بنيامين نتنياهو: هل شكل فعلا "الحكومة الأكثر تطرفا" في تاريخ إسرائيل؟
(بي بي سي):
ينتهي عام 2022، بتشكيل حكومة جديدة في إسرائيل قد تكون الأكثر تطرفا في التاريخ، بعد أربع سنوات من أزمة سياسية داخلية أدلى خلالها الإسرائيليون بأصواتهم في خمس جولات انتخابية جرت في أبريل 2019، سبتمبر 2019، مارس 2020، مارس 2021 ومن ثم نوفمبر 2022.
وأفضت نتائج الانتخابات الخامسة إلى حصول معسكر زعيم حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، على 64 مقعدا من أصل 120 في الكنيست الإسرائيلي، ليكلف بعد ذلك الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، نتنياهو بتشكيل حكومة خلال 28 وعشرين يوما، منح بعدها تمديدا لعشرة أيام إضافية، وفي دقائقها الأخيرة أعلن نتنياهو عن نجاحه في تشكيل حكومة.
ما شكل الحكومة الجديدة؟
تتألف الحكومة الجديدة من أحزاب تعرف باليمينية واليمينية المتطرفة، وهي حزب الليكود بقيادة بنيامين نتنياهو الذي حصل على 32 مقعدا في الكنيست، وحزب الصهيونية الدينية بقيادة بتسلئيل سموتريتش، إلى جانب عوتسماه يهوديت بقيادة ايتمار بن غفير وحزب نوعم بقيادة آفي ماعوز، وهي ثلاثة أحزاب خاضت الانتخابات في تحالف تقني وانفصلت بعد ذلك.
وتوصف الأحزاب الثلاثة بالمتطرفة بمواقفها تجاه العرب والمثليين والتيارات الأخرى، وهي تعكس التيار الديني الصهيوني المتطرف الذي يشدد على تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، بالإضافة إلى تعزيز دخول جماعات يهودية الى باحات المسجد الأقصى.
وكان ايتمار بن غفير قد بدأ مسيرته السياسية تابعا لحركة كاخ المحظورة والتي أسسها الحاخام، مائير كاهانا، ويعرف بمواقفه العدائية والمتطرفة تجاه الفلسطينيين، إذ وجهت ضده العشرات من التهم بالضلوع في أحداث شغب وتخريب ممتلكات وحتى التحريض على العنصرية وتأييد منظمات إرهابية.
وسيتولى بن غفير منصب وزير الأمن القومي، فيما سيحصل سموتريتش لعامين على حقيبة وزارة المالية وسيكون أيضا وزيرا ثانيا في وزارة الدفاع الإسرائيلية، وكلاهما من المستوطنين في الضفة الغربية.
وتضم الحكومة أيضا حزبين متدينين متشددين وهما يهودت هتوراة وشاس، بعد حصولهما على مجموع 18 مقعدا في الكنيست، إذ تعتبر يهدوت هتوراه تحالفا لمجموعة من الأحزاب الدينية من الأصول الأوروبية ذوي توجهات متشددة ومتزمتة في ممارساتهم الدينية.
ويمثل حزب شاس اليهود الشرقيين من المجتمع اليهودي المتدين والحريديم الذين قدمت عائلاتهم من دول عربية في بداية الخمسينيات، وترى هذه الأحزاب المتدينة نفسها تمثيلا لمصالح جمهورها المتدين الحريدي اليومية.
ما يميز الانتخابات الأخيرة هو صعود أحزاب تيار الصهيونية الدينية والتي تمثل أقصى اليمين الإسرائيلي، وتحولها للقوة الثالثة في الكنيست الإسرائيلي والثانية في الحكومة الجديدة.
ورغم عدم وضوح ماهية الاتفاقات الائتلافية بين الأحزاب، إلا أن خطة توزيع الحقائب الوزارية الأولية أثارت جدلا واسعا في المجتمع الإسرائيلي، إذ سيحصل ايتمار بن غفير على وزارة الأمن القومي التي كانت تعرف بوزارة الأمن الداخلي لكن بصلاحيات واسعة.
بالإضافة إلى حصول بتسلئيل سموتريتش على وزارة المالية، ويبدو أن حزبه سيحصل على منصب وزير في وزارة الدفاع ذي صلاحيات محدودة تتعلق بالإدارة المدنية للاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.
فيما يتوقع أن يعين رئيس حزب نوعم آفي ماعوز في منصب وزير مع نقل صلاحيات وملفات من وزارة التربية والتعليم لصالحه.
ما هي توجهات الحكومة الداخلية؟
أثارت التعيينات الوزارية غضبا قضائيا كونها تتطلب تغييرات تشريعية تمس بالبنية المؤسساتية في إسرائيل على حد وصف مسؤولين سياسيين.
ويرى حقوقيون ومسؤولون في جهاز القضاء الإسرائيلي أن التشريعات الجارية تمثل انقلابا على البنية المؤسساتية للحكم، وقد تكون خطيرة على شرائح المجتمع الإسرائيلي وربما قد تقود إلى صدام مباشر بين الشرائح العلمانية والدينية في إسرائيل.
وتتمثل التشريعات القانونية التي سعى نتنياهو على تسريع تمريرها لإرضاء أعضاء حكومته قبل أداء اليمين الدستورية، في منح زعيم حزب شاس، آرييه درعي، إمكانية تولي حقيبة وزارية، رغم ادانته بالتهرب الضريبي، وذلك بتشريع قانون يقضي بأن من فرض عليه السجن الفعلي فقط يكون ممنوعا من تولي حقيبة وزارية.
فيما سارع أيضا بتمرير قانون يوسع صلاحيات وزير الأمن القومي ويمنحه صلاحيات تجعله القائد العام للشرطة، ما لاقى معارضة المستشارة القانونية للحكومة، والمستشارة القانونية للكنيست، والنيابة العامة.
وحذرت المستشارة القانونية للحكومة من تسيس جهاز تطبيق القانون عبر سلسلة التشريعات هذه وجعل إسرائيل أقل ديمقراطية على حد وصفها.
وسرّع نتنياهو أيضا من مساعيه لتشريع قانون يسمح بالحصول على صلاحيات وزير في وزارة الدفاع، عبر تعديل "قانون أساس الحكومة" لتعيين وزير إضافي في الوزارة.
وتزداد المخاوف في المجتمع الإسرائيلي من أن تؤثر تركيبة الحكومة على الفئات المثلية والنساء أيضا رغم تأكيد نتنياهو عدم مساس حكومته بأفراد هذه الفئات.
إلا أن صحيفة إسرائيلية كشفت مؤخرا عن إعداد حزب نوعم، المتحالف في الحكومة، "قائمة سوداء" لعشرات الإسرائيليين المثليين العاملين في مجال الأخبار والاعلام والنساء اليساريات اللاتي توصفن بالمتطرفات.
تزايد المخاوف الفلسطينية مع تولي اليمين الإسرائيلي المتطرف السلطة
الخطر والتطرف في حكومة إسرائيل الجديدة - الفايننشال تايمز
من هو ياريف ليفين الذي انتخب رئيساً للكنيست الإسرائيلي؟
ما هي توجهات الحكومة الجديدة تجاه الفلسطينيين؟
وتزداد المخاوف من أن الحكومة الجديدة قد تزيد من انتهاك حقوق الفلسطينيين وتعزز الاستيطان في الضفة الغربية بالإضافة إلى تغيير الوضع الراهن في المسجد الأقصى، وهي توجهات الأحزاب المتحالفة في الائتلاف.
وبحسب مصادر إعلامية إسرائيلية، طلب ممثل عن حزب عوتسماه يهوديت خلال مفاوضات تشكيل الحكومة مناقشة تغيير الوضع الراهن في الحرم القدسي، وذلك لبحث السماح لليهود بالصلاة هناك.
وأشارت المصادر إلى أن حزب الليكود بزعامة نتنياهو رفض الطلب بشكل قاطع، ولم تطرح القضية أخيرًا للنقاش في إطار المفاوضات بين الطرفين.
وأشارت مصادر إعلامية أخرى إلى توصل حزب الصهيونية الدينية بزعامة بتسلئيل سموتريتش إلى اتفاق مع نتنياهو حول طرح قرار حكومي خلال 60 يوما من أداء الحكومة اليمين الدستورية لتنظيم مستوطنات شابة في جميع أنحاء الضفة الغربية، وتنظيم ملف مستوطنة حومش المخلاة.
وذكرت مصادر في حزب الصهيونية الدينية ان نتنياهو وافق على نقل سلطة إدارة الحياة المدنية للمستوطنين في الضفة الغربية الى الوزارات الإسرائيلية.
وبحسب صحيفة يسرائيل هيوم اتفق حزب الليكود وحزب عوتسما يهوديت في إطار مفاوضات تشكيل الحكومة على سن قانون عقوبة الإعدام للفلسطينيين من منفذي العمليات حتى إقرار موازنة 2023.
ولم يتفق الطرفان على صيغة القانون، لكن المخطط هو ان يقدم بن غفير قانونا يمنح الامكانية من خلال قانون العقوبات المدني لعقوبة الإعدام لمنفذي عمليات ضد إسرائيل، اذ تتواجد عقوبة الإعدام هذه اليوم في القانون العسكري فقط.
فيديو قد يعجبك: