيا بعد شهرين من الحرب، ولم يستمر بعد التفجيرات التي استهدفت جسر القرم في أكتوبر الماضي، وعينت روسيا جسوروفيكين بدلاً منه. ومنذ بداية الحرب اعتمدت موسكو تغييرات كبيرة، طالت جنرالات بارزين في قيادة الجيش الروسي.
الدفاعات الجوية الأوكرانية والدعم الغربي
تحدثت صحيفة "نيويورك تايمز" عن أسباب الفشل الروسي في أوكرانيا، مرجعة ذلك إلى اعتماد موسكو على الخرائط القديمة ومعلومات استخباراتية سيئة، ما ترك الدفاعات الجوية الأوكرانية سليمة وجاهزة للدفاع عن البلاد، على عكس ما حدث في المعارك السابقة في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا عام 2014.
وتقول مصادر أوكرانية إن روسيا خسرت مئات الطائرات والمروحيات منذ بدء الغزو في 24 فبراير الماضي. ورغم عدم تأكيد صحة الادعاء، إلا أن استخبارات غربية تشير إلى تكبد السلاح الجوي الروسي خسائر كبيرة خاصة في الخطوط الأمامية ما أعاق قدرته على شن هجمات داخل العمق الأوكراني، ما دفعه إلى الاستعانة بطائرات مسيرة والهجمات الصاروخية.
يشار إلى واشنطن تعهده بمد أوكرانيا بصواريخ "باتريوت" (نظام دفاع جوي بعيد المدى) خلال زيارة زيلينسكي إلى واشنطن في ديسمبر الجاري، الأمر الذي حذرت منه موسكو مشيرة إلى أنه سيؤدي إلى تصعيد الصراع ولا يبشر بالخير.
وتقدم أوروبا وأمريكا مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا بالمليارات، ومن الصعب حساب مقدار المساعدات العسكرية التي تتلقاها أوكرانيا بالضبط.
اتساع رقعة المعارك
الحرب الخاطفة التي سعت لها موسكو من البداية أصبحت حلمًا بعيد المنال، إذ اتسعت رقعة المعارك بين القوات المتحاربة، ولعل اتساع تلك الرقعة كان سببًا في فشل روسيا في الحرب حتى الآن وإطالة أمدها.
في بداية الحرب استولت القوات الروسية على أراضي واسعة أكبر مما تستطيع الدفاع عنها، وتركت موسكو بتلك المناطق قوات انفصالية ومجندين غير مدربين ومجهزين بشكل جيد، مع معدات قديمة و مطبوعات إرشادية تصف كيفية استخدام البنادق. مع استمرار إرسال روسيا قوات للاستيلاء على أراضي جديدة.
قدرات أوكرانيا في صد الهجمات الإلكترونية
يبدو أن كييف استعدت جيدًا لصد الهجمات الروسية الإلكترونية التي أكد الخبراء أن موسكو ستبدأها قبل شنها الغزو عسكريًا، وفشلت موسكو فيما يراه المسؤولين أول اختبار كبير للأسلحة الإلكترونية في الحرب الفعلية.
توقع الخبراء قبل بدء الحرب، أن تشل موسكو أوكرانيا بهجمات إلكترونية كبيرة إذ كانت هدفًا لأعمال قرصنة خلال السنوات الماضية بالفعل، وقبل الحرب بأسبوع واحد تعرضت أوكرانيا لهجمات سيبرانية وصفته بأنها "أكبر هجوم من نوعه" وقبل الحرب بيوم واحد تعرضت لهجوم آخر.
الاستعداد الأوكراني يبدو أنه صد الكثير من تلك الهجمات خاصة مع مساعدة من فريق الاستجابة السيبرانية السريع التابع للاتحاد الأوروبي لتعزيز الدفاعات الأوكرانية ضد الهجمات الإلكترونية.
ومع استمرار المعارك وإصرار الجانبين على تحقيق مكاسب عسكرية قبل إنطلاق أي حوار للسلام، يبدو أن الحرب في أوكرانيا ستزيد من حرارة شتاء جديد في أوروبا.
فيديو قد يعجبك: